الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية > الجغرافيا السياسية
ثلاث دول اختفت عن الخريطة، ماذا تعرفون عنها؟
1- ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية:
توحَّدت الألمانيتان عام 1990م بعد أن زال جدار برلين الذي دام لمدة 30 عامًا تقريبًا، واحتفى بسقوطه الألمان، وقد انتمى الألمان قبل زوال الجدار إلى إحدى الدولتين؛ الجمهورية الألمانية الديمقراطية (German Democratic Republic - GDR) أو ما يُعرف بألمانيا الشرقية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية (Federal Republic of Germany - FRG) أو ما يُعرف بألمانيا الغربية (1-3).
كانت جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) الأوسع مساحةً، وضمت ضمن حدودها عددًا من المدن مثل ميونخ (Munich) وهانوفر (Hanover) وشتوتغارت (Stuttgart) وفرانكفورت (Frankfurt) وغيرها من المدن (2)، وقد شهدت نموًّا في أعداد السكان في الفترة بين عامي (1950م - 1989م) بمقدار 12 مليون نسمة، وذلك بسبب هجرة الناس من الشرق إلى الغرب التي لم يقيدها سوى قوة السلاح والإسمنت؛ حيث جدار برلين العتيد (3)، واتَّسم اقتصادها بالرأسمالية مع التوجه إلى المزيد من الخصخصة واللامركزية والانفتاح على الاقتصاد العالمي (1)؛ إذ كانت تحت احتلال الولايات المتحدة الأمريكية إضافةً إلى فرنسا والمملكة المتحدة (1,2).
في حين نالت الجمهورية الألمانية الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) مساحةً أصغر ونصيبًا أقل من المدن الألمانية مثل دريسدن (Dresden) ولايبزيغ (Leipzig) وبرلين الشرقية (East Berlin) أو المنطقة الشرقية من برلين (2)، وكانت نقيضة ألمانيا الاتحادية؛ إذ تناقص عدد سكانها بمقدار مليوني نسمة، وكانت ألمانيا الشرقية مقيدة تجاريًّا بالعلاقة مع المعسكر الاشتراكي الذي هيمن على أراضيها عقب الحرب العالمية الثانية وكان المهيمن على المشاريع وصانع القرار الاقتصادي بوصفها دولة اشتراكية (1).
هذه الفروقات بين الاقتصادين وعوامل أخرى تسبَّبت في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي التي انتهت بتفككه (1)؛ فكيف ولماذا تفكك هذا الاتحاد؟ الإجابة في السطور القادمة.
2- الاتحاد السوفيتي (USSR):
تأسس الاتحاد السوفيتي عام 1922م (4)، وضمَّ 15 جمهورية وهي؛ روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا ومولدوفا وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان (5).
وقد أشار الغرب والسوفيت إلى ازدهار اقتصاد الاتحاد السوفيتي في العقود التالية للحرب؛ إذ نما إجمالي الناتج القومي (GNP per capita) للفرد نموًّا كبيرًا، وفاق في بعض الأحيان مستوى النمو في الدول الغربية المتقدمة، لكن ربما لم ينطبق هذا النمو على مستوى المعيشة، على الرغم من عدم توفر معلومات واضحة تتعلق بهذا الشأن، ولكن ثمة مؤشر لتدهور مستوى المعيشة هناك؛ مثل انخفاض متوسط العمر المتوقع للذكور منذ العام 1965م (6).
وسبب التفكك ليس واحدًا، ولكن مجموعة من الأسباب التي أنهت ما يقارب نصف قرن من السوفيتية؛ أبرزها اقتصاديًّا الحرب الخاسرة والمكلفة في أفغانستان والتي انتهت بين عامي 1988م و1989م، وتكاليف معالجة ما خلَّفته كارثة تشيرنوبل (Chernobyl) في أوكرانيا عام 1986م، وتبعها زلزال أرمينيا عام 1988م، والتجارب الاقتصادية غير المكتملة كحملة حظر الكحول عام 1985م التي استنفذت عوائد الدولة وأضعفت الولاء الشعبي، وصعوبة التمويل الاقتصادي لجميع الدول من ميزانية الاتحاد، إضافةً إلى حالة الاستعداد الدائمة للحرب الباردة وفق ما تدَّعيه بعض المؤلفات الغربية (4).
3- يوغوسلافيا؛ الدولة التي وُلدت مرتين قبل أن تزول:
تأسَّست يوغوسلافيا أول مرة بعد الحرب العالمية الأولى؛ إذ اتَّحدت كرواتيا وسلوفينيا والبوسنة -بعد أن كانت جزءًا من الإمبراطورية النمساوية الهنغارية- مع المملكة الصربية، ثمَّ انفصلت هذه الدولة الكبيرة في الحرب العالمية الثانية إلى عدة دول، لكن سرعان ما توحَّدت عقب الحرب من جديد مع بعض التغييرات (7)، لتشكِّل جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية (Socialist Federal Republic of Yugoslavia - SFRY) التي ضمَّت كلًّا من كرواتيا، والبوسنة والهرسك، ومقدونيا، والجبل الأسود، سلوفينيا، وصربيا، إضافةً إلى مقاطعتي كوسوفو وفويفودينا (8).
ما يثير الاهتمام عن يوغوسلافيا؛ أنَّه على الرغم من اتخاذ معظم دول العالم توجُّهًا لأحد المعسكرين؛ الغربي الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي الذي يعبِّر عنه الاتحاد السوفيتي، لم تنتمِ يوغوسلافيا على نحوٍ صريح إلى هذا أو ذاك؛ بل حافظت على علاقاتٍ جيدةٍ مع الجميع، وحافظت على استقلالها بالطريقة نفسها، وعملت وفق مبدأ العدالة بين الدول الداخلية، وحافظت على التعايش السلمي الفاعل، وكانت من مؤسِّسي حركة عدم الانحياز أيضًا في مطلع الستينيات (9).
ولكنَّ دوام الحال من المحال، وكان مآل هذه الدولة الانفصال مجدَّدًا ونهائيًّا هذه المرة؛ على الأقل إلى يومنا هذا، إذ بدأت بالتفكك منذ العام 1990م عندما أصدرت سلوفينيا إعلانًا برلمانيًّا ينصُّ على أسبقية القانون السلوفيني على القانون اليوغوسلافي، ولحقتها كرواتيا والبوسنة والهرسك، وتفكَّكت جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية (7)، ولم يتبقَّ إلا صربيا والجبل الأسود اللتان أعلنتا جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في العام 1992م، والتي أُعيد تسميتها لتصبح دولة اتحاد صربيا والجبل الأسود في العام 2003م، ثمَّ حُلَّ الاتحاد في العام 2006م.
تعدَّدت الأسباب ويوغوسلافيا ليست واحدة!
كان من أبرز أسباب الانفصال الصراعات الدينية والثقافية بين سكان الدول الداخلية ذوي الإثنيات المختلفة؛ إذ لم ينسَ هؤلاء السكان الأعمال الوحشية التي شملت جميع الأطراف في الحرب العالمية الثانية، إضافةً إلى الأسباب الخارجية؛ مثل انهيار النظام الشيوعي في دول أوروبا الشرقية في العام 1989م، وتوجه الأخيرة إلى نظام الانتخابات الحرة واقتصاد السوق، ليقوِّض الغرب -المنتصر حينذاك- الدعم الاقتصادي والمالي ليوغوسلافيا، وهكذا تأثَّرت يوغوسلافيا سياسيًّا بزوال دولة الاتحاد السوفيتي ووحدة ألمانيا الشرقية والغربية (7).
المصادر:
2. German reunification [Internet]. NATO: North Atlantic Treaty Organization. [cited 3 September 2021]. Available from: هنا
3. The Berlin Wall Falls and USSR Dissolves | A Short History of The Department of State [Internet]. History.state.gov. [cited 3 September 2021]. Available from: هنا
4. Marples DR. Revisiting the Collapse of the USSR. Canadian Slavonic Papers / Revue Canadienne Des Slavistes [Internet]. 2011;53(2/4):461-473. Available from: هنا
5. Bradshaw MJ, Lynn NJ. After the Soviet Union: The Post-Soviet States in the World System. The Professional Geographer [Internet]. 1994 [cited 4 September 2021];46(4):439-449. Available from: هنا
6. Brainerd E. Reassessing the Standard of Living in the Soviet Union: An Analysis Using Archival and Anthropometric Data. The Journal of Economic History [Internet]. 2010 [cited 4 September 2021];70(1):83-117. Available from: هنا
7. The Breakup of Yugoslavia, 1990–1992 | Milestones: 1989–1992 [Internet]. History.state.gov. [cited 4 September 2021]. Available from: هنا
8. What is the former Yugoslavia ? | International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia | About the city [Internet]. Icty.org. [cited 4 September 2021]. Available from: هنا
9. Hasan S. Yugoslavia's Foreign Policy Under Tito (1945-80) - 1. Pakistan Horizon [Internet]. 1981 [cited 4 September 2021];34(3):82-120. Available from: هنا