الغذاء والتغذية > الوزن واللياقة
هل تخفي في فمك ما يُسبّب لك السُّمنة؟
يُشير مصطلح (الميكروبيوم الفموي - Oral microbiome) إلى مجموع الكائنات الحية الدقيقة في تجويف الفم، وهو ثاني أكبر مجتمع ميكروبي متنوّع في جسم الإنسان بعد القناة الهضمية، إذ تُشكّل البكتيريا التي في تجويف الفم 26٪ من جميع البكتيريا في جسم الإنسان، بينما هناك 29٪ أخرى في الجهاز الهضمي، وهي تؤدّي دورًا مهمًا في الحفاظ على صحّة الفم والجهاز الهضمي (1,2).
حُدّد ما يقارب 700 نوع من البكتيريا في التجويف الفموي، تنتمي إلى 185 جنسًا و 12 شعبة. النسبة الأكبر من الميكروبات التي يضمّها التجويف الفموي الصّحي تتمثل بـ: Streptococcus, Actinomyces, Veillonella, Fusobacterium, Porphromonas, Prevotella, Treponema, Neisseria, Haemophilus, Eubacteria, Lactobacterium, Capnocytophaga, Eikenella, Leptotrichia, Peptostreptococcus, Staphylococcus, و Propionibacterium (1,3).
الآن، تُرى ما علاقة السّمنة بالميكروبيوم الفموي؟
أظهرت دراسات مُتعدّدة أن الميكروبيوم الفموي مُرتبط بأمراض مختلفة مثل سرطان البنكرياس وسرطان الخلايا الحرشفية في الرّأس والرقبة وسرطان القولون والمستقيم (2). وهناك دراسات قليلة أثبتت ارتباطه بالسمنة، إذ كشفت الدّراسات التي أُجريت في طب الأسنان أنّ هناك اختلافات كبيرة في تكوين الميكروبيوم الفموي بين الأفراد ذوي الوزن الطّبيعي والأفراد المُصابين بالسمنة (1). غالبًا ما يُشار إلى انخفاض التنوّع الميكروبي وارتفاع نسبة بكتيريا متينات الجدار Firmicutes إلى العصوانيات Bacteroidetes (النسبة F/B) من ميكروبيوم الأمعاء على أنّها سمات مميّزة للسمنة لدى البالغين والمراهقين. بيّن الباحثون أنّه بالمقارنة مع الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، فإنّ الأفراد الذين يعانون السمنة لديهم نسبة F/B أعلى بين بكتيريا الفم والأمعاء، وأثبتت دراسة أخرى أن تنوّع اللّعاب وبكتيريا البلاك تحت اللثة لدى الأطفال يتناقص كلّما زاد مؤشر كتلة الجسم (BMI) (3). كذلك الميكروبيوم الفموي للأفراد المصابين بالسمنة على نحوٍ ملحوظ مع التهاب دواعم السن، وهذا الارتباط ثنائي الاتجاه؛ أي أنّ الأفراد الذين يعانون السمنة المفرطة هم أكثر عِرضة للإصابة بالتهاب دواعم السن والعكس صحيح (1).
أمّا عن آلية تأثير الفلورا الفموية في الصّحة:
فإن تكوين الميكروبيوم الفموي يُمكن أن يُسبّب تغييرات في شدة الالتهابات الخفيفة في الجسم، كذلك فقد يؤثّر في تكوين ميكروبيوم الأمعاء والأعضاء الأيضية النشطة الأخرى، خصوصًا الأنسجة الدّهنية، ومن ثمَّ يحتمل أن يؤدّي إلى تفاقم شدة السمنة (1,3).
- تنتقل البكتيريا الفموية إلى القناة الهضمية (محور القناة الهضمية الفموية) ممّا قد يؤثر سلبًا في تأثير ميكروبيوم الأمعاء على التمثيل الغذائي والالتهابي في الأنسجة الدهنية والالتهابات الجهازية وسلوك الأكل (محور الأمعاء والدماغ) في السمنة.
- الالتهاب الجهازي الذي قد تُسهم فيه بكتيريا الفم عن طريق محور الدّم الفموي ومن خلال التأثيرات في ميكروبيوم الأمعاء والأنسجة الدهنية، يؤثر في تجديد براعم التذوق ومن ثمَّ كثافة براعم التذوق، مع العواقب المحتملة على إدراك التذوق، الذي يتأثر أيضًا في الشحميات المشتقة من الأنسجة الدهنية.
- يؤثر اختيار الطعام بدوره في تكوين الميكروبيوم الفموي وهذا له عواقب محتملة على تنظيم الوزن والسمنة (1).
وقد بيّنت دراسة آلية تأثير بعض الأصناف البكتيرية على سبيل المثال Ruminococcus، وهي بكتيريا تُخمّر تعمل على تحلل الألياف الغذائية التي لا يمكن لجسم الإنسان هضمَها إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة قابلة للامتصاص، ممّا يزيد استهلاك الطّاقة من خلال امتصاص الأمعاء (3).
يمكن أن تؤدّي زيادة وفرة Klebsiella في تجويف الفم إلى تعطيل الميكروبيوم الفموي، والذي بدوره يُمكن أن يزيد نفاذية الغشاء المخاطي للأمعاء ويؤدّي إلى تنشيط الالتهاب في الأمعاء، وهذا بدوره يُسبّب زيادة مستويات عديدات السكاريد الدّهنية المُنتشرة ومن ثمَّ تطور السمنة (3).
على مدى عديد من العقود الماضية، استُخدمت البروبيوتيك Probiotics (وهي مستعمراتٌ حيّةٌ تشمل سلالات مختلفة من الجراثيم والخمائر المفيدة حيويًا هنا) والأغذية المُدعّمة بها على نحوٍ مُتزايد في الوقاية والعلاج من الاضطرابات المختلفة، بما في ذلك السمنة، وقد تبيّن أن الأصناف البكتيرية المتعددة ضمن أجناس Bifidobacterium و Lactobacillus لها القدرة على مكافحة السّمنة أو فقدان الوزن، فهي تمنع امتصاص الدّهون الغذائية وتُعزّز حرق السعرات الحرارية والدّهون، وتقلّل تخزين الدّهون، فمثلًا يُعتقد أن تناول اللبن الذي يحتوي على النوع L. fermentum يرتبط بفقدان الدّهون في الجسم وزيادة وفرة العصيات اللبنية في الأمعاء الدقيقة، فقد يكون تعديل الميكروبيوم الفموي استراتيجية مستقبلية واعدة لاستعادة التوازن الصّحي في الفم ممّا يساعد أيضًا على إدارة السمنة والوقاية من مضاعفاتها (1,4).
المصادر:
2. Yang Y, Cai Q, Zheng W, Steinwandel M, Blot WJ, Shu XO, et al. Oral microbiome and obesity in a large study of low-income and African-American populations. Journal of Oral Microbiology [Internet]. 2019 [cited 2023 Jul 11];11(1):1650597. Available from: هنا
3. Ma T, Wu Z, Lin J, Shan C, Aisaiti Abasijiang, Zhao J. Characterization of the oral and gut microbiome in children with obesity aged 3 to 5 years. Frontiers in Cellular and Infection Microbiology. 2023 [cited 2023 Jul 11];13. Available from: هنا
4. Rahman B, Al-Marzooq F, Saad H, Benzina D, Al Kawas S. Dysbiosis of the Subgingival Microbiome and Relation to Periodontal Disease in Association with Obesity and Overweight. Nutrients [Internet]. 2023 [cited 2023 Jul 11];15(4):826. Available from: هنا