اللوحة الأعلى سعرًا في العالم… 450 مليون دولار!

يُعد ليوناردو دافنشي 1452-1519م أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ الفن الغربي، ويُعد كذلك من أعظم العقول في عصر النهضة؛ إذ كان رسامًا ونحاتًا وعالمًا ومهندسًا، ولوحاته ذات تأثير كبير على عدد من الفنانين من بعده (1).

أحد أعماله المثيرة للاهتمام لوحة تسمى بـِـ(سالفاتور موندي - Salvator Mundi) أو (منقذ العالم - Savior of the World)؛ هي لوحة تُصوِّر السيد المسيح، يعود تاريخها إلى قرابة 1500م وقد حققت رقمًا قياسيًا على أنها اللوحة الأعلى ثمنًا في العالم بمبلغ قدره 450.3 مليون دولار أمريكي في دار كريستيز في نيويورك، متفوقة بذلك على لوحة بيكاسو (نساء الجزائر- The Women of Algiers) التي بيعت بمبلغ 179.4 مليون دولار عام 2015م (2).

ويقال إن السبب في كون سعرها ضخم يعود لكونها اللوحة الوحيدة لليوناردو التي يملكها أفراد، علاوة على كون راسمها من أشهر فناني العالم إن لم يكن الأشهر على الاطلاق (2).

تُصوِّر اللوحة الزيتية التي يبلغ قياسها 66.04 سم المسيح على أنه مُخلِّصٌ للعالم، مرتديًا ألبسة عصر النهضة وممسكًا بيده اليسرى كرة بلورية، مقدمًا البركة بيمناه. كان يُعتقد أن اللوحة دُمِّرت؛ إذ اختفت عام 1763م ثم عاودت الظهور عام 1900م عندما اشتراها السيد تشارلز روبنسون على أنها عملٌ لـِـبرناردينو لويني (Bernardino Luini)؛ وهو أحد أتباع ليوناردو (3).

ومن الجدير بالذكر أنه قد شُكِّك في نسبة اللوحة إلى ليوناردو دافنشي؛ إذ يتفق علماء الفن في أن الكرة الزجاجية في اللوحة ترمز إلى العالم، ولكن الكرة لا تكسر الضوء كما يفعل الزجاج؛ لهذا السبب شككوا بأن ليوناردو من رسمها. إذ إنه من المعروف أن العالم الإيطالي قد درس علم البصريات، وترك وراءه عدد من الملحوظات والدراسات في هذا الموضوع، لذلك إذا ما كان يريد أن يرسم كرة زجاجية فإنه سوف يظهر التشويه الحقيقي للأشياء خلف الزجاج المنحني. أحد التفسيرات وراء حذف التشويه، كان اختيار الفنان الواعي متجاوزًا القوانين الطبيعية لإظهار الإعجاز في الموضوع، ومن التفسيرات الأخرى عدم رغبة دافنشي بوجود تشويه في الصورة وهذا نوع من الأدب الديني لصورة المسيح (3).

وفي دراسة حديثة أجراها علماء الكمبيوتر من جامعة كاليفورنيا في إيرفين تُقدِّم تفسيرًا آخر أكثر موثوقية، وفيها استعملوا الرسومات الرقمية وبرامج محاكاة الضوء لإثبات أن عرض دافنشي للكرة الزجاجية دقيق مع كل شي؛ إذ يؤكد الفريق أن الكرة التي رسمها دافنشي يجب أن تكون زجاجًا مُجوَّفًا وليست بلورًا صلبًا. على هذا النحو، فإنها لن تشوه الضوء كما افترض الآخرون، بدلًا من ذلك، قد تتسبب في تشوهات طفيفة في الستائر التي خلفها، والتي رسمها الفنان بدقة (3).

هذا الاكتشاف يتماشى مع افتتان دافنشي بالعلم، وبهذا يكون الفنان قد دمج معرفته في علم البصريات مع إبداعه الفني في لوحة سالفاتور موندي الأعلى سعرًا في العالم (3)!

المصادر: