فقر الدم الكبير الكريات

فقر الدم هو أشيع اضطراب دموي يحدث عندما لا يملك الجسم كميات كافية من كريات الدم الحمراء، أو أن هذه الكريات لا تقوم بوظيفتها  مثل ما ينبغي وذلك بالارتباط بالأوكسجين ونقله إلى أنسجة الجسم المختلفة. 

ويُشخَص عندما تنخفض قيمة هيموغلوبين الدم عن 13.5 غ /دسل عند الرجال، و 12 غ/دسل  عند النساء، أما بالنسبة للأطفال فتختلف القيم الطبيعية تبعًا للعمر (1).

ويصنف فقر الدم إلى ثلاثة أنواع وذلك حسب حجم الكرية الحمراء الوسطي (Mean Corpuscular Volume (MCV، والذي يتراوح طبيعيًا بين 80-100 فيمتوليتر Femtolitre، وهذه الأنواع هي: 

فقر الدم الصغير الكريات، وفقر الدم مع حجم طبيعي للكريات، وفقر الدم الكبير الكريات.

يكون MCV في فقر الدم الصغير الكريات أقل من الطبيعي، ويظهر على نحوٍ شائع في حالات فقر الدم الناجم عن نقص الحديد المزمن، وفقر الدم الناتج عن الأمراض المزمنة، وفقر الدَّم الحديديّ الأرومات، والتلاسيميا كما يمكن أن يحدث أيضًا في حالات أخرى.

أما في فقر الدم طبيعي الكريات يكون MCV طبيعي ولكن مستوى كل من الهيموغلوبين والهيماتوكريت منخفض (2).

وبالنسبة لفقر الدم الكبير الكريات فيكون MCV أكبر من الطبيعي، ويمكن تصنيفه إلى فقر الدم ضخم الأرومات وغير ضخم الأرومات ولكل منهما أسباب مختلفة، إذ ينتج فقر الدم غير ضخم الأرومات عن اضطرابات مختلفة مثل: خلل في وظيفة الكبد، إدمان الكحول المزمن، فقر دم دياموند بلاكفان Diamond-Blackfan (مرض خلقي نادر). 

أما فقر الدم ضخم الأرومات فينتج عن خلل في تصنيع الحمض النووي DNA وذلك يعود إلى نقص فيتامين B12 و/أو حمض الفوليك، بِيلَة حمض الأوروتيك (2,3)، ويعد نقص B12 هو السبب الأشيع إذ يرتبط بالعامل الداخلي الذي تفرزه الخلايا الجدارية في المعدة وبعد امتصاصه يساهم في تحويل حمض الفوليك إلى شكله الفعال والذي يساهم في تخليق الحمض النووي، وبالتالي عندما ينقص فيتامين B12 يكون حمض الفوليك النشط أيضًا ناقصًا، ونتيجةً لذلك يتأثر التفاعل داخل الخلايا واصطناع الحمض النووي فتتوقف الكريات الحمر عن الانقسام وتتضخم (2,3). 

الأسباب:

إن كل ما يؤدي إلى نقص B12 أو حمض الفوليك يمكن أن يسبب فقر الدم ضخم الأرومات، وهذا يشمل:

- عدم كفاية الوارد الغذائي كما هو الحال عند النباتيين.

- سوء امتصاص فيتامين B12 بسبب نقص العامل الداخلي وهو بروتين تفرزه الخلايا المعدية يساعد في امتصاص فيتامين B12. 

- الإفراط في شرب الكحول. 

- الاضطرابات الهضمية مثل الداء الزلاقي وداء كرون.

- جراحة المعدة. 

- بعض الحالات الطبية قد تزيد خطر عوز فيتامين B12 مثل أمراض المناعة الذاتية. 

- بعض الأدوية قد تعيق امتصاص B12 مثل الميتفورمين، وأدوية الحرقة، وأدوية الصرع (4,5).                                                                                                                                       

قد يحدث هذا النوع من فقر الدم عند الأطفال أيضًا نتيجة مرض خلقي وراثي يعيق امتصاص حمض الفوليك في الأمعاء، ويتطلب ذلك علاج مبكر مكثف للوقاية من المشكلات طويلة الأمد مثل الإعاقة الذهنية (5). 

أما بالنسبة إلى فقر الدم غير ضخم الأرومات فإنه تبعًا للفرضيات يمكن أن يؤدي الفشل الكبدي إلى زيادة كمية الكوليسترول المحملة على أغشية الكريات الحمراء وبالتالي زيادة مساحة السطح الخاصة بها، ويؤدي أيضًا تناول الكحول لفترة من الزمن لى ضعف في امتصاص حمض الفوليك وكلاهما يؤدي إلى فقر دم كبير الكريات (2). 

الأعراض:

يسبب نقص فيتامين B12 أعراض عامة مثل التعب والصداع، والخفقان، وضيق التنفس بالإضافة إلى أعراض هضمية مثل الغثيان والإسهال، وفقدان الشهية، ويمكن أن يحدث أيضًا أعراض عصبية للتنكس المشترك تحت الحاد subacute combined degeneration، وفقدان الحس. 

ونظرًا لوجود كميات كبيرة من فيتامين B12 مخزنة في الكبد فإن ظهور هذه الأعراض السريرية الناتجة عن نقصه يستغرق زمنا طويلًا (2,3). 

أما أعراض فقر الدم غير ضخم الأرومات فتتجلى بأسبابه الكامنة مثل القصور الكبدي، إدمان الكحول المزمن (السبب الأكثر شيوعًا) بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تظهر أعراض أخرى مثل اليرقان، والتعب، والوذمة المحيطية، وسهولة النزف والكدمات (2). 

التشخيص:

يعد اختبار تعداد الدم الكامل ضروريًا بما في ذلك الهيموغلوبين والهيماتوكريت و MCV لتحديد نوع فقر الدم بالإضافة إلى معايرة كل من فيتامين B12 وحمض الفوليك، وكذلك القصة المرضية والفحص السريري لمعرفة ما إذا كان المريض مدمنًا على الكحول على نحوٍ مزمن أو عرضة لفشل الكبد  أو يتبع نظامًا غذائيًا فقيرًا بالفيتامينات بالإضافة إلى الكشف عن سوء الامتصاص في حال وجوده. 

وفي حال الاشتباه بوجود بيلة حمض الأوروتيك فيكون من الضروري أيضًا إجراء تحليل البول لحمض الأوروتيك والأمونيا (2). 

العلاج:

يختلف علاج فقر الدم الكبير الكريات تبعًا لسببه، فيعالج نقص فيتامين B12 وحمض الفوليك بتناول المكملات الغذائية الحاوية عليهم، كما يُحَث المرضى الذين يعانون من إدمان الكحول المزمن على التوقف عن تناول الكحول والحصول على مكملات حمض الفوليك (2). 

المضاعفات:

يمكن أن يسبب نقص حمض الفوليك عند المرضى الحوامل حدوث عيوب في الأنبوب العصبي للجنين، ويمكن أيضًا أن يعاني المرضى الذين لديهم نقص فيتامين B12 من مضاعفات التنكس المشترك تحت الحاد subacute combined degeneration. 

وتكون بيلة الاوروتيك وفقر الدم من النوع Diamond Blackfan قاتلين في حال لم تعالج الحالة بتناول المكملات. 

وأيضًا يمكن أن يعاني المرضى الذين لديهم قصور كبدي أو تليف الكبد عددًا كبيرًا من المضاعفات تتراوح بين فرط أمونيا الدم، والاستسقاء وارتفاع ضغط الدم البابي، وتضخم القلب، ودوالي المريء مع تمزق البواسير الداخلية ونزيفها، والمتلازمة الكبدية الكلوية والاعتلال الدماغي الكبدي. 

ويمكن أن يؤدي إدمان الكحول المزمن أيضًا إلى هذه المضاعفات بسبب تليف الكبد الكحولي بالإضافة إلى متلازمة فيرنيك كورساكوف Wernicke-Korsakoff الناتجة عن نقص الثيامين (2). 

المصادر: