تشارلز كوين كاو Charles K. Kao؛ عرّاب اتصالات الألياف البصرية

كان شائعاً أن الألياف الزجاجية غير مناسبة بوصفها موصلاً للمعلومات بسبب فقد الإشارة على نحو مفرط من تشتت الضوء؛ إلى أن جاء من يدرك أنه يمكن تصنيع حزم من الألياف الرقيقة التي يمكن أن تحمل كميات هائلة من المعلومات عبر مسافات طويلة مع الحد الأدنى من إضعاف الإشارة، وأن هذه الألياف يمكن أن تحل محل الأسلاك النحاسية للاتصالات؛ وذلك من خلال تنقية الزجاج بعناية (1). 

يُعرف تشارلز كوين كاو Charles K. Kao بأنه "أبو اتصالات الألياف البصرية" وذلك لاكتشافه في الستينيات خصائص فيزيائية معينة للزجاج، مما وضع الأساس لاتصالات البيانات عالية السرعة في عصر المعلومات (1). 

الدراسة

ولد Kao في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1933 في شنغهاي (الصين)، ودرس فترة صباه الكلاسيكيات الصينية في المنزل مع مدرس وتعلم الإنجليزية والفرنسية في مدرسة دولية في شنغهاي. عندما انتقلت عائلته إلى هونغ كونغ في عام 1948، أكمل Kao تعليمه الثانوي في كلية سانت جوزيف  St Joseph's College؛ ليتم دراسته الجامعية عام 1952 في الهندسة الكهربائية في Woolwich Polytechnic (الآن جامعة Greenwich) في إنجلترا، وحصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة لندن في عام 1965، ليعمل بعدها بوصفه مهندساً للهواتف والكابلات القياسية في مركز أبحاثها في هارلو Harlow (1،2). 

بدأ Kao بإجراء التجارب في مختبرات الألياف البصرية STC (Standard Telecommunication) في عام 1963، فقد كان على يقين من أن هذا الوسيط سيكون وسيطاً لاستبدال الكابلات المحورية والموجهات المعدنية المجوفة؛ لينشر بعدها بثلاث سنوات مع جورج هوكهام George Hockham ورقة بحثية تأسيسية على الألياف الضوئية واستخدامها في نقل الإشارات لمسافات طويلة (2).

منذ بحثه الأساسي في عام 1966 الذي أدى إلى ولادة كابلات الألياف الزجاجية في كل مكان اليوم، تغير عالم الاتصالات الهاتفية على نحو كبير، وحدثت هذه الثورة بسبب جهوده في تأكيد ما طرح من أفكار. لقد أدت شبكة الاتصالات العالمية القائمة على الألياف الضوئية إلى تقليص العالم حقاً وتقريب البشر من بعضهم البعض (3)؛ إضافة إلى أنّ المعلوماتية الطبية المعاصرة والنشر الإلكتروني معتمد على الألياف الضوئية والأجهزة الموصولة بشحنات الاتصالات ذات النطاق العريض، فضلاً عن أجهزة التصوير المحددة في معدات طب العيون والمجاهر (1). 

العمل

انضم Kao إلى الجامعة الصينية في هونغ كونغ في عام 1970، حيث أسس قسم الهندسة الإلكترونية؛ ومن ثم انتقل إلى Roanoke VA في الولايات المتحدة عام 1974 وعمل رئيساً للعلماء ولاحقاً عمل مدير الهندسة لشركة ITT Corporation، الشركة الأم لشركة Standard Telephones & Cables (1). 

سُميّ في عام 1982 بوصفه أولَ عالم تنفيذي في ITT، وانتقل إلى ولاية Connecticut حيث عمل أيضاً أستاذاً مساعداً في جامعة Yale (1). 

عاد إلى الجامعة الصينية في هونغ كونغ في عام 1987 بوصفه نائباً للمستشار، ليتقاعد في عام 1996 ويعمل أستاذاً زائراً في العديد من المناصب الفخرية بعد ذلك (1)؛ وحصل في العام نفسه على جائزة Laurea الفخرية في هندسة الاتصالات، وذلك تقديراً لإنجازاته في مجال تكنولوجيا الألياف الضوئية (2).

وبسبب تطور الاتصالات عن بعد بالألياف الضوئية، اختير Charles K. Kao لجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2009 (1،2).

التكريمات 

أصدرت هونغ كونغ طابعاً تكريماً لـ Charles K. Kao في عام 2010، ونضيف إلى ما سبق بأنّه خلال مسيرته حصل على العديد من الجوائز إلى جانب جائزة نوبل، بما في ذلك ميدالية فاراداي في عام 1989، وميدالية ألكسندر جراهام في عام 1985، وميدالية ماركوني في عام 1985، والعديد من الدرجات الفخرية من الجامعات والكليات في جميع أنحاء العالم (1). 

في الختام، جميعنا ممتنون لـ Charles K. Kao لأنّه خلال حياته المهنية زرع بذرة التطور التي نعيشها الآن في عالم الألياف البصرية وكل التقنيات المتعلقة بها.

المصادر: