مدن الدقائق

مدينة الدقائق الخمس.. مدينة الخمس عشرة دقيقة.. مدينة الثلاثين دقيقة!

ربما سمعتم سابقًا بهذه التسميات التي تقيس المدن بالدقائق، فما الغاية من ذلك؟ وما الذي تعنيه هذه الدقائق؟

في السنوات الأخيرة، اكتسبت فكرة مدينة الخمس عشرة دقيقة وتفرعاتها؛ كفكرة حي العشرين دقيقة، أهميةً كبيرة من قبل الباحثين وعمدات المدن، وقد ظهر هذا المفهوم في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين في إطار بحث قابلية الوصول إلى الخدمات بوصفه عاملًا مهمًّا في نوعية الحياة الحضرية، ثمَّ تزايدت أهميته مع انتشار جائحة (COVID-19) والتركيز على أهمية التباعد الاجتماعي وتجنب أو تعليق استخدام وسائل النقل العامة مع أهمية وصول السكان إلى الخدمات التي يحتاجونها سيرًا على الأقدام أو باستخدام الدراجات الهوائية.

وتستند فكرة مدينة الخمس عشرة دقيقة إلى التناسب العكسي بين جودة الحياة الحضرية ومقدار الوقت والمال المستثمر في النقل (1).

تُشجِّع هذه الفكرة الوصول السهل للمقيمين ضمن المنطقة الحضرية إلى المرافق التي يحتاجونها؛ إذ تُمكِّن السكان من الوصول إلى أي مكان في المنطقة الحضرية بالسير على الأقدام أو استخدام الدراجات الهوائية مدةً لا تتجاوز 15 دقيقة، وبذلك تقل الحاجة إلى استخدام وسائل النقل الخاصة ممَّا يوفِّر الفرصة لتعزيز مسارات المشاة والدراجات وتحقيق استدامة أكبر للمدينة.

وتسعى هذه الفكرة إلى تحويل الأسلوب المتَّبع في التخطيط الحضري من التركيز في تخطيط المدن على حركة السيارات إلى التركيز على الإنسان وجعل المدن أكثر ملاءمة للحياة (2).

ومن المقترحات الأخرى في هذا المجال فكرة مدينة الثلاثين دقيقة التي تهدف أيضًا إلى تمكين السكان من الوصول إلى معظم المرافق والفعاليات التي يحتاجونها في مدة لا تتجاوز 30 دقيقة، وتختلف المسافة التي يستطيع السكان الوصول إليها في هذه المدة وفقًا لأسلوب التنقُّل المتَّبع إن كان سيرًا على الأقدام أو باستخدام الدراجة الهوائية أو وسائل النقل العامة أو وسائل النقل الخاصة.

والغاية الأساسية من هذه الفكرة تحسين المعيشة على مستوى الأحياء وتقليل الازدحام والانبعاثات الضارة وزيادة النشاط البدني للسكان (3).

وفي النهاية، يمكن القول أنَّ فكرة مدينة الخمس عشرة دقيقة أو غيرها من المقترحات في هذا المجال لا يجب أن تُطبَّق حرفيًّا في تخطيط المناطق الحضرية وإعادة هيكلتها؛ إذ لا بُدَّ من أخذ الاختلافات بين المدن والمناطق الحضرية بالحسبان، مع مراعاة التكامل بين الخدمات المختلفة في المدينة لتحسين الحياة الحضرية وتطويرها (2). 

المصادر: