رحلة نحوَ شيخوخة صحيّة مع حمية البحر الأبيض المتوسط

مع تقدُّمنا في العمر من المهم جدًّا الحفاظ على صحّتنا، وأحد العوامل الرّئيسة في تعزيز الشيخوخة الصّحية هو اتّباع نمط غذائي مغذٍ ومتوازن، ومن بين الأنماط الغذائيّة المُختلفة برز نظام البحر الأبيض المتوسط بوصفهِ حليفًا قويًّا في الحفاظ على الصّحة العامة (1).

(حمية البحر الأبيض المتوسط - Mediterranean Diet) مستوحاة من عادات الأكل التّقليدية للبلدان المُطلّة على البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك سوريا ولبنان واليونان وإيطاليا وإسبانيا وغيرَها. شرحنا في مقال سابق هذه الحمية وأهمية مكوناتها المتنوعة هنا من أطعمة نباتية (فواكه وخضروات) وحبوب كاملة وبقوليات ومكسرات وبذور، إضافةً إلى الدّهون الصّحية مثل زيت الزيتون والأسماك والمأكولات البحرية. وإلى جانب المُغذيات يجب ممارسة الرياضة مثل المشي السّريع أو السّباحة للحصول على أفضل النتائج (1).

تساعد حمية البحر الأبيض المتوسط على دعم الشيخوخة الصّحيّة وذلك من خلال:

1. الأطعمة الغنيّة بالمغذيات ومضادات الأكسدة التي تساعد على الحماية من الإجهاد التأكسدي وهو عامل رئيس في الأمراض المُرتبطة بالعمر (2).
2. صحّة القلب: إنّ استهلاكَ الدّهون الأحادية غير المشبعة من زيت الزيتون وأحماض أوميغا 3 الدهنية من الأسماك يُسهم في خفض مستويات الكوليسترول وتقليل الالتهاب وتحسين وظائف الأوعية الدموية، إذ تؤدّي هذه العوامل دورًا مهمًّا في الوقاية من أمراض القلب والسكتة الدماغية (2). 
3. صحّة الدّماغ: إنّ الالتزام بهذه الحمية الغذائية يرتبط بانخفاض خطر التدهور المعرفي وأمراض التنكس العصبي بما في ذلك مرض الزهايمر. فالدّهون الصّحية ومضادات الأكسدة والمُركبات المضادة للالتهابات المتوفرة في أطعمة الحمية تساعد على حماية خلايا الدماغ وتحسين الوظيفة الإدراكية (3).
4. إدارة الوزن: من خلال التّركيز على الأطعمة الكاملة غير المُصنعة إلى جانب التحكم في الحصص المُتناولة وتناول السّعرات الحرارية المُعتدلة، ساعد ذلك على الحفاظ على وزن صحّي. كذلك فإنّ المحتوى العالي من الألياف في هذه الحمية يُعزّز الشّبع، ويقلّل خطر الإفراط في تناول الطّعام وزيادة الوزن اللّاحقة. إضافةً إلى ذلك، فقد ثبُت أنّ حمية البحر الأبيض المتوسط تعمل على تحسين مؤشّرات الصّحة الأيضية، مثل التحكم في نسبة السكر في الدم وحساسية الأنسولين، ممّا يُقلّل مخاطر الإصابة بالأمراض المُزمنة مثل مرض السكري (3,4).
5. انخفاض الالتهاب وخطر الإصابة بالسرطان: إنّ الالتزام بأساسيات الحمية كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بأنواع معيّنة من السرطان (5).
6. تقوية جهاز المناعة: تُعدّ المناعة أمرًا ضروريًّا لشيخوخة صحية. وحمية البحر الأبيض المتوسط تدعم وظيفة المناعة وتساعد على الحماية من العدوى والأمراض المرتبطة بالعمر وفي توازن ووظيفة الجهاز المناعي (6).

دراسة المركبات النشطة بيولوجيًّا في الحمية الغذائية المتوسطية للأمراض العصبية التنكسية:

تُعدّ الاضطرابات العصبيّة التنكسيّة سببًا واسعَ الانتشارِ للمرض والوفيات في جميع أنحاء العالم، وتتميّز بالالتهاب العصبي والإجهاد التأكسدي ونضوب الخلايا العصبية، ولحمية البحر الأبيض المتوسط نشاط واقٍ للأعصاب (7). 

ركّز الباحثون على دراسة المركّبات النشطة بيولوجيًّا المتوفرة في الحمية مثل البوليفينول ومركبات الفلافونويد، وقدرتها على مكافحة الأمراض التنكسية العصبية المرتبطة بالشيخوخة. إذ يُظهر البوليفينول خواصًا مُضادة للأكسدة والالتهابات تساعد على تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهاب في الدماغ، ممّا يحافظ على صحّة الخلايا العصبية (8). 

وأخيرًا من المهم الجمع بين النّظام الغذائي الصحي وعوامل نمط الحياة الأخرى مثل التمارين المُنتظمة والتحفيز الذهني والمشاركة الاجتماعية لتعزيز صحّة الدّماغ.

المصادر: