الغذاء والتغذية > حميات وأنظمة غذائية
الحميات المضادة للالتهابات
ماذا نعني بالالتهاب؟
(الالتهاب - inflammation) هو استجابة صحية لجهاز المناعة عند دخول جسم غريب إلى جسمنا كالبكتيريا أو المواد المسببة للحساسية أو عندما نتعرض للإصابة إذ تستجيب الخلايا المناعية سريعًا، فقد يحدث عُطاس أو سُعال لتخليص الجسم من ذاك الجسم الغريب، وقد نشعر بالألم والتورم في مكان الجرح أو الإصابة؛ إذ يتدفق الدم إلى المنطقة بسرعة، مما يسبب سخونتها أو احمرارها. كل هذه علامات على أن جهاز المناعة لدينا يصلح الأنسجة التالفة أو يحارب الأجسام الغريبة. ومع حدوث الشفاء يزول الالتهاب تدريجيًّا (1).
لكن الالتهاب سلاح ذو حدين، فقد يصبح ضارًا عندما يستمر فترةً طويلةً ويبدأ بإتلاف الخلايا السليمة، مما يخلق - بالتالي - حالةً داعمةً للالتهابات في الجسم. من جهة أخرى، هناك انحرافات جينية تجعل جهاز المناعة يهاجم الخلايا باستمرار؛ إذ يحدث هذا - أحيانًا - مع اضطراباتِ المناعة الذاتية كالذئبة والألم العضلي الليفي ومرض السكري من النوع الأول (1).
قد يؤدي نمط الحياة غير الصحي - قلة التمارين الرياضية أوالإجهاد أو التوتر الشديد والنظام الغذائي الغني بالسعرات الحرارية - إلى حدوث مستويات منخفضة مزمنة من الالتهاب في أنحاء الجسم كافة، وهو ما يسمى (التهاب الميتافيلم - metaflammation)، وهذا النوع من الالتهاب منخفض لدرجة أنه لا ينتج عنه عادةً أعراض ملحوظة، لكن بمرور الوقت قد يمهد الطريق للإصابة بأمراض مزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض الكبد الدهني غير الكحولي وداء السكري من النوع الثاني ومرض ألزهايمر وأنواع معينة من السرطان (كالثدي والقولون) (1).
الالتهاب والغذاء:
إضافة إلى الإصابات الجسدية أو الجرثومية، يمكن للنظام الغذائي تنشيط استجاباتنا الالتهابية وهذه الأغذية تكون إما داعمةً أو مضادةً للالتهابات اعتمادًا على الاستجابات الهرمونية التي تولدها، فأحماض أوميغا 6 الدهنية تعدّ اللبنة الأساسية لمجموعة واسعة من (الإيكوسانويدات - eicosanoids) المُحفّزة للالتهابات خاصةً (حمض الأراشيدونيك - /AA/arachidonic acid) (2)، وهناك إنزيمات عدة تتحكم طبيعيًّا في تحول (حمض اللينوليك - linoleic acid) إلى (حمض الأراشيدونيك - arachidonic acid).
وبالعكس، فإن أحماض أوميغا 3 الدهنية - خاصةً - (EPA (eicosapentaenoic acid) و(DHA (docosahexaenoic acid)، التي لها تأثيرات مضادة للالتهابات كونها مثبطات ضعيفة للإنزيمات المولدة لحمض الأراشيدونيك AA، وتتنافس معه على الإنزيمات المطلوبة لتوليد الإيكوسانويدات. إن (EPA) و (AA) متشابهان جدًا في الهيكل ثلاثي الأبعاد، مما يجعل EPA مثبطًا تنافسيًا لإنزيم (سيكلو أوكسيجيناز - cyclo-oxygenase enzyme) اللازم لتحويل (AA) إلى إيكوسانويدات، أي كلما ارتفع مستوى (EPA) في غشاء الخلية بالنسبة لـ(AA)، كلما قل احتمال تصنيع الإيكوسانويدات المحفزة للالتهابات (2).
عند تناول الطعام تُحطّم الكربوهيدرات المكررة في الأطعمة المصنعة كالخبز والمعكرونة.بسرعة إلى غلوكوز، وكلما زادت سرعة دخول الغلوكوز إلى مجرى الدم زادت سرعة إفراز (الأنسولين - insulin) من البنكرياس لإدخاله إلى الخلايا، مما يسبب حدوث حالة التهابية في الجسم. وبالنسبة للفواكه والخضروات - خاصة الخضروات غير النشوية - فهي ترفع سكر الدم بنسبة أقل بكثير مما ترفعه الكربوهيدرات المكررة أي يفرز الأنسولين بنسبة أقل (2).
أخيرًا، هناك دور البوليفينولات في الالتهاب، وهي المواد الكيميائية التي تعطي الفواكه والخضروات لونها، ولها خصائص مضادة للأكسدة. عند مستويات عالية بما يكفي، وتتمتع البوليفينولات بخصائص مضادة للالتهابات (2).
الأغذية المُهيّجة للالتهابات:
- الكحول الزائد والمشروبات المحلاة كالمشروبات الغازية والعصائر والشاي المثلج.
- الأطعمة المقلية والدهون المشبعة كمنتجات الألبان كاملة الدسم من القشدة والزبدة والزيوت المهدرجة جزئيًا والقطع الدهنية من اللحوم والدواجن.
- الكربوهيدرات المكررة كالخبز الأبيض والمعجنات.
- اللحوم الحمراء كالبرغر وشرائح اللحم واللحوم المصنعة كالنقانق والسجق (1).
الأغذية المضادة للالتهابات:
إذا أردنا تقليل مستويات الالتهاب - بديهيًّا - فعلينا اتباع نظام غذائي صحي شامل، إذ يُنصح باتباع (حمية البحر الأبيض المتوسط - Mediterranean diet)؛ إذ تحتوي على نسبة عالية من الفواكه والخضروات والمكسرات والحبوب الكاملة والأسماك والزيوت الصحية (3)، وإليكم أهم الأغذية المضادة للالتهابات:
- الفاكهة والخضار: يعد الثوم والبصل مكونين مهمين، فالثوم له تأثير مضاد للأكسدة وخافض للكوليسترول ومضاد للالتهابات، ومن أهم فوائده تحسين التهابات الجهاز التنفسي؛ إذ إنه يحتوي على نسبة عالية من (حمض الفوليك - Folic acid) وفيتامين C والكالسيوم والحديد وكمية صغيرة من الزنك، وفيتامينات B2 وB1 وB3. أما البصل له أيضًا خصائص مضادة للالتهابات والأكسدة والجراثيم والفيروسات ويقوي المناعة (4).
- الأعشاب والبهارات: أحد أهم مكونات الحمية المضادة للالتهابات هو الكركم، فهو يحتوي على بوليفينول يدعى (الكركمين - curcumin) الذي يتمثل تأثيره المضاد للالتهابات في تثبيط التخليق الحيوي (للبروستاجلاندين - prostaglandins (PGs))، أما الزنجبيل فقد أظهر دورًا مهمًا في الحد من التهاب الرئة؛ إذ قلل نشاط (المايلوبيروكسيداز - myeloperoxidase) وعدد الخلايا في القصبات الهوائية (4).
- الحبوب الكاملة الغنية بالألياف والبقوليات.
- الدهون الأحادية غير المشبعة كالأفوكادو وزيت الزيتون والمكسرات والبذور، وأحماض أوميغا 3 الدهنية كالجوز وبذور الكتان وبذور الشيا والأسماك.. .
- الشاي والقهوة والشوكولا الداكنة بنسبة 70% على الأقل.
- هناك عوامل أخرى قد تساعد على السيطرة على الالتهاب كممارسة الرياضة بانتظام والتخفيف من التوتر والحصول على قسط كافٍ من النوم (1).
ملاحظات لابد من مراعاتها:
- الحمية المضادة للالتهابات مرنة أي لا تتضمن خطط وجبات صارمة. إضافةً إلى أنه لابد من التخطيط للوجبات جيدًا والعثور على وصفات تتضمن معظم الأطعمة المذكورة سابقًا.
- لم تُحدد مستويات السعرات الحرارية وأحجام الوجبات في هذه الحمية، لذلك قد تسبب زيادة الوزن إذا يستهلك كميات زائدة من الطعام (1).
المصادر: