صالونات الشوارع؛ الفراغات العامة

تشير الفراغات العامة في أغلب الأحيان إلى الشارع (بما في ذلك الرصيف)، والحدائق، والساحات المحلية، وتتخذ الأماكنُ العامةُ العديد من الأشكال، وتخدم مجموعةً متنوعةً من الأهداف، فيمكن أن نميز بين أنواعٍ مختلفةٍ من الفراغات العامة، ونلاحظ من هذه الاختلافات وجود مِساحاتٍ مخصصةٍ لنوعٍ واحدٍ فقط من الاستخدامات، ومساحاتٍ تتقبل أنواعًا مختلفةً من الاستخدامات والمستخدمين (1).

تؤثر القدرة على استخدام هذه المساحات العامة بأمانٍ بصورةٍ كبيرةٍ في رفاهية الناس، وإن استخدام المناطق العامة يساعد في تعزيز العلاقات الاجتماعية ومشاعر الانتماء وتحسين الصحة العقلية (2).

ويمكن كذلك أن نلمس أهمية المساحات العامة في الجانب الاقتصادي، ففي الاستخدام المكثف لها يمكن أن يحفز السياحة والأنشطة الترفيهية مما يؤدي إلى ارتفاعٍ في قيم العقارات.

إلا أن فوائد استخدام المساحات العامة ليست موزعةً بالتساوي على الناس، فمن الممكن أن يكون من الصعب الاستفادة منها من قِبَلِ فئاتٍ معينةٍ من الناس بسبب جنسهم أو عمرهم أو عرقهم أو قدراتهم أو حالتهم المدنية أو الاقتصادية، وكذلك لا يأخذ التصميم والتخطيط بالحسبان تجارب المرأة في استخدام المساحات العامة (2)،

فنظرًا إلى دور المرأة المتزايد في المجتمع من خلال العمل والواجبات والرعاية المنزلية؛ نجدها تعاني من مسارات حركةٍ يوميةٍ أكثر تعقيدًا؛ الأمر الذي يؤدي إلى قضاء وقتٍ أطولَ من الرجال في الفراغات العامة، والعامل الأساسي الذي يشكل هذه المسارات المعقدة هو الخوف من العنف (2).

إن العديد من النظريات تشرح طرائقَ مختلفةً لحماية البيئة المبنية بصورةٍ أفضل، وهي سوف توصلنا إلى خططٍ عديدةٍ في مجالات التصميم والتخطيط لمعالجة المشكلات المتعلقة بالسلامة، وهنا سنقدم ثلاث نظرياتٍ نوقِشِت بصورةٍ شائعة:

1. توفير الحمامات العامة على أساس النظريات النسوية نظرًا إلى أن النساء يستخدمن الحمامات بصورةٍ أكبرَ من الرجال.

2. إزالة الجدران التي تقوم بحجب الرؤية عن الشارع مما يزيد من احتمالية وجود شهودٍ ومارة؛ الأمر الذي يؤدي إلى التقليل من خطر الجرائم وزيادة الإحساس بالأمان.

3. إزالة الكتابات الجدارية لمنع انتشار الأفكار المضطربة، فحسب نظرية النوافذ المكسورة إن المناطق المهملة التي تعرضت للتخريب والإهمال توفر أدلةً على النشاط الإجرامي في المنطقة وتظهر أن السكان لا يهتمون كثيرًا بالحالتين الاجتماعية والمادية لديهم، ونجد أن الكتابات الجدارية تشير إلى بيئةٍ حضريةٍ تعاني من الإهمال مما يزيد من المخاوف العامة (2).

لذلك نجد عند تصميم بيئةٍ حضريةٍ أن البحث في احتياجات المرأة فقط لن يحل المشكلاتِ المتجذرة من عدم العدالة بين الجنسين والعنف ضد المرأة في الأماكن العامة؛ إلا أنها خطوةٌ مهمةٌ لدمج المرأة بالمجتمع بصورةٍ عادلةٍ لها، وبهذا يكون التحدي هو الموازنة بين السلامة والعدالة الاجتماعية، وعدم السماح للفراغات العامة بالانحدار لتصبح أماكنَ مليئةً بالضجيج وأعمال العنف (1,2).

وتصميم (Magma Flow) هو فراغٌ حضريٌّ يساعد السكان على التفاعل مع مدينتهم وشوارعهم في منطقةٍ تجاريةٍ وسكنيةٍ مبنيةٍ حديثًا في ميناء مدينة Ningbo ثاني أكبر مدينةٍ من جهة عدد السكان في مقاطع Zhejiang في الصين (3).

إن واحدةً من أهم الصفات التي تميِّز هذا المكان وجودُ أدراجٍ كبيرةٍ تعمل بوصفها مدخلًا للمشاة إلى الطابق الثاني المفتوح على الشارع التجاري، ومن أجل إضافة عامل التشويق لهذا الممر وجعله ساحةً عامةً لافتةً للنظر؛ عُزِّز استعمال المِساحات الملحقة بالدرج والمتمايزة عن المنسوب الأرضي الأمر الذي يوفر إطلالةً عامةً على بقية فراغات المشروع المقترَح، وهكذا تحول المكان من مجرد درجٍ يقوم بنقلنا إلى الطابق الثاني إلى "بركان" للأنشطة العامة، ووُضِعَت مدرجاتٌ على مستوياتٍ مختلفةٍ لتوفر أماكنَ للتسكع والراحة (3).

يحاكي الشكل الناتج عملية الثوران البركاني العنيف مع منزلقاتٍ تمثِّل الحمم البركانية التي تتدفق إلى الأسفل، وبقعةً ضخمةً من الماغما المتطايرة تلون سطح الأرض لتنشئَ فراغًا ذا وظائفَ مرحةٍ للأطفال والكبار على حدٍّ سواء، وعند نقطة تقاطع المشاة تخلق الماغما دائرةً كبيرةً وحيوية.

من بين الوظائف التي يمكن أن نجدها في ساحة الماغما؛ هناك العديد من المناطق للجلوس والراحة التي تقع تحت المظلات مع طاولاتٍ مجهزةٍ بألعاب تقليدية مثل لعبة X-O وغيرها ومنطقة استراحةٍ للكبار، ومن أجل راحة الأطفال ومتعتهم جُهِّزَ الفراغ بأرجوحة، وأنفاق، ومنزلقات، وتلالٍ وغيرها من الألعاب (3).

إجمالًا؛ نجد أن الفراغ قد أنشأ مكانًا عامًّا متوهجًا يعمل بصوفه نقطة جذبٍ حضريٍّ وترفيهيٍّ ضمن التوسع التجاري والسكني الجديد (3).

برأيك.. هل للفراغات الحضرية والساحات دورٌ في تشجيع النشاطات الاجتماعية؟ شاركنا باسم الساحة الأشهر في مدينتك.

المصادر: