كتاب > روايات ومقالات
رواية عيناها؛ على مذبح الحب تبذل الأنفس
نُشرت رواية (عيناها) للمرة الأولى في العام 1952 (1)، وتُعرف بأنها أفضل ما خطّه قلم الكاتب الإيراني بزرك علوي (Bozorg Alavi 1904-1997)، الذي يعدّ من أبرز كتّاب الأدب الإيراني في القرن العشرين، وهي حقبةٌ مثيرة لأي شخص مهتم بالأحداث السياسية.
تحوي هذه الرواية كلَّ ما يتمناه المرء من طابع رومانسي وسياسي ونقد اجتماعي وتضحية بالنفس في سبيل الحب ونهاية مأساوية حزينة، وسرعان ما يكتشف القارئ أن شخصيات الرواية ترمز إلى أشخاص حقيقيين، واستطاع قراؤها في الماضي كقرائها الحاليين أن يفهموا نوايا الكاتب السياسية المحضة الكائنة بين السطور بسهولةٍ بالغة.
يُمثّل العظيم أوستاد ماكان وفرنكيس التي كانت من علياء القوم (بطلي الرواية) صورَ الكاتب ماكان رسامًا عظيمًا سخّر فنّه لتصوير معاناة الناس ومحنهم انطلاقًا من إحساسه العالي والتزامه بقضايا الناس من عامة الشعب، فيصّور مثلًا معاناةَ عائلةٍ قروية أُجبرت على ترك كوخها الريفي للعيش في مكان "متحضّر" يفتقر إلى مكانٍ لوضع ماشيتهم فيه، أو شعور امرأة بالخزي لأنها قايضت قبّعةً بغطاء رأسها، ولم يخرج عن تلك القاعدة قطّ إلا عندما رسم شخصيةً مرموقة ومعروفة، وهو الوزير صاحب النفوذ كايلتاش، لكنه ما لبث أن مزقّها، وكذلك رفض رفضًا قاطعًا أن يرسم لوحةً للشاه قائلًا لكايلتاش: "إنني لا أرسم لوحاتٍ إلا لأناسٍ أرغب في رسمهم"، في نهاية المطاف يتعرض ماكان للنفي بسبب أنشطته السياسية.
أما فرنكيس التي تنتمي إلى الطبقة الراقية من المجتمع، وراوية من الرواة؛ فإن حياة الرفاهية والدلال التي عاشتها قد تركتها دون أي مهارات وظيفية، وبعد أن قدّمها والدها إلى ماكان العظيم لرغبتها في تعلم الرسم، رفضها ماكان بشدة لأنها تفتقر إلى الموهبة؛ فدفعها يأسها وجرح كبريائها إلى الالتحاق بمدرسة الفن الباريسي، لتكتشف أنها تفتقر بالفعل إلى مهارات الرسم وأن ماكان كان على حق، وعادت إلى إيران لتشارك في الأنشطة السياسة لماكان رسام إيران العظيم بعد أن سمعت عنها من بعض الشبان في باريس، وهناك التقت به ووقعت في غرامه.
يُعدّ مدير مدرسة الرسم التي أسسها الرسام العظيم أوستاد ماكان وقيّم المتحف الملحق بالمدرسة الذي يحوي معظم لوحات ماكان الراوي الثاني في الرواية، أراد المدير أن يكتب السيرة الذاتية عن حياة ماكان، غيرَ أن شيئًا واحدًا أعاقه، ألا وهو السر وراء لوحة رسمها ماكان وتحمل اسم الرواية، نظرًا لأنه لم يكن لديه أدنى فكرة عمن تكون صاحبتها، ولا سيما أن ماكان لم يُعرف عنه أي علاقات مع النساء؛ لتأخذنا الرواية في رحلةٍ مع هذه المرأة وقصتها.
ختامًا، عزيزي القارئ إن لم تقرأ أي شيءٍ بعد من الأدب الإيراني، فلا بدّ أن تبدأ بهذه الرواية أولًا؛ لأنها تُعدُّ واحدةً من أفضل الروايات في القرن العشرين على بساطة أسلوبها وانسيابيتها، والجوهرة الثمينة لأفضل كتـّاب إيران في القرن العشرين.
معلومات الكتاب:
اسم المؤلف: بزرك علوي
اسم المترجم : د. أحمد موسى
دار النشر : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
عدد صفحات الكتاب: 322 صفحة
تدقيق لغوي: Souha A Saeed
المصدر:
(1) علوي بزرك. عيناها. الطبعة الأولى 1952. موسى أحمد (المترجم)؛ 2014. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. ص 322.