الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
القرفة ودورها في علاج داء السكري من النوع الثاني
تنتمي (القرفة - cinnamon) -الشجرة الأبدية للطب الاستوائي- إلى عائلة "Lauraceae"، وتعدّ من أهم التوابل التي يستخدمها الناس يوميًّا في أنحاء العالم؛ إذ تحتوي على المنغنيز والحديد والألياف الغذائية والكالسيوم، إضافة إلى مشتقاتٍ كـ(سينامالديهيد - cinnamaldehyde) و(حمض سيناميك - cinnamic acid) وعديد من المكونات الأخرى كـ(البوليفينول - polyphenols) ومضادات الأكسدة والالتهاب والسكر والميكروبات (1).
يمكنك قراءة مزيد عن فوائد القرفة واستخداماتها في المقال السابق هنا
القرفة نوعان: (قرفة سيلان - Cinnamomum zeylanicum)، التي تسمى أحيانًا القرفة الحقيقية، و(قرفة كاسيا - Cinnamon cassia). الفرق بينهما يكمن في محتوى مادة (الكومارين - coumarin) وهي مركبات نباتية طبيعية ذات نشاط قوي مضاد للتخثر، إذ يكون تركيزها في قرفة سيلان أقل منه في الأخرى، وقد يكون للكومارين أيضًا تأثيرات سامة محتملة على الكبد، لذلك فإن الجرعات العالية المنتظمة من قرفة كاسيا قد تكون سامة للكبد لاحتوائها على نسبة عالية من الكومارين بنسبة 0.8٪ إلى 10.63٪ (2).
مؤخرًا؛ أظهرت عديٌد من التجارب خصائصَ واعدة للقرفة مضادةً للسرطان ومضادةً للتقرح، إضافة إلى تأثيراتها المفيدة في مرض ألزهايمر والتهاب المفاصل وتصلب الشرايين ومرض السكري (1،2)، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال.
دور القرفة في علاج مرضى السكري ومضاعفاته:
- خفض سكر الدم: تؤدي زيادة الإجهاد التأكسدي إلى زيادة مقاومة الخلايا للأنسولين وضعف تحمل الغلوكوز، مما يؤدي في النهاية إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 2. تحتوي القرفة على مركبات البوليفينول القابلة للذوبان في الماء، وهي تحاكي الأنسولين، وتزيد حساسية الخلايا له عن طريق تثبيط (التيروزين فوسفاتيز - Tyrosine phosphatase)، وهو إنزيم يثبط مستقبلات الأنسولين. يُعدّ "GLUT 4" الناقل الرئيس للغلوكوز في العضلات والهيكل العظمي والأنسجة الدهنية، التي تؤدي دورًا رئيسًا في امتصاص الغلوكوز من مجرى الدم وتخزينه كغليكوجين وأكسدته لإنتاج الطاقة، وهذا الناقل يتأثر بالأنسولين، لذلك ينخفض "GLUT 4" عند مرضى السكري بسبب غياب أو عدم كفاية حساسية الأنسولين؛ فيعيق تخزين الغلوكوز فيزداد تركيزه في مجرى الدم، لذلك يحسّن البوليفينول مرض السكري من النوع 2 عن طريق تحفيز عمل "GLUT 4"(3).
- ضبط الأنسولين: قد تنشط مستخلصات القرفة تركيب الغليكوجين، فتنشّط مستقبلات الأنسولين كيناز، وتزيد امتصاص الغلوكوز، وتثبط تركيب الغليكوجين كيناز، وتمنع نزع الفسفرة من مستقبلات الأنسولين، مما يؤدي إلى زيادة حساسية الخلايا للأنسولين في النهاية (2). أشارت البيانات في دراسة حديثة إلى أن إضافة 3غ من القرفة إلى وجبة الاختبار لم يكن لها تأثير كبير على خفض السكر في الدم بعد الأكل، لكنّها خفّضت مستويات الأنسولين في الدم انحفاضًا ملحوظًا وزادت تركيزات الببتيد "GLP-1" الشبيه بـ(الغلوكاغون - Glucagon)، الذي ثَبٌتَ أنه يزيد إفراز الأنسولين، ويقلل امتصاص الغلوكوز ونسبة السكر في الدم بعد الأكل (1).
- ضبط ضغط الدم: ساعدت القرفة في خفض ضغط الدم الانقباضي انخفاضًا كبيرًا بمتوسط 5.39 ملم زئبقي، وكذلك انخفض ضغط الدم الانبساطي بمتوسط 2.6 ملم زئبقي (1). وأظهرت دراسة أخرى أن تناول غرامين من القرفة مدة 12 أسبوعًا، أدت إلى انخفاض كبير في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي (4) على الرغم من أن الآلية التي قد تخفّض القرفة عن طريقها ضغط الدم غير واضحة، فإن الانخفاض في إنتاج الجذور الحرة، والحد من حركة الأعصاب الودية، وزيادة مستوى أكسيد النيتريك في الدم بصفته "موسعًا للأوعية"، إطلاق الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين، وانخفاض مقاومة الأنسولين، وهي بعض الفرضيات المتعلقة بتأثير القرفة في خفض ضغط الدم (5).
- تقليل مخاطر مضاعفات السكري الشائعة: يواجه مرضى السكري ضِعف خطر الإصابة بأمراض القلب مقارنة بالأشخاص الأصحّاء، وقد ثَبُتَ في بعض الدراسات أن القرفة قد تساعد على تقليل هذا الخطر. وُجِد أيضًا أن تناول مرضى السكري 2 للقرفة كان مرتبطًا بانخفاض متوسط في الكوليسترول الضار "LDL" وانخفاض الشحوم الثلاثية، مع زيادة نسبة الكوليسترول الجيد HDL". (6") قد تقلل القرفة الوزنَ عند مرضى السكري أيضًا؛ إذ لوحظ في تجاربٍ على الفئران انخفاض شهيتها وزيادةً في الناقل العصبي "5-HT" (سيروتونين 5-هيدروكسي تريبتامين - 5-HT serotonin 5-hydroxy tryptamine) الذي بدوره يقلل الرغبة في تناول الطعام (1).
كمية القرفة الممكن استهلاكها يوميًا:
استخدمت معظم الدراسات من 1 إلى 6 غرامات من القرفة، وهو ما يعادل نصف ملعقة صغيرة (7)، ووفقًا لـ(هيئة سلامة الغذاء الأوروبية - EFSA)، تحتوي ملعقة صغيرة من مسحوق القرفة على 5.8-12.1 ملغ من الكومارين (المدخول اليومي المسموح به للبشر هو 0.1 ملغ / كغ من وزن الجسم، مما يعني أن ملعقة شاي يومية قد تتجاوز الحد المسموح به للأفراد الأصغر) (1)، لذا؛ يفضل استهلاك ما يعادل نصف ملعقة صغيرة يوميًّا للحصول على الفوائد الصحية المرجوة دون أضرار أو تأثيرات جانبية (7).
وفيما يأتي بعض الطرائق التي يمكننا عن طريقها إضافة القرفة إلى الأطعمة لنحصل على فوائدها يوميًا:
- رش القرفة على دقيق الشوفان والحبوب الأخرى.
- إضافتها إلى التفاح المخبوز والخضروات المشوية.
- غلي أعواد القرفة في عصير التفاح.
- خلط القرفة والقليل من السكر ووضعها على الخبز المحمص (7).
المصادر:
2- Senevirathne BS, Jayasinghe MA, Pavalakumar D, Siriwardhana CG. Ceylon cinnamon: a versatile ingredient for futuristic diabetes management. Journal of Future Foods [Internet]. 2022 [cited 27 July 2022];2(2):125-142. Available from: هنا
3. Sharma S, Mandal A, Kant R, Jachak S, Jagzape M. Is Cinnamon Efficacious for Glycaemic Control in Type-2 Diabetes Mellitus?. J Pak Med Assoc [Internet]. 2020 [cited 10 August 2022];70(11):2065-2069. Available from: هنا;
4- Akilen R, Tsiami A, Devendra D, Robinson N. Glycated haemoglobin and blood pressure-lowering effect of cinnamon in multi-ethnic Type 2 diabetic patients in the UK: a randomized, placebo-controlled, double-blind clinical trial. Diabetic Medicine [Internet]. 2010 [cited 27 July 2022];27(10):1159-1167. Available from: هنا
5- Jamali N, Jalali M, Saffari-Chaleshtori J, Samare-Najaf M, Samareh A. Effect of cinnamon supplementation on blood pressure and anthropometric parameters in patients with type 2 diabetes: A systematic review and meta-analysis of clinical trials. Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews [Internet]. 2020 [cited 27 July 2022];14(2):119-125. Available from: هنا
6- Allen R, Schwartzman E, Baker W, Coleman C, Phung O. Cinnamon Use in Type 2 Diabetes: An Updated Systematic Review and Meta-Analysis. The Annals of Family Medicine [Internet]. 2013 [cited 27 July 2022];11(5):452-459. Available from: هنا
7. Kitchin B. Cinnamon and Diabetes: Mixed Evidence [Internet]. University of Alabama at Birmingham (Uab). 2022 [cited 10 August 2022]. Available from: هنا