مؤشر الابتكار العالمي Global Innovation Index

مؤشر الابتكار العالمي (Global Innovation Index-GII):

تعود بدايات مؤشر الابتكار العالمي إلى عام 2007 إذ أُسِّس من قِبل البروفيسور (دوتا-Dutta) من جامعة (INSEAD) الذي حاول عن طريق هذا المؤشر الخروج عن الإطار التقليدي في تحديد درجة الابتكار لدى الدول كنفقات البحث والتطوير على سبيل المثال، وتحويلها إلى منهجية متكاملة تضم عدداً أكبر من المقاييس. لكن لماذا الابتكار بحد ذاته؟

انطلق (دوتا) من فكرة أن الابتكار هو العجلة التي تقود التنمية والتطور وتسهم في خلق المنافسة بين مختلف الاقتصادات والدول، إضافةً إلى أن المنظور الضيق لمفهوم الابتكار في ذلك الوقت والذي اقتصر على الأبحاث والابتكارات العلمية دفع (دوتا) إلى محاولة تعميم مصطلح الابتكار وإسقاطه على جوانب أخرى لم تكن ضمن نطاق الابتكار من قبل (1).

كيف يعمل هذا المؤشر إذاً وما هي مقاييسه؟

يبنى هذا المؤشر على مؤشرين فرعيين هما "المؤشر الفرعي لمدخلات الابتكار Input Sub-Index" ، و"المؤشر الفرعي لمخرجات الابتكار Output Sub-Index". إذ يضم الأول خمسة مقاييس هي الحياة المؤسساتية Institutions، ورأس المال البشري والأبحاث Human Capital & Research، والبنية التحتية Infrastructure، وتطور السوق Market Sophistication وتطور الأعمال Market Sophistication. بينما يتكون الثاني من اثنين من المخرجات هي المخرجات التكنولوجية والمعرفية، والمخرجات الإبداعية. إذ يؤخذ المتوسط المرجح لهذه المؤشرات على مستوى كل من المدخلات والمخرجات ليأخذ المؤشر الدرجة ما بين 0 إلى 100 (2). 

إذ إن مقياس الحياة المؤسساتية يأخذ الاستقرار السياسي والأمان، وسيادة القانون، وفعالية الإجراءات الحكومية، إضافةً إلى السياسات الضريبية ومدى سهولة البدء بمشروع تجاري والبينة التنظيمية التشريعية للأعمال بعين الاعتبار. أما رأس المال البشري فينظر إلى مستوى التطور التعليمي كإنفاق الدولة على التعليم والبحث والتطوير من إجمالي الناتج المحلي لها، وتصنيف جامعاتها وغير ذلك من المؤشرات. ويقيس مؤشر البنية التحتية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والإنترنت والبنى التحتية العامة كالكهرباء مثلاً. أما تطور السوق فينظر إلى السوق نظرةً شمولية من حيث سهولة حصول الأفراد على الائتمان، وإجمالي قروض التمويل الأصغر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وإجراءات وقوانين حماية المستثمرين والاستثمار، وحجم المنافسة وحجم السوق المحلي. إذ يُميَّزُ هذا المقياس عن مقياس تطور الأعمال من حيث أن الأخير يُعنى بالتدريب والتأهيل الوظيفي من حيث نسبة الشركات التي تقدم تدريباً، ونسبة العاملين من الإناث، والتعاون البحثي الجامعي، والملكية الفكرية، وتدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وغيرها.

إذ إن المدخلات السابقة لا بد أن تنتج مخرجاتٍ ذات طبيعة ابتكارية ومعرفية كالمقالات العلمية، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية، والطباعة والنشر، وصادرات التكنولوجيا، والصناعات المتقدمة والتقنية، وشهادات الجودة، وغير ذلك من المخرجات التي تدل على مدى نمو الدولة معرفياً وعلمياً واقتصادياً ومجتمعياً (3).

لا بد أن نتساءل إذاً ما هي الدول التي حققت أعلى درجات الابتكار وفقاً للمؤشر؟

يضم المؤشر ما يقارب 132 دولة في أنحاء العالم. إذ تأتي سويسرا في المرتبة الأولى على مستوى العالم في نهاية عام 2022 لتحافظ على هذه المرتبة منذ عام 2011، تليها الولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها تأتي السويد. ومن الدول العربية تأخذ الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى والمرتبة 31 عالمياً، تليها السعودية في المرتبة الثانية وقطر في المرتبة الثالثة، وعالمياً تأتي كل منهما في المرتبة 41 و42 على التوالي (4).

ولعلّ مؤشر الابتكار العالمي يبني نظرة شاملة لواقع الحياة في الدول، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتكنولوجية والتعليمية كافة، وتطورها على مدى سنوات القياس منذ انطلاق المؤشر وحتى وقتنا الحالي، مروراً بتأثير الأحداث كافّةً سواءً الاقتصادية كالانتعاش والركود أو حتى الصحية كالأوبئة على تلك الجوانب. إذ يمكن القول إنّ هذا المؤشر يعد أرشيفاً واسعاً لتاريخ الدول ونموها، في ظل ما تواجهه من أحداث مؤثرة. ولعلّ ذلك ما يسهم في توفير بيئة تنافسية بين الدول للوصول إلى أعلى المراتب، بما يعكس مدى رقي الحياة فيها وتطورها.

المصادر: