الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
التغير المناخي يعيد تشكيل كائنات الأرض
لا يقتصر تأثير التغير المناخي على ما سبق ذكره في مقدمة هذا المقال فحسب؛ بل إن جميع الكائنات الحية تتكيف أيضاً مع البيئة المحيطة وما يطرأ عليها من تغيرات نتيجة تغير المناخ، لكن ومع تفاقم مشكلة التغير المناخي أصبحت تلك التغيرات التي تتعرض لها الأحياء تحدث على مدى فترات زمنية أقصر بكثير مما كانت عليه من قبل (1).
تُظهر هذه الدراسة أن بعض الحيوانات "ذوات الدم الحار" تغيّر شكلها كالحصول على مناقير وأرجل وآذان أكبر لتنظيم درجة حرارة أجسامها بما يتناسب مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب (2).
إذ يشكل الاحتباس الحراري تحدياً كبيراً لذوات الدم الحار بسبب وجوب الحفاظ على درجة حرارة جسمها ثابتة، لذا فإن الحيوانات تتعامل مع هذه الظاهرة بطرائق مختلفة، بعضها ينتقل إلى المناطق الأكثر برودة كتلك الأقرب للقطبين أو الى المناطق الأكثر ارتفاعاً، أو يغير البعض الآخر توقيت النشاطات الرئيسة مثل التكاثر والهجرة حتى تحدث في أوقات أكثر برودة (3)، وكذلك يستخدم كثير منها ما يملك من زوائد - كالمناقير عند الطيور والأذان عند الثدييات - لتبريد أجسامها عن طريق التبادل الحراري (4).
وفي هذا السياق أُثبِتَ أن لدرجة الحرارة تأثيرٌ قويٌ في التغير المورفولوجي مستقل عن التغيرات البيئية الأخرى (4).
يعدّ العلماء هذه التغيرات المورفولوجية منطقية في علم الأحياء وذلك حسب قاعدة بيرجمان*، والتي تنص على أن الأحياء التي تعيش في المناخات الباردة تمتلك أطرافاً أصغر من تلك التي تعيش في المناخات الدافئة وذلك لأسباب ترتبط بتنظيم حرارة أجسادها (2).
ركزت الدراسة على نوع من الببغاوات الأسترالية، بالاستعانة بسجلات الطيور من المتاحف والتي تعود لسنة 1871م، ولوحظ أن حجم مناقيرها قد زاد بنسبة 4-10% عما كانت عليه، ما يعني زيادة سطح التبادل الحراري، الأمر الذي يتبعه زيادة في حجم الأوعية الدموية في المنقار وبالتالي تدفق أكبر للدم وتبديد أكبر للحرارة (2).
لا يقتصر الأمر على الببغاوات فقط؛ إذ جرى الإبلاغ عن أنواع أخرى من الطيور والثدييات؛ كالجنك الأمريكي الذي أبدى زيادة في حجم المنقار مرتبطة بدرجات الحرارة القصوى قصيرة المدى، والخفافيش الصينية التي نمت بأجنحة أكبر، وزيادات في طول الذيل لدى فئران الخشب (1)، وآذاناً أطول لدى الأرانب الأوروبية (2).
لا يعني هذا التغير بأن الحيوانات تأقلمت مع تغير المناخ وأنها على ما يرام، بل أنها تتكيف فقط للبقاء على قيد الحياة، ولا نعرف ما إذا كانت الأنواع الأخرى قادرة على التكيف والاستمرار (1)، أو كانت هذه التغيرات متناسبة مع المتغيرات البيئية الأخرى؛ إذ يمكن أن يتعارض التغير المورفولوجي مع قدرة الحيوانات على البحث عن طعامها أوالوصول إليه، أو حتى هروبها من المفترسات، وعلى سبيل المثال: هل تناسب الزيادة في حجم المنقار الطيورَ التي تتغذى على رحيق الأزهار كطائر الطنان؟!
في الواقع يمكن لهذه الزيادة أن تحول دون وصوله للرحيق مما يهدد بقاءه على قيد الحياة أو حتى استمرار النوع في حد ذاته (2).
* نسبة إلى عالم الأحياء كارل بيرجمان الذي وصف هذه الحالة أول مرة عام 1847 م.
المصادر:
2- Zeldovich L. Animals Are Changing Shape to Cope With Rising Temperatures. Smithsonian Magazine. 2021. Available from: هنا
3- Ryding S, Symonds M. Animals are changing their body shapes to cope with climate change. World Economic Forum. 2021.Available from: هنا
4- Ryding S, Klaassen M, Tattersall GJ, Gardner JL, Symonds MRE. Shape-shifting: changing animal morphologies as a response to climatic warming. Trends in Ecology & Evolution [Internet]. 2021 [cited 6 March 2022];36(11):1036-1048. Available from: هنا