كيف تتفادى ضوضاءَ الحياة بأعبائها وحروبها النووية؟

تركبُ الحافلة مثقلًا بأعباء الحياة، تلتقط سماعاتك، وتضعها في أذنيك لتسافر إلى عالمك الخاص مستمتعًا بالموسيقى ومنعزلًا عن البشرية بعيدًا عن المُنغّصات، لترى العالم حولك كمشهدٍ ملحمي تُعزف موسيقاه في أذُنيك. 

يعود الفضل في هذا المشهد السينمائي إلى سماعات أذنيك العازلة للضجيج، تلك التقنية المذهلة التي جعلتنا نَنعم بالسلام؛ إذ يحيط بنا الضجيج يوميًّا ابتداءً من منزلك المليء بالأجهزة ذات الضجيج المتنوع كالغسالة والبراد ومروحة المكيف والمكانس الكهربائية مرورًا بضجيج محركات وسائل النقل العامة في الطرقات كالسيارات والقطارات والطائرات، وصولًا إلى ضجيج الناس في المكاتب والأماكن المزدحمة عمومًا.

تعتمد السماعات العازلة للضجيج على تقنية إلغاء الضوضاء النشطة (Active Noise Canceling)، وتعتمد تلك التقنية بدورها على مبدأ التطابق؛ إذ يولّد مصدر ثانوي ضوضاءَ بمدى متطابق مع الضوضاء المحيطة، لكن في حالة معاكسة، مما يؤدي إلى إلغاء الضوضاء المحيطة غير المرغوب بها، ومن ثم انخفاض الضوضاء المتبقية، ومن هنا تُلغي سماعاتك أي ضوضاء منخفضة التردد من البيئة المحيطة في أثناء استماعك إلى الموسيقى (1,2).

تتكون التقنية من ترددات عكسية من أجل حجب الأصوات غير المرغوبة؛ إذ يسجل الميكروفون الموجات الخارجية، ثم تُقلب هذه الموجات بواسطة الكرتونيات، ويعرضها مكبر الصوت بهدف إزالة الضوضاء المحيطة، من الناحية العملية، غالبًا ما تكون الموجات معقدة للغاية ومن الصعب الحصول على الموجة في الزمن الحقيقي، ومن ثم يصعب الحصول موجة عكسية مثالية، لذلك تعد سماعات الرأس (headphones) تطبيقًا جيدًا لتلك التقنية؛ لأن الأذنين في نقطة واحدة في الفراغ، لذا من الأسهل توجيه الموجة العكسية، وتُستخدم تقنية إلغاء الضوضاء النشطة في عدة تطبيقات أخرى مثل التصميمات الداخلية للسيارات بهدف كتم صوت السيارة والرياح وضوضاء الإطارات، وتُعد هذه التطبيقات أصعب لأن هناك مناطق مختلفة في السيارة؛ إذ يمكن للأمواج أن تتداخل مع أصوات الركاب الآخرين (3).

يعود كل الشكر في امتلاكنا سماعات الأذن العازلة للضجيج إلى الدكتور عمار بوز الذي شعر بخيبة أمل بسبب الضجيج في إحدى رحلات الطيران، ولم تفلح سماعات الأذن الجديدة في ذلك الوقت (سنة 1978) في عزل الضجيج، فأخذ على عاتقه الحاجة إلى تطوير سماعات رأس تخفي ضجيج محركات الطائرات وضوضاء المقصورات الأخرى لتصبح شركة بوز لاحقًا من أهم مصنعي السماعات العازلة للضجيج (2,4).

المصادر: