ضرب زلزال مدمّر منطقتنا، هل سيتسبّب بأمواج تسونامي؟

يمكنكم الاستماع إلى العمل عبر الرابط:

هل حقاً سيضرب تسونامي منطقتنا بعد هذا الزلزال؟ 

ورد هذا السؤال اليوم كثيراً من الناس المتأثّرين والمتضرّرين من سلسلة الزلازل المدمرة والتي تعدُّ الأشدّ خلال المئة سنة الأخيرة إلى مسامع المختصّين وعلماء الجيولوجيا وخبراء الزلازل.

ولكن: هل حقاً هذا صحيح؟ هل كلّ زلزال يؤدّي إلى تسونامي؟ ماذا تعني تسونامي أصلاً؟ وما رأي العلم في ذلك؟

تسونامي هي سلسلة من أمواج المدّ التي تضرب سواحل منطقة ما بطريقة غير طبيعية وغير مسبوقة، نتيجة انزياح مفاجئ في قاع البحر (زلزال) أو بركان أو انهيار تحت البحر، وفي أعماق المحيط قد يكون ارتفاع موجة تسونامي بضعة سنتمترات فقط، وقد تأتي موجة تسونامي برفق إلى الشاطئ أو قد تزداد في الارتفاع لتصبح جداراً سريع الحركة من المياه المضطّربة بارتفاع عدّة أمتار (1).

ضرب زلزال مدمّر بقوة 7.4 درجات منطقة كهرمان مرعش التركية في الرابعة وسبع عشرة دقيقة صباحاً، ثمّ تبعه زلزال آخر بقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر، وفقاً لوكالة الكوارث والطوارئ التركية آفاد AFAD (2). ولحقه العديد من الهزّات الارتدادية حسب التحديث المستمر لمراصد الزلازل، والتي يمكن متابعتها سواء من موقع آفاد باللغة التركية، أو من موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS الإلكتروني (3).

حتى نفهم إمكانية حدوث أمواج تسونامي من عدمها في البحر المتوسط فعلينا أن نفهم بداية نقطتين أساسيتين: 

الأولى: لم حدث هذا الزلزال؟ والثانية: شروط تشكّل أمواج تسونامي.

أما عن الأولى: فإن الزلزال سببه تفاعل تكتوني بين الصفيحتين العربية والإفريقية مع الصفيحة الأوراسية، بحيث تضغط الصفيحتان العربية والإفريقية على صفيحة الأناضول في نطاقي تصادم طوروس وزاغروس، ويظهر دورانٌ عكس اتجاه عقارب الساعة لمساحة واسعة من سطح الأرض متضمنة الصفيحة العربية وأجزاء مجاورة من زاغروس ووسط إيران وتركيا وبحر إيجة بالنسبة إلى أوراسيا بمعدلات تتراوح بين 20-30 ملم / سنة (4). 

الشكل 1: خريطة توضح اتجاهات حركة كل من الصفيحتين العربية والإفريقية ضمن نطاق التصادم مع صفيحة الأناضول (4).

الشكل 2: خريطة الصدوع الرئيسة الناجمة عن حركة كل من الصفيحتين العربية والإفريقية ضمن نطاق التصادم مع صفيحة الأناضول (5).

أما عن أسباب حدوث أمواج تسونامي: فإنها تنتج عن الإزاحة المفاجئة في قاع البحر أو الانهيارات الأرضية أو النشاط البركانيّ (1). وبالتالي فإنّه لتشكّل أمواج المدّ البحري هذه؛ فلا بدّ من أن يضرب الزلزال في عرض البحر مسبّباً انهياراً أرضيّاً أو اندفاعاً بركانيّاً تحت الماء، لتؤدّي لإزاحة مفاجئة للمياه وتشكّل الأمواج. أما بالنسبة لزلزال تركيا الذي ضرب اليابسة اليوم فلا إمكانية لتشكيل أمواج من هذا الشكل، لأنه أولاً لم يتسبّب بأيّة إزاحة لمياه البحر، وثانياً فإن الأمواج الطولية الناجمة عن الزلزال لا تنتشر في الوسط السائل، أي أن الأمواج الطولية التي تحمل كمّاً هائلاً من الطاقة المتحرّرة عن الزلزال ستتخامد وتضمحلّ تماماً بمجرد وصولها إلى مياه البحر.

وبنتيجة ذلك فإنه من غير الممكن تشكّل أمواج تسونامي في البحر المتوسط نتيجة زلازل اليوم التي وقعت في البر التركي.

المصادر: