فنٌ من أجل الفن

"Art for art’s sake" أو "فنٌ من أجل الفن" كان هذا هو الشعار الذي حملته الحركة الجمالية (The Aesthetic Movement) التي ظهرت في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر (1-3)، والتي تستند إلى فكرة أن الجمال هو العنصر الأكثر أهمية في الحياة. وتبنَّت الحركة الجمالية مجالات عديدة، منها الموسيقى والأدب والتصميم الداخلي والأزياء (3).

فقد كان جوهرها الرغبة في خلق فن للفن نفسه وإعلاء الذوق والسعي وراء الجمال والتعبير عن الذات، بدلًا من أن يكون لها رسالة معنوية أو أخلاقية. وقد عُدَّ ذلك بمكانة صفعة في وجه التقاليد الفنية، مما جعل فناني الحركة موضع سخرية بين الفيكتوريين المحافظين (conservative Victorians)، الذين بدورهم تمرَّدوا على المادية الفيكتورية والصناعة الحديثة ورأوا أن التصاميم فقيرة ومكررة وبلا روح وقد أعطوا الأولوية للأعمال الحرفية عالية الجودة والمبتكرة في الفنون كلها. وبذلك فصلوا الفن عن واجبه التقليدي في نقل رسالة اجتماعية أو سياسية وما إلى غيرها وركزوا على إبراز جمالية التكوين والشكل واللون سعيًا وراء الجمال (2,3). 

ازدهرت الحركة الجمالية في بريطانيا، وانتشرت إلى دول أخرى مثل الولايات المتحدة، وقد ساعدت في تمهيد الطريق للفن الحديث العالمي في القرن العشرين (2).

من أشهر فناني الحركة في الفنون البصرية كان الرسام ألبرت مور (Albert Moore)، وجيمس أبوت ماكنيل ويسلر (James Abbott McNeill Whistler) -صاحب اللوحة الشهيرة (Whistler's Mother)-، ففي لوحته " سيمفونية باللون الأبيض " (Symphony in White #1: The White Girl) والتي صوَّر فيها امرأة ترتدي ثوبًا أبيض واقفةً أمام ستارة بيضاء، وقد أحدثت ضجة عندما عُرضت بعد أن رفضها صالون باريس ومعرض الأكاديمية الملكية في لندن، وقد استمر Whistler في رسم سلسلة من اللوحات التي ترتبط عناوينها عمومًا ببعض الموسيقى (1,2).

 من جهة أخرى أكدت الحركة الجمالية أن الفن يجب ألا يقتصر على الرسم والنحت والعمارة بل يجب أن يكون جزءًا من الحياة اليومية، وتحقيقًا لهذه الغاية تبنَّت الحركة الفنون التطبيقية والأزياء وصناعة الأثاث وغيرها، ومن أبرز المصممين ويليام موريس (William Morris) الذي أبدع في ابتكار تصميمات تتميز بجمالها للمنسوجات المنزلية والأثاث، أما في الأدب فأبرزهم أوسكار وايلد (Oscar Wilde) و(Algernon Swinburne) ألجيرنون سوينبرن (2). أما والتر هاميلتون (Walter Hamilton) فكان أول كاتب يُعرِّف الجمالية ويصفها، ونُشر له كتاب بعنوان "الحركة الجمالية في إنكلترا" (The Aesthetic movement in England) عام 1882م (1).

في عصر كان من المفترض أن يروي فيه الفن قصةً؛ كانت الفكرة التي أتت بها الحركة الجمالية؛ إذ إن الفنان يخلق فنًّا جديدًا ليكون تعبيرًا بسيطًا عن الحالة المزاجية أو مجرد شيء جميل، فكرة جذرية للغاية. ومع تأكيدها أنه يمكن فصل عمل فني عن القصة أو الرسالة الأخلاقية، فإن أفكار الحركة الجمالية كانت نقطة انطلاق مهمة في الطريق نحو الفن الحديث (Modern Art) (1).

المصادر: