الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
الحبوب المُنبّتة … فوائدها وما يميزها عن الحبوب العادية
منذ القديم شكلت الحبوب ما يقارب 60% من إجمالي إنتاج الغذاء العالمي، ففي البلدان النامية مثلًا يستخدم ما يقارب 68 – 98 % من الحبوب المنتجة للاستهلاك البشري، فهي تشكل مصدرًا جيدًا للبروتينات النباتية والسعرات الحرارية والفيتامينات والمعادن (1).
لكن ومع ذلك فإن الفائدة الغذائية لكثير من الحبوب لا تُقارب مستوى جودة الأغذية الحيوانية بسبب انخفاض محتواها من المغذيات الأساسية كنقص بعض الفيتامينات أو نقص الأحماض الأمينية الأساسية لجسم الإنسان (مثل الليسين Lysine، الترتبوفان Tryptophan..). عدا عن أن محتواها من المواد غير المغذية مرتفع وهذا يقلل الاستفادة من العناصر الغذائية خاصة المعادن الموجودة فيها (1).
تبيّن فيما بعد أن إنبات الحبوب Grain Sprouting يشكل حلًّا جيدًا لهذه المشكلات، إضافةً إلى زيادة قيمة الحبوب الغذائية بنسبة كبيرة، إذ شهِدت هذه الطريقة إقبالًا كبيرًا كونها سهلة وغير مكلفة (1).
البرعمة أو الإنبات Sprouting هي عملية نقع البذور أو الحبوب الجافة في الماء مدة معينة للحصول على براعم هذه البذور. وأهم ما يحدث خلالها هو زيادة النشاط الاستقلابي في البذور مما يسبب عديدًا من التغيرات في البنية والنشاط الحيوي والنكهة وقابلية الهضم (1) وتشمل هذه التغيرات:
- تفكيك بعض المكونات.
- انتقال بعض المكونات من جزء إلى آخر في البذرة.
- تركيب مواد جديدة من نواتج هدم المكونات السابقة (2).
تُرى ما العوامل المؤثّرة في عملية البرعمة أو الإنبات؟
1- جدوى البذور: وهي تعني حيوية أو قدرة البذرة على الإنبات في الظروف المناسبة. يجب أن تكون البذور جافة وسليمة وخالية من الأمراض.
2- كمية الماء: من المهم التحكم بكمية المياه الممتصة خلال عملية النقع، فامتصاص كمية زائدة من المياه سيسبّب تكسُّر طبقة البذرة ويؤثر في تكون البراعم.
3- درجة الحرارة: تُعد عاملًا حاسمًا لإنتاج أعلى نسبة إنبات في أقصر وقت، إذ يمكن أن تَنبُت معظم بذور الحبوب عند درجة حرارة تتراوح بين 3 إلى 40 درجة مئوية.
4- الظروف الجوية: إنّ التهوية المناسبة أثناء الإنبات وتطور البرعم أمر مهم للحصول على أعلى نسبة من الإنبات والبراعم القوية. إنّ معظم البذور تنبُت عند المستوى الطبيعي للأكسجين (20%) وثاني أكسيد الكربون (0.03%) في الهواء (1).
أبرز التغيرات التي تَطرأ على المواد الغذائية في الحبوب المُنبّتة:
كما ذكرنا سابقًا، تتضمن عملية الإنبات تحفيز النشاط الاستقلابي في البذرة، وهذا يعني نشاط الإنزيمات المختلفة فيها مثل ألفا و بيتا الأميلاز Alpha and beta-amylase والديكستريناز Dextrinase والبروتياز Protease وغيرهم، مما يؤدي إلى تغير القيمة الغذائية للحبوب (1).
- البروتينات: تتفكك بسبب نشاط إنزيم البروتياز Protease، إذ أظهرت بعض الدراسات انخفاضًا في محتوى البروتين الكُلّي بينما أظهرت أُخرى انخفاضه وذلك حسب نوع الحبوب. أما بالنسبة للأحماض الأمينية، فقد لوحِظ أنّ كمية حمضي الليستين والتربتوفان تتغير بتغيُّر كمية البرولامين Prolamins (بروتين نباتي). فمثلًا محتوى الأرز والشوفان من البرولامين منخفض فكان تغير كمية الحمضين الأمينيين غير ملحوظة، أمّا في القمح ازدادت كمية الحمضين بشكل كبير لأن محتواه من البرولامين أعلى (1).
- الكربوهيدرات: بسبب نشاط الإنزيمات المحللة للكربوهيدرات سينخفض النشاء Strach تدريجيًّا، مثلًا انخفض محتوى القمح من النشاء من 61% إلى 30% عند الإنبات مدة 5 أيام (1).
- التغير في العوامل غير المغذية: لعلّ أهم هذه المركبات هو حمض الفيتيك Phytic acid، الذي يُشكّل مركبات غير/ شبه قابلة للذوبان يرتبط مع عناصر معدنية مثل الزنك والحديد والكالسيوم.. إن نسبته العالية في الأغذية أدّت إلى نقص امتصاص الجسم للمعادن بسبب تشكيله معها مركبات غير قابلة للامتصاص، لذا اعتُمد على إنبات الحبوب، لأنه يقلل نسبة حمض الفيتيك (1).
- التغير في الفيتامينات ومضادات الأكسدة:
- فيتامين C: زادت نسبته زيادةً كبيرة بعد إنبات حبوب القمح لمدة 24 – 48 ساعة، فكميته ضئيلة تكاد تكون معدومة في الحبوب الجافة، لكن بعد الإنبات لمدة 7 أيام وصلت إلى 550 µg/g في الحبة.
- فيتامين E: محتواه منخفض جدًّا في حبوب القمح الجافة (غير النّابتة)، ولوحِظ ازدياد كميته تدريجيًا خلال عملية الإنبات (بعد النقع لمدة 24 ساعة).
- البيتا كاروتين b -carotene: زاد محتواه بشكل كبير بعد النقع لمدة 24 ساعة أو 48 ساعة، وكانت هذه الزيادة تدريجية مع زيادة زمن الإنبات (3).
إليكم بعض الفوائد الصحية للحبوب المُنبّتة:
1- إن تناول الحنطة السوداء bucket wheat المُنبّتة له دور كبير في علاج التهاب الكبد الدهني، وخفض ضغط الدّم وحماية خلايا البطانة الشريانية من الإجهاد التأكسدي، وذلك بسبب احتوائها على مادة الروتين Rutin (من الفلافونيدات النباتية، لها خصائص مضادة للأكسدة وخافضة للضغط) وذلك حسب دراسات على فئران التجارب (4,5).
2- أظهرت بعض الدراسات قدرة الأرز الأسمر على تخفيض مستوى الجلوكوز في الدم مقارنة مع الأرز العادي (لكن الأرز الأسمر قاسٍ ولا يرغب كثيرون في تناوله، ومن ثم فإن عملية الإنبات تحل هذه المشكلة فيسهل تناوله) (6).
3- استهلاك خبز الحبوب المُنبّتة يحسّن نسبةَ السكر في الدم عن طريق خفض استجابة الغلوكوز glucose response وزيادة استجابة GLP-1 (Glucagon-like peptide-1) مما يحسن الاستقلاب بعد تناول الطعام وبالتالي يضبط سكر الدم والأنسولين ويساهم في محاربة السّمنة (7).
المصادر: