تأثير الصوم الرمضاني في الحياة الجنسية لدى الذكور

في خلال شهر رمضان، يمتنع المسلمون الذين ينوون الصيام عن الطعام والشراب والجنس والتدخين في ساعات النهار، وتحديدًا من الفجر وحتى غروب الشمس (1). ويترافق الصيام مع تغيّراتٍ في روتين الحياة والعادات المتعلقة بالصحة مثل مواعيد تناول الوجبات ومواعيد النوم وعدد ساعاته. وتتغير طبيعة الطعام على نحوٍ ملحوظ في بعض المجتمعات أيضاً (2).

وعلى الرغم من أن صوم رمضان تصنفه بعض الدراسات على أنه نوع من أنواع الصيام المتقطع (1-4)، فإنه علينا أن نتوخى الحذر عند مقارنته بالأنماط الأخرى من الصيام المتقطع والتي يتبعها الناس عادةً لأغراضٍ صحيّةٍ مختلفة. فما يُشار إليه على نحو شائع بأنه «صيام متقطع» ونسمع عنه كثيرًا في السنوات الأخيرة يختلف عن صوم رمضان في نواحٍ عدة.

من أهم الفروق هو تناول السوائل، فالصوم الرمضاني يترافق بالامتناع عن إدخال أي سائلٍ إلى الجسم خلال فترة الصيام، بينما يسمح «الصيام المتقطع» بإدخال السوائل الخالية من الحريرات أو قليلة الحريرات، بل ويشجع عليها، وقد يسمح الصيام المتقطع بإدخال أغذية معينة بكميات محدودة للغاية خلال فترة الصيام (3).

يترافق صيام رمضان بتغيرات في الساعة البيولوجية والوظائف الاستقلابية والهرمونية ومستوى سكر الدم وحرارة الجسم، وبانخفاض الإماهة خلال النهار. ولجميع هذه التغيرات تأثيرات محتملة في الوظيفة الجنسية (1-4).

تقصّت دراسة أجريت على خمسٍ وأربعين مشارك من الذكور الأصحاء تأثيرات الصوم في الرغبة الجنسية. واستعانت الدراسة باستبيان يدعى المشعر العالمي للوظيفة الانتصابية (The international index of erectile function)، وهو مقياس موثوق إلى حد كبير يمكن من خلاله تقدير الرغبة الجنسية والوظيفة الانتصابية لدى الذكور. قاست التجربة أيضًا مشعر كتلة الجسم عند المشاركين ومستويات الهرمونات الآتية: التستوستيرون، والغلوبولين الرابط للهرمون الجنسي (SHBG)، وهرمون كظري يدعى (Dehydroepiandrosterone)، والهرمون الملوتن (LH) والهرمون المنبه للجريبات (FSH) وهما هرمونان ضروريان لإنتاج الهرمونات الجنسية والنطاف لدى الذكور، والإستراديول (Estrdiol) وهو أحد الاستروجينات (1-4).

بيّنت نتائج الدراسة انخفاضًا واضحًا في الرغبة الجنسية لدى المشاركين، وتدنيًا في تواتر ممارسة الجنس بنحو 20% مقارنة مع الشهر السابق، علمًا أن كل المشاركين في الدراسة متزوجون ويعيشون مع شريكاتهم . ولاحظت الدراسة أيضًا انخفاض مؤشر كتلة الجسم، بينما لم تكن التغيرات التي طرأت على الهرمونات الجنسية مهمة، باستثناء انخفاض مستوى الهرمون المنبه للجريبات (FSH) عند نهاية الشهر والذي كان لافتًا (1-4).

لا توجد حاليًا نتائج حاسمة بشأن تأثير الصوم الرمضاني في الأداء الجنسي لدى الذكور، ولكن الأداء الرياضي مثلًا لا يتأثر على نحوٍ مهم. هذا ما بيّنته مراجعة منهجية وتحليل تلوي تقصت تأثير صوم رمضان في القدرة البدنية لدى الرياضيين. لقد أظهر البحث الذي تفحّص إحدى عشر دراسة سابقة أن التأثير السلبي على الأداء الرياضي ينحصر في أنماط محدودة من النشاط البدني بينما لم تتأثر معظم مؤشرات الأداء البدني بالصيام الرمضاني (4). ولكن لا بد من دراسات مستقبلية لفهم التأثير المباشر للصيام في رمضان في الأداء الجنسي لدى الذكور.

وبحثت دراسات سابقة في تأثير الصوم الرمضاني في القدرة الإنجابية لدى الذكور، وظهرت تغيرات في مستويات الهرمونات الجنسية في هذه الدراسات، منها ما يبدو مهمًا ومنها ما لا يعد لافتًا، إلا أن القدرة الإنجابية لدى الذكور الأصحاء لا تتأثر إجمالًا بالصيام الرمضاني على ما يبدو (5,6).

لا بد من الإشارة إلى أن تأثيرات الصيام الرمضاني في الصحة عمومًا والحياة الجنسية خصوصًا  ترتبط على نحو وثيق بتعويض النقص الغذائي ونقص السوائل بعد انتهاء فترة الصيام، إذ قد يسبب الصيام دون الحرص على تعويض الوارد الغذائي والإماهة الجيدة تأثيرات سلبية تطال الجوانب الصحية المختلفة ومن بينها الحياة الجنسية والقدرة الإنجابية.

المصادر: