تاريخ الرسوم المتحرّكة

الرّسوم المتحرّكة (Animation):

تُعد من أنواع الفنّ السينمائي، يعود أصل الكلمة إلى اللغة اللاتينية، إن "أنيما" (anima) تعني "الروح"، وتُعبّر ببساطة عن خلق وهمّ الحركة من خلال تتالي الصور الثابتة (1,2). فأساس هذا الفن هو إبداعٌ في التلاعب بالصور والرسومات وتقديم قصةٍ جميلة وجذابة للمشاهد (1). ومن بين أساليب سرد القصص جميعها، تُعد الرسوم المتحركة من أكثر الفنون جاذبيةً وشعبية، فهي محبوبة لدى جميع الناس على اختلاف أعمارهم (1).

ترجع المحاولات الأولى لالتقاط الحركة إلى أقدم ممّا نظن، حيث وُجدَت رسوم داخل كهوف من العصر الحجري القديم لحيوانات بأرجل متعددّة ومتداخلة، بالإضافة إلى نقوش ترمز إلى تصوير خطوات حركة المصارعة منذ أكثر من 4000 عام. وفي إيران، عُثر على جرّة فخاريّة يقدّر عمرها بـ 5000 عام، رُسم عليها صور متتّابعة تدلّ على حدث بسيط (1,2)، وكذلك في مصر وُجد رسوم مشابهة تعود إلى 2000 قبل الميلاد (1). أمّا الفيكتوريّون، فقد عثروا على طريقة كيفية تتالي بعض الرسوم على قرص عليه صور ثابتة، لخداع العينين بأنّ هذه الصور تتحرك (2).

روّاد الرسوم المتحرّكة وأهمّ الأعمال:

في عام 1887، قام المهنّدس تشارلز (إميل رينود-Charles Émile Reynaud) باختراع منظار (براكسين الأول -Praxinos)(1)، وهو عبارة عن قرص يحتوي على صورٍ أو رسومات ثابتة مربوطة بأوتار، يدور القرص عندما تدور الأوتار، بالإضافة إلى مرايا داخلية. و قدّم هذا الجهاز رسومًا متحركة أكثر وضوحًا وحيوية مقارنة بالأجهزة الأخرى مثل منظار فيناكسيتو (Phenakistoscope) وثوماتروب (Thaumatrope) (3)، مما هيأ لاختراع جورج ميليه (Georges Méliès) أسلوب التصوير الشهير" توقّف الحركة " (stop-motion) لاحقًا (1).

عُرض أول فيلم رسوم متحرّكة للجمهور بعنوان " بييرو الفقير" (Pauvre Pierrot) في متحف جريفين (Grévin) في باريس في عام 1892 (1)، أما أول فيلم رسوم متحركة طويل فقد كان "الرسول" (El Apóstol) امتد ل70 دقيقة وعرض عام 1917، كان قد أُنشأ باستخدام الأساليب التقليدية، وعرض بمعدّل 14 إطار بالثانية (frame per second) (2).

بدأ عدد الروّاد في مجال صناعة أفلام الرسوم المتحركة بالتزايد في أوائل القرن العشرين، وانتحى العديد من الأفلام مثل الفيلم القصير جيرتي الديناصور(Gertie the Dinosaur) عام 1914 (2). أحدهم كان والت ديزني (Walt Disney)، الذي بالإضافة لكونه رائدًا في استخدام الألوان، هو ايضًا أول من استخدم الصوت في الرسوم المتحركة ضمن انتاج ستوديو ديزني، التي عرّفنا من خلالها على عدد من الشخصيات المحببة مثل ميكي ماوس(Mickey Mouse)، وبلوتو(Pluto)، وجوفي(Goofy) وغيرها كثير (1).

ومن أبرز أفلام ديزني الكلاسيكية:

• بينوكيّو (Pinocchio) عام 1940 
• بامبي (Bambi) عام 1941 
• سندريللّا (Cinderella) عام 1950
• الجميلة النائمة (Sleeping Beauty) عام 1959
• الجميلة والوحش (Beauty and the Beast) عام 1991
• علاء الدّين (Aladdin) عام 1992
• الأسدّ الملك (The Lion King) عام 1994
• بوكهانتس (Pocahontas) عام 1995
• أحدبّ نوتردام (The Hunchback of Notre Dame ) عام 1996
• طرازان (Tarzan) عام 1999

وإلى جانب استوديو ديزني هناك كثير من استوديوهات الرسوم المتحركة الرائدة والتي ما زالت تعمل الى الآن، مثلUniversal Pictures و Paramount وWarner Brothers.

تطوّر الرسوم المتحرّكة:

يُعد افتتاح استوديو ديزني الصغير في لوس انجلوس نقلةً نوعيّة في عالم الرسوم المتحرّكة، وأطلق والت ديزني على الرسّامين المخضرمين في المجال آنذاك اسم "التسعة الكبار" (Nine Old Men)؛ لأنهم كانوا الرسامين الأساسيين وراء أشهر أفلام الرسوم المتحركة التي أُنتجت آنذاك (5).

وضع أولي جونستون (Ollie Johnston) وفرانك توماس (Frank Thomas)، المبادئ الأثني عشر للرسوم المتحركة (12 principles of animation)، وقد ظهرت هذه المبادئ للمرة الأولى في عام 1981 في كتابهم "وهم الحياة : ديزني للرسوم المتحركة" (The Illusion of Life: Disney Animation)، ويتّفق هؤلاء الرجال التسعة على المبادئ الأثني عشر وهي:

1. التقلص والتمدّد ( Squash and stretch)
2. التوقّع (Anticipation )
3. توزيع العناصر في المشهد ( Staging )
4. الحركة مباشرةً إلى الأمام أو الوضعية إلى الأخرى (Straight ahead and pose to pose)
5. المتابعة وفرق توقيت الحركة (Follow through and overlapping action)
6. الإبطاء للدخول والإبطاء للخروج (Slow-in and slow-out)
7. الأقواس (Arc)
8. الحركات الثانوية (Secondary Action)
9. التوقيت (Timing)
10. المبالغة (Exaggeration)
11. الرسم المتماسك (Solid Drawings)
12. الجاذبيّة (Appeal)

دخول الرسوم المتحرّكة إلى عالم ثلاثي الأبعاد ( 3 Dimensional ):

دخلت أجهزة الكمبيوتر إلى عملية صناعة الرسوم المتحركة في الستينيات، وظهرت من خلالها رسومات رقميّة مبتكرة، مما أدّى إلى انتشار استخدام رسومات الكمبيوتر كشكل فني، ومع التطور المستمر لأجهزة الكمبيوتر وأدوات التصميم، تطورت الرسوم المتحركة. ففي نهاية السبعين من القرن الماضي، بدأ المعهد التكنولوجي في نيويورك (Technological institute of New York) العمل على مشروع فيلم "الأعمال" (The works)، الذي أُنشأ بالكامل على الكمبيوتر باستخدام الرسوم المتحركة ثلاثيّة الأبعاد، وعلى الرغم من أن المشروع لم ينتهي تمامًا، إلا أنه عُرِضت بعض الأجزاء منه خلال مؤتمرات "سيجراف" (SIGGRAPH) .

وفي حين يُعد إنشاء شركة ديزني أهم منعطف في تاريخ صناعة الرسوم المتحركة، فإن إصدار شركة بيكسار (Pixar) أول فيلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد بعنوان "حكاية لعبة" (Toy Story) عام 1995 هو ثاني أهم منعطف، فقد أعلن بداية حقبةٍ جديدة في هذا المجال، ولا يزال إلى الآن وحتى بعد عقدين من الزمن يبدو مذهلًا.

ختامًا، ستبقى للرسوم المتحرّكة سحرها الخاص، سواءّ أكانت رسم يدوي أم ثلاثي الأبعاد، فهي أسلوبٌ جذّاب لسرد قصة أو إيصال فكرة، والخيار المفضلّ في الترفيه للكثير من الكبار والصغار.

المصادر: