مراجعة فيلم Dogtooth

"فيلم (Dogtooth) يشبه حادث سيارة، لا يمكنك أن تنظر بعيدًا وتتجاهله" بهذه الكلمات وصف الناقد الأمريكيّ الراحل روجر إيبرت فيلمَ (Dogtooth) أو ناب الكلب.

فخلف جدار عال وأشجار خضراء كثيفة تتسلل عبر أوراقها أشعة الشمس اليونانية الدافئة إلى داخل فيلا فاخرة في مكان ما في الريف، تعيش عائلة مكونة من أب Christos) (Stergioglou وأم (Michelle Valley) وأبنائهم الثلاثة.

لكن هذا الانطباع الدافئ والسعيد لا يلبث أن يتلاشى خلال المشاهد الأولى من الفيلم، لنكتشف أن هذه الجنة ليست إلا زنزانة والسجان هو الأب بالتعاون مع زوجته.

سجن فعلي يمنع عليهم الخروج بعد أن أوهمهم الأب أن العالم محصور في هذه الفيلا ولا يمكنهم الخروج منها إلا إذا سقط ناب من فمهم وعاود النمو مرة أخرى، وأن العالم في الخارج مليء بالقطط التي تأكل البشر، وسجن فكري فالأولاد سجناء قوالب أهلهم الفكرية.

رؤية المخرج والكاتب يورغوس لانثيموس (Yorgos Lanthimos) متجوهرة حتى في أدق التفاصيل وأصغرها، ابتداءً من بوستر الفيلم المتمثل بثلاثة خطوط كل خط يمثل شخصية لأحد الأبناء، فالابن (Christos Passalis) هو الخط الأصفر الدال على الثبات والجمود، والأزرق المنحني يمثل تمرد الابنة الكبرى (Angeliki Papoulia) ، أما الأحمر فهو الابنة الصغرى (Mary Tson) وهو في مكان ما بالمنتصف. 

من خلال الأداء الآلي للكادر التمثيلي بملامحهم الجامدة حتى في أكثر اللحظات انفعالًا وخبراته الإخراجية، تعمد لانثيموس توجيه النقد اللاذع للمؤسستين العائلية والدينية باستخدام شريط صوتي خال نسبيًّا من أي موسيقى التصويرية، وكاميرا ثابتة في أغلب المشاهد، إضافة إلى اللقطات الطويلة دون تقطيع يُذكر، والتصوير في موقع واحد وهو المنزل الذي تدور فيه معظم الأحداث.

هو يحاول أن يصور لنا إلى أيّ حد نحن غير أحرار، وأنّ السرديّة القائلة بالحريّة الأصيلة للإنسان ليست سوى اسطورة، فنحن أسرى لمفاهيم العائلة، سجناء عالقون في فهم آبائنا للعالم المحيط، ولتعريفهم للأشياء وللحقيقة بحدّ ذاتها.

فكما شاهدنا في الفيلم، كلمة "الهاتف" تعني "ملح الطعام"، لأن الأهل قررو ذلك فحسب، قد يكون دافعهم الحب أو الخوف والحرص على مصلحة أطفالهم، لكن لانثيموس لا يأبه للمبررات.

وعدا عن جمود الممثلين والكوميديا المريبة، نلاحظ أن أفلام لانثيموس، باختلاف قصصها ونوعها تجمعها ملامح المشتركة من الانتقاد اللاذع للسلطة بأشكالها المختلفة إلى تعرية النفس البشرية من لباس التحضر الزائف، وميلها إلى القليل من السريالية، وهذا الفيلم ليس استثناء. 

فهو مليء بالأفكار المرمزة والإسقاطات الساخرة، ويصور في نهايته الثمن الباهظ للحرية والتمرد على السلطة الأبوية، وصعوبة التحرر من كل المعتقدات المغروسة التي نشأ الفرد عليها.

وفي النهاية لا يمكننا إلا أن نشعر بالأسى على الأطفال الذين أجبروا على الطاعة المطلقة لمعايير أهلهم المشوهة، ونتسائل، هل نحن هؤلاء الاطفال؟

وأنت قارئَنا الشغوف، ما رأيك بالفيلم؟ وهل ترى أنه بشكل أو بأخر يمثل واقعنا العائلي والاجتماعي؟

شاركونا آرائكم في التعليقات..

معلومات الفيلم:

العنوان: Dogtooth

المخرج:Yorgos Lanthimos

الكاتب: Yorgos Lanthimos, Efthymis Filippou

سينماتوغرافي: Thimios Bakatakis

سنة إنتاج الفيلم: 2009

لغة الفيلم: يونانية

مدة الفيلم: 1h 34m