زيادة العنف في الطقس الحار

من الممكن أن لاحظتم ارتفاعًا في أعداد الجرائم وأعمال العنف مؤخرًا. 

هل تسائلتم عن سبب هذا الارتفاع؟ فهل هو أمر عشوائي أو هل هناك تفسير منطقي لهذه الظاهرة؟

 لقد أظهرت بعض الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد معدلات الجرائم العنيفة مثل القتل المتعمد والجرائم الجنسية والاعتداءات (1-3). إحدى الدراسات أجريت في 7 ولايات أمريكية بين عامي 2007 و2017  ووجدت أن ارتفاع متوسط في درجة الحرارة اليومي بمقدار 5 درجات مئوية أدى لزيادة بنسبة 4.5% في الجرائم الجنسية (1).

هذه الظاهرة ليست مقتصرة على الولايات المتحدة الأمريكية بل اتضح أنها في كل أنحاء العالم. ففي اليابان أظهر تحليل وطني بين عامي 2012 و2015 أن حركة نقل أعمال الاعتداء في سيارات الإسعاف متعلقة طرديًّا مع ارتفاع درجات الحرارة اليومية (1)، وتشير الأدلة على أن هناك توزع موسمي للأحداث العنيفة؛ إذ يقع معظمها في الصيف والمواسم الحارة مقارنة بالشتاء (1).

أجرى الباحثون تجارب مخبرية بهدف العثور على تفسير علمي لهذه الظاهرة، وعيّن الباحثون المشاركين بطريقة عشوائية لواحدة من ثلاث غرف: غرفة حارة وغرفة باردة وغرفة معتدلة. كانت الغرفتان الحارة والباردة غير مريحة للمشاركين. كانت النتيجة أن المشاركين في الغرف الباردة والحارة قد أظهروا تفاعلات أكثر عدوانية مقارنة مع المشاركين في الغرفة المريحة (2). رغم ازدياد العنف في كلتا الغرفتين الحارة والباردة، أشارت دراسات مختلفة إلى أن الطقس الحار فقط وليس البارد يزيد معدلات العدوانية (3). ففي دراسة أُجريت في روسية، كانت درجات الحرارة الشديدة متعلقة بزيادة الوفيات من أعمال الاعتداء العنيفة بينما درجات الحرارة شديدة البرودة لم يكن لها أي تأثير (3)

ما سبب وجود هذه العلاقة بين الطقس الحار والعدوانية؟ 

هنالك نظريتان تفسران منشأ هذه العلاقة:

1. النظرية البيولوجية أو نظرية العدوان الحراري: يؤدي الطقس الحار إلى زيادة الانزعاج والإحباط والاندفاع مما يؤدي إلى زيادة العنف والعدوان بين الأشخاص. لكن تفشل هذه النظرية في تفسير سبب زيادة العنف في المناطق التي ترفع درجات الحرارة من بارد إلى معتدل لأنه من غير المحتمل أن تسبب الدرجات المعتدلة بعدم الراحة 
2. نظرية النشاط الروتيني: تشير هذه النظرية إلى أن التغيير في درجة الحرارة يمكن أن تغير النشاط الروتيني اليومي للأفراد كالنشاطات الخارجية أو العلاقات الاجتماعية مما يزيد النزاعات الشخصية ويخلق بيئة إجرامية مناسبة. للعوامل الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والبيولوجية دور مهم في طريقة تفاعل الشخص مع البيئة المحيطة تبعًا لهذه النظرية (1).

العلاقة بين العدوانية والحرارة المرتفعة ليست جديدة ولكن من الضروري تسليط الضوء عليها في الوقت الحالي المتزامن مع التغير المناخي، فقد قدّر الباحثون أن زيادة درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية (وهو تقدير متحفظ لتغير المناخ في العقود القادمة) سوف يؤدي إلى زيادة بنسبة 6% في المعدلات الجرائم العنيفة مما بصل إلى أكثر من 25000 جريمة جديدة أكثر خطورة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها (2). إضافة إلى ذلك، فالظروف الاقتصادية والبطالة واستهلاك الكحول وانعدام الأمن الغذائي تؤدي دورًا مهمًّا بوصفها عواملَ وسيطةً في العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة والأعمال العنيفة (3).

في المرة القادمة التي تقرأ فيها عن عمل عنيف، تذكر أن للمناخ الحار دور مهم في زيادة العدوانية.

المصدر: