الغذاء والتغذية > منوعات غذائية
عواقب الأزمة الروسية - ؛الأوكرانية على سلامة المنتجات الغذائية العالمية
بينما بالكاد تتعافى البلدان في جميع أنحاء العالم من العواقب الاقتصادية الكارثية لوباء COVID-19 العالمي، تأتي الأزمة الروسية - الأوكرانية لتزيد الوضع الاقتصادي سوءاً، ولا سيما في سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية (1)؛ ومن المتوقع أن يكون لهذه التأثيرات الاقتصادية في سلسلة الإمداد الغذائي تأثير كبير في سلامة الأغذية وجودتها بطرائق مختلفة، بما في ذلك الزيادة في أسعار الطاقة التي تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأعلاف والأسمدة، والتغيرات في توافر العمالة الموسمية (1).
على الرغم من أن الدراسات ركزت على تأثير هذه الأزمة في سلسلة الإمداد الغذائي من وجهة نظر اقتصادية، فقد أُجريت القليل جدًا من الأبحاث الأكاديمية فيما يخصّ تأثير هذه الأزمة في جودة الأغذية وسلامتها (1) .
تاريخياً، كانت للحروب وغيرها من أعمال العنف الكبرى آثارٌ مدمرةٌ مباشرةٌ في الأمن الغذائي وعواقب وخيمة غير مباشرة على جودة الأغذية وسلامتها، مع آثار دائمة بمرور الوقت (2). فمن غير المرجح أن تكون هذه الأزمة استثناء.
واحدة من القضايا التي تتعلق بسلامة الغذاء المرتبطة بالحروب هي انتشار الأمراض، إذ سلطت منظمة الأغذية والزراعة FAO الضوء على الخطر الكبير لانتشار الأمراض الحيوانية، مثل حمى الخنازير الأفريقية (ASF) في أوكرانيا والبلدان المجاورة (3). وفُسّر الخطر المتزايد لهذا المرض عن طريق التأثير السلبي للنزاع في القدرات الحالية في مجالات المراقبة والتشخيص والتحصين وخدمات التفتيش ومرافق الرعاية البيطرية. إضافةً إلى ذلك، يمكن تعزيز انتشار (ASF) عن طريق الهجرة الجماعية للاجئين والنازحين الفارّين من الصراع. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن تؤدي هذه الأزمة إلى مزيدٍ من الضغط على توافر الأسمدة وتعزيز استخدام البدائل مثل روث الحيوانات، ويمكن أن يؤدي هذا إلى انخفاض غلة المحاصيل وانخفاض الجودة بسبب قلة الحماية ضد الالتهابات الفطرية والبكتيرية (3,4).
ستؤدي العقوبات المفروضة على روسيا وبيلاروسيا إلى زيادة الطلب العالمي على الغذاء وزيادة أسعاره، مما قد يؤثر في جودة الأغذية وسلامتها. ومن المتوقع أن يصاحب ارتفاعَ الأسعار الناجم عن انخفاض توافر الغذاء ضعفٌ في جودة المنتجات الغذائية بسبب تحول محتمل في أنماط الاستهلاك نحو منتجات غذائية أرخص ولكن بجودة أقل في كثير من الأحيان. على سبيل المثال، في البلدان الأوروبية سيتطلب الانخفاض في الصادرات الروسية من شركات الأغذية إلى حذف مكونات غذائية معينة أو استبدالها أو تغيير عملية التصنيع أو الوصفة وإيجاد بدائل على المدى القصير، مما قد يقلل من جودة المنتجات، لأن هذه البدائل في بعض الحالات قد لا تلبي مواصفات المنتج المطلوبة (على سبيل المثال، أن تكون السلع خالية من المنتجات المعدلة وراثيًا) أو لا تتوافق مع تشريعات الاتحاد الأوروبي (4).
إضافةً إلى ذلك، نظرًا لأن الأحداث المتطرفة غالبًا ما تثير موجات من الطلب المفاجئ على الغذاء "panic buying" مثل تلك التي ظهرت مع تفشي الوباء COVID-19 خلال فترات الحجر الصحي، يمكن توقع سلوك مشابه مع الأزمة الحالية (5)، وقد يؤدي شراء المنتجات الغذائية وتخزينها في المنازل (panic stockpiling) إلى المزيد من هدر الغذاء نتيجة فساده (6) .
غالبًا ما تزداد قضايا الاحتيال والغش في الغذاء في البلدان التي تشهد أزمات؛ إذ إنَّ الخصائص الرئيسة للاحتيال الغذائي هي عدم الامتثال لقوانين الغذاء وتضليل المستهلك لتحقيق مكاسب مالية. يمكن أن يشمل الاحتيال الغذائي استبدال الأنواع، وإضافة المكونات الغذائية أو استبدالها ببدائل غير معلن عنها (7). حالات الاحتيال الغذائي كانت أكثر انتشارًا خلال الجائحة COVID-19 (8). وبالمثل، فإن الأزمة الأوكرانية يمكن أن تزيد من فرص الاحتيال في مجال الغذاء وقد يؤثر في أنظمة تتبع الغذاء العالمية.
يعد العسل وزيت عباد الشمس والحبوب والمأكولات البحرية من بين المواد الغذائية الرئيسة المنتجة في أوكرانيا وهي الأكثر عرضة للاحتيال الغذائي.
- العسل:
أوكرانيا هي أكبر منتج للعسل في أوروبا، إذ يُصدَّر أكثر من نصف العسل الأوكراني (9). العسل منتج يتعرض للغش المتكرر بعدة طرائق، مثل التوسيم الخاطئ، والإعلان غير الصحيح عن أصوله النباتية أو الجغرافية، والإضافة المباشرة أو غير المباشرة لمُحليات أرخص أو عسل منخفض الجودة (10). وبسبب العسل المغشوش المستورد الذي يستمر في إغراق السوق، يجد منتجو العسل المحليون صعوبات في إنتاج مستدام يعتمد على العسل الأصلي (11).
- زيت عباد الشمس:
تعد أوكرانيا وروسيا مصدّرين رئيسين لزيت عباد الشمس. توفّر هذه الأزمة فرصة فريدة للغش باستبدال زيت عباد الشمس بزيت بذور اللفت المكرر (كانولا) والزيوت المعدنية وزيت الخروع وزيت بذور القطن (12).
- الأطعمة البحرية:
إن سلسلة توريد المأكولات البحرية معرضة على نحوٍ خاص للغش، مثل استبدال الأنواع باهظة الثمن من الأسماك بأنواع منخفضة القيمة، وإساءة تسمية الأصل الجغرافي، كإضافة تسميات للأسماك المستزرعة بثمن بخس على أنها أسماك من سلالة برية أغلى ثمنًا أو تصنيف الأسماك التي تُرَبّى في المزارع التقليدية على أنها أصناف بيئية أو عضوية أكثر قيمة. مثل المأكولات البحرية (بما في ذلك الأسماك البيضاء مثل سمك القد الأطلسي) التي تعد من بين أكبر الصادرات الزراعية لروسيا، ومن المرجح أن تؤثر القيود المفروضة على صادرات روسيا من هذه المنتجات في العرض مما يؤدي إلى زيادة فرص الاحتيال. من المتوقع أيضاً أن تتأثر بعض الحبوب وخاصة القمح والذرة وكذلك البقول بشدة جرّاء هذه الأزمة (11).
المصادر: