الهندسة والآليات > الروبوتات
الروبوت السمكة
حقق البشر خلال السنوات القليلة الماضية قفزةً كبيرةً في مجال علومِ الروبوت، وأصبح ما كان يعرض على التلفاز في فترة الستينيات والسبعينيات من تخيلات وتخمينات لشكل الإنسان أو الحيوان الآلي في يومنا هذا واقعًا وحقيقيةً، بل إنه تجاوز حتى حدود مخيلتنا السابقة.
- الروبوت التقليدي Rigid robot والروبوت المرن Soft robot:
بات معظمنا اليوم يعرف الروبوت التقليدي الذي يصنع من قطع صلبة جامدة، يُستخدَم نوع الروبوتات هذا غالبًا في المنشآت الصناعية أو الخدمية للقيام بالوظائف التي تتضمن صعوبةً وخطرًا على البشر أو التي يحتاج أداؤها دقةً عاليةً وثابتةً (1,2).
أما الثورة الجديدة في عالم الروبوتات فهي الروبوتات المرنة التي يُستَوحى تصميمها عادةً من الكائنات الحية كالإنسان والطيور والزواحف، فتكون هذه الروبوتات أقل تأثرًا بالاحتكاك وأكثر قدرةً على المناورة وتخطي العقبات من الروبوتات الصلبة بفضل ليونةِ أجسامها التي تعطيها انسيابيةً كبيرةً في الحركة (1).
تُعدُّ هذه الروبوتات أكفأ من الروبوتات التقليدية في العمل خصوصًا في البيئات المعقدة والحساسة (1).
- ما هو الروبوت السمكة (Robofish):
يحاكي الروبوت شكلَ وحركة السمكة الحقيقية في المياه، وقد ظهر الاهتمام بهذا النوع من الروبوتات مؤخرًا بسبب القدرات الكبيرة التي تمتلكها الأسماك في السباحة والمناورة والتي تتفوق على كل السفنِ والغواصاتِ والآليات البحرية التي صنعها الإنسان، فاستُخدِمَت هذه الروبوتات لمساعدةِ علماءِ الأحياء لدراسة البيئة المائية وفهمِ سلوك الكائنات البحرية على نحوٍ أكبر، خصوصًا في الأعماق التي تُّعَد خطرًا على البشر (3).
استطاع باحثون من جامعة ماساتشوستس (MIT) في عام ٢٠١٤ تطويرَ سمكة روبوتية قادرةٍ على السباحة بإنسيابية كبيرة وتجاوز العقبات أمامها ذاتيًا (4).
يحتوي جسم الروبوت على عمودٍ فقري مرن مضمّن، ومشغِّلات من مطاطٍ وسائلٍ منخفض الضغط تُشبه العضلات الحقيقية وتحاكي الشكل التشريحي للأسماك (4).
- الثورة الكبرى: سمكة مصنوعة من خلايا جذعية للبشر:
في 10 فبراير (شباط) من العام الحالي، أعلن مجموعة من الباحثين في كل من جامعة هارفرد Harvard University وجامعة إيموري Emory University تطوير أول "روبوت سمكة" هجين من خلايا عضلة القلب المأخوذة من الخلايا الجذعية للبشر (5).
- آلية العمل:
استوحى الباحثون تصميم هذه السمكة من شكلِ السباحة لسمكة الزيبرا (zebrafish) وحركتها؛ إذ يحتوي سمك الزيبرا على طبقتين من الخلايا العضلية، واحدةٍ على كل جانب من زعنفة الذيل، فحين يتقلص أحد الجانبين يمتد الآخر (5).
طبَّق الباحثون آلية القلب الميكانيكية والكهربائية بين طبقتين من العضلات، وأعادوا إنشاء الدورة نفسها في السمكة لتحقيق نظامِ حركةٍ كهذا، إذ تتمدد أحد الأطراف وتُفتح قنوات البروتين الحساسة ميكانيكيًا، ما يُحدِثُ تقلصًا للطرف الذي يؤدي بدوره إلى حدوث تمددٍ في الجانب الآخر بالآلية السابقة ذاتها، وهكذا دواليك، مشكلًا نظامَ حلقةٍ مغلقة قادرةٍ على إعطاء السمكة قدرةً على الحركة لأكثر من 100 يوم (5).
صمم الباحثون أيضًا عقدةَ تنظيمِ سرعةٍ ذاتيةٍ تعمل مثل جهاز تنظيم ضربات القلب، إذ تتحكم بوتيرةِ التقلصات التلقائية هذه وإيقاعها (5).
وعلى نقيض الأسماك الموجودة في ثلاجتك، تتحسن هذه الأسماك المهجنة بيولوجيًّا مع تقدم العمر، فقد زادت سعة تقلص العضلات، وسرعة السباحة القصوى، وتنسيق العضلات في الشهر الأول بنضوج خلايا عضلة القلب المصنوعة منها (5).
في النهاية، وصلت هذه الأسماك الهجينة إلى سرعاتٍ وفعاليةِ سباحةٍ مماثلة تقريبًا لأسماك الزيبرا الحقيقية (5).
بإمكانك عزيزي القارئ أن تشاهد شكل السمكة وحركتها على أرض الواقع من خلال الرابط الآتي:
- الهدف من الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تطوير أجهزةٍ حيوية هجينة معقدة وبنائها كالقلب الاصطناعي، الأمر الذي سيقدم حلولًا طبيةً عظيمة للبشرية عامةً،و لِمَن يُعانون قلبًا مشوهًا خاصةً (5).
تدقيق لغوي: Fouad Fadel
المصادر:
2. Grau A, Indri M, Lo Bello L, Sauter T. Robots in Industry: The Past, Present, and Future of a Growing Collaboration With Humans. IEEE Industrial Electronics Magazine [Internet]. 2021;15(1):50-61. Available from: هنا
3. Zhou C, Tan M, Gu N, Cao Z, Wang S, Wang L. The Design and Implementation of a Biomimetic Robot Fish. International Journal of Advanced Robotic Systems [Internet]. 2008 [cited 4 March 2022];5(2):185-192. Available from: هنا
4.Marchese A, Onal C, Rus D. Autonomous Soft Robotic Fish Capable of Escape Maneuvers Using Fluidic Elastomer Actuators. Soft Robotics [Internet]. 2014 [cited 4 March 2022];1(1):75-87. Available from: هنا
5. Burrows L. Biohybrid fish made from human cardiac cells swims like the heart beats [Internet]. Seas.harvard.edu. 2022 [cited 4 March 2022]. Available from: هنا