هل سيصبح ممر البحر الشمالي بديلًا من قناة السويس؟

بعد جنوح سفينة الحاويات العملاقة (EVER GIVEN) في قناة السويس وتعطيلها لحركة الملاحة لأيام عدة في شهر آذار (مارس) من العام 2021م (1)، تداول البعض احتمالية الاعتماد على ممر البحر الشمالي بوصفه بديلًا ملاحيًّا ممكنًا.

فما هو ممر البحر الشمالي؟

يسبِّب التغيُّر المناخي ذوبان الجليد البحري، ممَّا سيجعل البحر القطبي مفتوحًا للملاحة حتى ولو موسميًّا، وتتنبَّأ النماذج العلمية الحالية بخلو المحيط المتجمِّد الشمالي من الجليد في الصيف بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، وربما قبل ذلك (للمرة الأولى منذ 2.6 مليون سنة)، وهذا يعني أنَّه قد يُفتح قريبًا طريق شحن بحري مباشر عبر القطب الشمالي رابطًا بين أسواق آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا (2).

يقلِّل ممر البحر الشمالي مدة الرحلات البحرية بين أوروبا وشرق آسيا من 30 يومًا عبر قناة السويس إلى 18 يومًا تقريبًا، ولكن بسبب مضايقه ذات المياه الضحلة، لا يمكن عبوره من قبل سفن شحن تزيد على سعة شحن 3000 إلى 4000 حاوية، في حين تستطيع قناة السويس استيعاب سفن بسعة شحن تزيد على 20000 حاوية (2). 

صحيحٌ أنَّ ممر البحر الشمالي أقصر بنسبة 40 ٪ تقريبًا من طريق قناة السويس، لكنَّه ما يزال يواجه العديد من الصعوبات، مثل الكلفة الاستثمارية الأعلى؛ إذ يجب أن تكون السفن مجهَّزة للجليد مع طاقم مدرَّب وتُضاف إليها تكاليف الصيانة. وعلى الرغم من أنَّ ممر البحر الشمالي يمكن أن يقلِّل مسافة الإبحار، أي تكلفة الوقود من الناحية النظرية، لكنَّ الظروف البيئية المعاكسة مثل انخفاض الرؤية ودرجة الحرارة، من المحتمل أن تقلِّل سرعة الإبحار ممَّا يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود، إضافةً إلى الفترات المتقطِّعة المتاحة للملاحة (3).

سيؤدِّي تشغيل ممر البحر الشمالي إلى تغييرات كبيرة في حركة التجارة الدولية؛ ممَّا سيجعله أحد أكثر الطرق التجارية ازدحامًا، وستستفيد منه بعض الدول في زيادة حجم تجارتها مثل هولندا وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان (4).

وقد أبحرت 53 سفينة عبر طريق ممر البحر الشمالي في العام 2014م بما في ذلك السفن السياحية وكاسحات الجليد، وتنقل سفن الشحن النفط الخام والمنتجات النفطية المكرَّرة على نحو أساسي، وفي حال حدوث تسرب نفطي ستتعرض البيئة البحرية في القطب الشمالي للتلوث، وهذا سيكبِّد الدول ذات الصلة مثل روسيا وكندا خسائر مالية ضخمة، وسيؤدي الاستخدام التجاري لممر البحر الشمالي أيضًا إلى إطلاق المزيد من غاز ثاني أوكسيد الكربون، والذي سيسرع عملية ذوبان الجليد البحري؛ أي يمكن القول أنَّ احتمالات تشغيل خطوط الملاحة البحرية المنتظمة على طريق ممر البحر الشمالي ليست مشرقة (3).

فهل تعتقدون أنَّ هذا الممر قد يصبح واقعًا في السنوات القادمة؟

المصادر: