الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية
الهجرة وتغيير العادات الغذائية
يُشكل المهاجرون من البلدان منخفضة الدخل نسبة متزايدة من السكان في العالم. وبمرور الوقت، حدث تبادل للأفكار والعادات بين المهاجرين والسكان الأصليين. فيما يتعلق بالعادات الغذائية، يتأثر المهاجرون بالثقافة الغذائية في البلد المضيف، مما يؤدي إلى تغييرات في عاداتهم الغذائية، بينما يساهمون بالمقابل في توسيع أنواع المواد الغذائية الجديدة في المتاجر والمطاعم، ومن هنا أصبح من المهم دراسة التغييرات الغذائية بعد الهجرة ومناقشة آثارها المترتبة على الصحة (1).
أسباب تغيير العادات الغذائية:
هناك سببان يدفعان إلى التغيير في نمط الحياة، الأول هو التحول التغذوي Nutrition Transition، والثاني هو التثاقف الغذائي Dietary Acculturation.
التحول التغذوي بسبب عولمة سوق المواد الغذائية. بدأ في البلدان المرتفعة الدخل، لكنه انتشر إلى البلدان المنخفضة الدخل، وقد أدى ذلك إلى زيادة المنتجات من الأطعمة فائقة المعالجة Ultra-Processed Foods الرخيصة الثمن والغنية بالدهون والسكر والكربوهيدرات المكررة مثل المشروبات السكرية والوجبات الخفيفة والأطعمة الجاهزة، وتناول المزيد من اللحوم ومنتجات الألبان. بالمقابل، استُهلكت الحبوب الكاملة والبقوليات على نحوٍ أقلّ (1).
أما التثاقف الغذائي عُرّف على أنه العملية التي تحدث عندما تتبنى أقلية ما (المهاجرون مثلًا) الخيارات الغذائية وأنماط الأكل في البلد المضيف، التي قد تكون صحية أو غير صحية. تشير الأبحاث المتاحة إلى أن المهاجرين قد يجدون طرائقَ جديدة لإعداد الأطباق والوجبات التقليدية، واستبعاد الأطعمة، واستهلاك أطعمة جديدة (1,2).
فما هي أهم التغييرات الغذائية؟
بداية تُقسم الأطعمة إلى ثلاث فئات رئيسة:
- الأطعمة الأساسية Staple foods: الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات مثل الحبوب والأرز والذرة…
- الأطعمة التكميلية Complementary foods: كالبقوليات خاصة، تليها الفاكهة والخضروات (التي تخضع للتغيرات الموسمية) ومنتجات الألبان (التي يكون استهلاكها منخفضًا).
- الأطعمة الملحقة Accessory foods: كالزبدة والزيت والسمن والحليب الكامل الدسم والحلويات.. (1).
ولوحظت زيادة في وزن مجموعة نساء مهاجرة - مُختارة بهدف التجربة- إلى إيطاليا والتي نتجت عن استهلاك الجبن والمعكرونة والوجبات الخفيفة والحلويات. إذ غالبًا ما يرتبط التثاقف الغذائي الغربي بخيارات غذائية أسوأ مع التركيز على الراحة والأطعمة الدهنية العالية، وبسبب ارتفاع أسعار السوق للمنتجات الصحية، ونقص المعلومات بخصوص المنتجات الغذائية (2).
وفي دراسة أخرى أُعدت على نساء مهاجرات من دول جنوب آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط إلى النرويج، أشاروا الى أنه كان لابد من التخلي عن بعض العادات الغذائية و تعديلها وتكييفها، وإنشاء عادات جديدة، إذ اقتصرت العادات الغذائية الجديدة خلال الفترة الأولى بعد الهجرة على عدد أقل من المواد الغذائية وتكرارها، بسبب نقص المعلومات وضعف القراءة والكتابة مما يسبب ارتباكًا، ويحد من إدراج بعض الأطعمة، ويؤدي إلى أن يصبح الغذاء رتيبًا أو محدودًا (3).
أُعدت دراسة أيضًا على مهاجرين عرب في كندا، لوحظ فيها محاولة الموازنة بين الحفاظ على عاداتهم الغذائية التقليدية والانفتاح على الأطعمة الغربية، إذ عدّل بعض المشاركين السلوك الغذائي إيجابيًا وسلبيًا مثل القلي الأقل للطعام، والمزيد من قراءة الحقائق والملصقات الغذائية، إضافةً إلى أن السلوك الغذائي غير الصحي زاد لدى البعض كزيادة تناول الوجبات الجاهزة بسبب ضيق الوقت، واستهلاك الطعام الغربي بسبب تفضيله من قبل الأطفال، واستخدام المشروبات المحلاة بالسكر، وأكل اللحوم الحمراء وتناول الطعام في الخارج. على الرغم من توفر خيارات صحية أكثر عند تناول الطعام في الخارج، إلا أنه قد يكون مُعداً من مكونات صحية لكنه مطبوخ بطريقة غير صحية أو يحتوي على كمية عالية من الملح والسكر والدهون التي تسبب مشكلاتٍ في الصحة. وقد يميلون إلى اختيار الأطعمة الجاهزة وسهلة التحضير بسبب ضيق الوقت، لأن الأطعمة التقليدية تأخذ المزيد من وقت التحضير (4).
أما من الناحية الإيجابية فقد تميز المهاجرون بجوانب مختلفة، فقد أدى الانتقال إلى بيئة غذائية جديدة بدخل منخفض إلى تقدير أكبر للأطعمة الصحية الطازجة والخالية من المواد الكيميائية وغير المصنعة، وأصبح لديهم مجموعة من المهارات والاستراتيجيات لشرائها وإعدادها (5).
ووجدت العديد من الدراسات أن المهاجرين في البلدان ذات الدخل المرتفع قادرون على الحصول على نظام غذائي صحي بتكلفة أقل من السكان الأصليين، وهي ظاهرة تسمى Nutrition Resilience المرونة التغذوية (5).
ونصيحةٌ للمهاجرين في الختام: يجب أن تكون الأولوية هي الوقاية من زيادة الوزن، عن طريق تجنب الأطعمة ذات المحتوى العالي من السعرات الحرارية والأطعمة فائقة المعالجة والمشروبات الغازية المحلاة بالسكر وتجنب اللحوم الحمراء وخاصة اللحوم المصنعة، وكذلك منتجات الألبان العالية الدسم، بسبب المخاطر الكثيرة المترتبة لتناولها على الصحة (1).
لهذا يمكن أن يكون النظام الغذائي الغني بالألياف هو الطريقة الأكثر واقعية للحفاظ على الوزن أو إنقاصه على المدى الطويل، لأن مثل هذا النظام الغذائي هو الأكثر ملاءمة من حيث الجودة، وتناول الحبوب الكاملة أو المنتجات المشتقة منها، إضافةً إلى الفواكه والخضروات والبقول، سيكون لها جميعًا تأثيرات معززة للصحة بسبب المحتوى العالي من المغذيات الدقيقة والألياف، وهو أيضًا أقل محتوى من السعرات الحرارية بسبب الحجم الأكبر للألياف. مع التأكيد على أهمية تحسين نوعية الدهون، واستبدال الدهون من اللحوم الحمراء والزبدة بالزيوت غير المهدرجة، وزيادة المكسرات والبذور (1).
المصادر: