كيف يستطيع العازف الانتباه إلى قائد الأوركسترا والنوتة الموسيقية في آنٍ واحد؟

في أثناء حضورك لعرض موسيقيٍّ ما، فإنك تشاهد مجموعةً من الاتّصالات اللفظيّة والصامتة بين كل عناصر المشهد أمامك، بما فيها حلقة الوصل التي تربط انتباه العازف بكل من النوتة الموسيقيّة أمامه وقائد الأوركسترا.

لكي يتمكّن العازف من الوصول إلى الأداء الخالي من القلق والعبثيّة، يجب عليه المرور بعدّة مراحل، بدءًا من التدريب الفردي ومرورًا بالبروفات الجماعية ووصولًا إلى النسخة النهائية للعرض التي لها الدور الأكبر في طمأنينة العازف وتهيئته للأداء المليء بالرّاحة والحرية الكافية (1-3).

لكل عازف في مرحلة التدريب الفردي أسلوبه وطريقته الخاصة في التمرين وإنجاز دوره، مثل ترديد المقاطع الصعبة وتغيير وضعيات العزف، إضافةً إلى تمارين العضلات الجسدية والقدرة العقلية، أي أن نتاج هذه المرحلة هو الذي ينقل العازف إلى قاعة البروفات الجماعية (1).

يصل العازف بعدها إلى مرحلة البروفات الجماعية، وهي تشمل عدّة عناصر، منها تكوين الصورة الأولية للعرض، وحفظ العازف بداية دوره ونهايته، إضافةً إلى حفظ أماكن الأداء الفردي بالتسلسل الزمني الصحيح، فعازف البيانو لا يعرف متى يبدأ التشيلو، لأنه لا يملك سوى نوتة البيانو، لكنه من خلال العمل الجماعي يتعرف على باقي الأدوار، إذ يساعد دور القائد في تنسيق الأدوار وتقييمها وتفسير الإيقاع والديناميكيات والصياغة والأسلوب، بما يسهّل على العازف تذكّرها لاحقًا (1-3).

يبقى للملاحظة المستمرّة الدور الأهم في البروفة الناجحة، فقد أكّد كثير من الموسيقيين على أنّ قوة الأداء تكمن في عمق الملاحظات الطويلة التي يشير إليها القائد في قاعة التدريب (1).

تؤدي المهارات الفردية للموسيقيّ دورًا كبيرًا في قدرته على التنسيق بين النوتة أمامه وملاحظات وإشارات قائد الأوركسترا، مثل الإحساس الممتاز بالإيقاع والقراءة السريعة، فضلًا عن الانتباه المستمر للعلامات والإشارات الديناميكيّة المُدوّنة أمامه (2).

تساهم البروفات من خلال الملاحظات والتكرار في تقليل اعتماد العازف على الجانب البصريّ دون غيره، فهي تساعد العازف على تقوية إدراكه وانتباهه العقلي للمقطوعة المُراد إنجازها، ليصبح للنوتة الموسيقيّة في البروفة النهائية دور ثانوي يشمل التذكير ببعض النقاط المهمة التي دُوّنت في مرحلة البروفات، فيرتكز انتباه العازف أساسًا على قائد الأوركسترا (1).

المصادر: