الفنون البصرية > فن تصميم الأزياء
دور الألوان في تصميم الأزياء
من المؤكد أن كل شيء من حولنا قابلٌ للتطور والتغيّر، كذلك الأمر بالنسبة إلى الألوان في عالم الأزياء واستخداماتها؛ إذ تغيرت في فترة الثورة الفرنسية حوالي عام 1789م الفساتين ذات الألوان الزاهية البراقة التي كانت فيه بإفراط في عصر الروكوكو (Rococo) وأصبحت الموضة تتمثل الفساتين البيضاء البسيطة، إذ إن اللون الأبيض يرمز للنقاء ويرتبط بالبراءة والطهارة، وذلك في بدايات القرن التاسع عشر عندما أصبحت النساء تبحث عن جمالياتٍ وقيم جديدة في الموضة بعد الثورة واتجهت للفستان الأبيض ذو القطعة الواحدة والخصر العالي المصنوع من الموسلين الأبيض الرقيق والشفاف وبخاصة الفساتين التي تعتمد على الثنيات التي تشبه التماثيل اليونانية.
ولم تكن فساتين الزفاف في الغرب محددة بلون خاص، لكن منذ القرن التاسع عشر وما بعد؛ أصبح استخدام اللون الأبيض بدرجاته أساسيًّا ودليلًا على عفة العروس.
ومن اللون الأبيض ننتقل إلى نقيضه الأسود أو ما يلقب بسيد الألوان، وغالبًا ما يرتبط اللون الأسود بصور سلبية كالظلام والموت والحزن، هذا اللون الذي يمتص كل الألوان كان وما زال يعطينا إحساسًا بالحزن والجاذبية معًا.
بدأ الرجال بارتداء البذلة السوداء في نهاية القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر ومن بعدها أصبح هذا اللون أساسيًّا في ملابس الرجال، وفي تلك الفترة أيضًا بدأت النساء بالمشاركة في رياضة ركوب الخيل؛ من الجدير بالذكر أن الملابس المناسبة لهذه الرياضة استُوحت من ملابس الرجال وكانت تلك المرة الأولى التي تؤثر فيها ملابس الرجال على ملابس النساء على نحو واضح ومباشر، إذ بدأت موضة ارتداء اللون الأسود في تلك الفترة من الملكة فيكتوريا التي اختارت أن تبقى مرتديًة اللون الأسود بعد وفاة زوجها الأمير ألبرت.
اللون الأحمر، ذاك اللون الجذّاب والمرغوب منذ العصور القديمة الذي يُستخرج طبيعيًّا من إناث حشرة خنفساء الكيرمس التي تنمو على أشجار سنديان الكيرمس في منطقة البحر المتوسط، إذ يتطلب صبغ قطعة واحدة من القماش عديدًا من إناث هذه الحشرة، وأيضًا يُستخرج من دود القرمز (cochineal) الذي أحضرته إسبانيا من أميركا الوسطى والجنوبية إلى أوروبا بكميات كبيرة واستُعمِل في كل أنحاء العالم.
ومنه ننتقل إلى اللون الأصفر الذي كان يُعد لونًا تافهًا في أوروبا وتحديدًا في العصور الوسطى، ويدعو للازدراء، في حين أنه كان يمثل لون الإمبراطور في الصّين، وسرعان ما أصبح لونًا للموضة في القرن الثامن عشر عندما بدأ الاهتمام بالزخرفة الصينية في ازدياد.
اللون الأزرق كان أيضًا لونًا معروفًا ومتداولًا منذ القدم بدءًا من السيدة العذراء، والنبلاء وعلية الشعب، حتى أصبح لون الجينز الذي انتقل من كونه لباسًا خاصًا بالعمال إلى عنصرٍ أساسي في ملابسنا اليومية.
أما اللون البنفسجي فأصبح دارجًا مع اختراع الصبغات الكيميائية الأنيلينية (aniline) عام 1856م على يد الكيميائي البريطاني وليام باركين (William Parkin) التي مهدت الطريق لاستخراج عدة ألوان صناعية وكذلك عدة تدرجات من اللون ذاته (1-4).
وحسب الأبحاث التي قام بها معهد الأبحاث اللونية (CCI COLOR)، إذ درس الألوانَ ودلالاتها فإن:
اللون الأحمر: يُمثل القوة والشغف والطاقة ويُستخدم للفت الانتباه الى شيء محدد.
اللون البرتقالي: يُمثل الصداقة والاتحاد والشباب.
اللون الأخضر: يُمثل النمو والبيئة.
اللون الأزرق: يُمثل الهدوء والأمان والصلابة.
وكما هو متعارف عليه فإن الألوان المشرقة تُعطي إحساسًا بالطاقة والنشاط، أما الألوان الهادئة فتُعطي شعورًا أكبر بالاسترخاء والراحة. وللحصول على عدة تدرجات من اللون نفسه علينا أن نقوم بإضافة اللون الأبيض أو الأسود أو الرمادي بكميات مدروسة بحسب التدرج اللوني المطلوب، أما إذا أردنا الحصول على لون متباين فعلينا أن ندمج لونين مختلفين وعلى جهتين متعاكستين من الدائرة اللونية، مع الانتباه الشديد لاختيار الألوان وتنسيقها في حال التباين حتى لا تؤدي إلى إرباك المشاهد (5).
وحتى يصمم مصمُ الأزياء ملابسَ مميزة ومثيرة للاهتمام يجب أن يُأخذ بعين النظر أربعة عناصر أساسية وهي الشكل والحجم (Shape and form) والخط أو الاتجاه (Line) والخامة (Texture) واللون (Color) الذي يُعد العنصر الأول اللافت لنظر المشاهد الذي يضيف على التصميم الحماسة والعاطفة، إضافة إلى قواعد أساسية وهي النسب والمقاييس (Proportion and scale) والانسجام (Harmony)، والتوازن (Balance) ليس فقط بالعناصر أو القطع المكونة للثوب، وإنما يجب مراعاة التوازن اللوني أيضًا.. (6).
فأصحاب البشرة الصفراء أو الشاحبة يجب عليهم ارتداء الملابس ذات الألوان التي تظهر تدرجات الزهري، والأحمر في بشرتهم وتجعلها أكثر حيوية، وبالتالي فإن أصحاب البشرة الوردية عليهم أن يتجنبوا تلك الألوان التي تعزز اللون الأحمر في بشرتهم... ولكن الاختيار المناسب والمدروس لشدّة اللون ودرجته ومكان توضعه في الثوب، يُمكنّنا من ارتداء اللون الذي نريده بغض النظر عن لون بشرتنا أو شعرنا.
وبذلك يمكننا تصنيف الألوان إلى مجموعتين: الألوان الحارة وهي الأحمر والأصفر والبرتقالي وتدرجاتهم والتي تعطي إحساسًا بتكبير الحجم أو المساحة المستخدمة فيها. ومجموعة الألوان الباردة وهي الأخضر والأزرق وتدرجاتهم وتعطي إحساسًا بتقليل الأحجام وتصغيرها.
واستخدام الألوان المتباينة بين القطع العلوية والسفلية من الملابس يخلق خطًا أفقيًا وهميًا في مكان الالتقاء وهذا من شأنه خداع البصر بتقصيره الجسم، أما الملابس المكونة من لونٍ واحدٍ فتعطي إحساسًا بصريًّا شاقوليًّا، ومن ثم الزيادة بالطول والنحافة وكذلك يجب الانتباه عند استخدامنا للأقمشة المطبوعة في ملابسنا، فإن حجم التصميم المطبوع والألوان المستخدمة تكون مدروسة، عمومًا يجب أن يتناسب حجم التصميم المطبوع على القماش مع حجم الشخص الراغب بارتدائه.. (7).
تدقيق لغوي: Souha A Saeed
المصادر:
2. Fashion in Colors: Multicolor - Google Arts & Culture [Internet]. Google Arts & Culture. [cited 31 March 2022]. Available from: هنا yoto-costume-institute/jwKiCyiZzePbIg?hl=en
3. Fashion in Colors: Black - Google Arts & Culture [Internet]. Google Arts & Culture. [cited 31 March 2022]. Available from: هنا
4. Fashion in Colors: Red, Yellow, Blue - Google Arts & Culture [Internet]. Google Arts & Culture. [cited 31 March 2022]. Available from: هنا
5. What is Color Theory? [Internet]. The Interaction Design Foundation. [cited 31 March 2022]. Available from: هنا
6. Elements and Principles of Fashion Design [Internet]. Fitnyc.edu. [cited 12 April 2022]. Available from: هنا
7. NMSU: Fashion Feasibility [Internet]. Aces.nmsu.edu. 2013 [cited 3 April 2022]. Available from: هنا