مقياس الرقم الهيدروجيني (pH)

ربما قد سمعْتَ بمقياس الأُس أو الرقم الهيدروجيني أو ما يعرف بمقياس درجة الحموضة في دروس الكيمياء والعلوم الطبيعية؛ إذ يمتلك هذا المقياس أهميةً بالغةً في تحديد طبيعة الأوساط المائية فيما إذا كانت حامضية أو معتدلة أو قلوية، وله تطبيقات في مجالات عديدة.

تُحدَّد قاعدية محلول مائي أو حموضته باستخدام الرقم الهيدروجيني على مقياس من 0 إلى 14، مع كون الرقم الهيدروجيني 7 معتدلاً (محايداً)، والدرجات الأقل من 7 تدل على وجود وسط حمضي والأكثر من 7 تحدد وجود وسط قلوي.

ويعتمد هذا القياس على تحديد نسبة كمية أيونات الهيدروجين (+H) وأيونات الهيدوركسيل الحرة في الماء؛ فمع زيادة أيونات الهيدروجين تزداد الحموضة وينخفض الرقم الهيدروجيني.

ويعد الرقم الهيدروجيني مؤشراً لتحديد التغيرات الكيميائية التي تطرأ على الماء؛ لأنه يمكن أن يتأثر بالمواد الكيميائية الموجودة فيه (1,2).

وهل تشير زيادة قيم الرقم الهيدروجيني إلى ارتفاع قلوية المحلول أو انخفاض تركيز أيون الهيدروجين؟

يُشَار -عادةً- إلى قيم الرقم الهيدروجيني التي تزيد عن 7 على أنها "أساسية" أو "قلوية"، ويسبب هذا المصطلح الشائع خلطاً في المفاهيم؛ لأن قيمة الرقم الهيدروجيني لا تعد مقياساً كميَّاً مباشراً لتركيز القواعد (الأسس) في المحلول، ولا تشكل قيم الرقم الهيدروجيني العالية مقياساً للقلوية؛ فقيم الرقم الهيدروجيني الأكبر من 7 لا تزال تشير إلى حموضة المحلول؛ ولكنها تدل على أن الحموضة (تركيز +H) منخفضة جداً جداً؛ أي أقل من 10 مرفوعة إلى القوة -7 مول لكل لتر. ولتحديد قلوية المحلول التي ترتبط بتركيز القواعد؛ يجب إجراء تحليلٍ مخبريٍّ منفصلٍ ومُفصَّلٍ على المحلول، وعليه؛ يعد وصف التغير في تركيز أيونات الهيدروجين على أنه انخفاضٌ في القلوية عند استخدام هذا المقياس خاطئاً (2,3)!

ونظراً لكون مقياس الرقم الهيدروجيني لوغاريتمي موضَّح بالعلاقة:

إذاً؛ لماذا يشعر العلماء بالقلق تجاه التغييرات الطفيفة في درجة الحموضة؟

في الحقيقة؛ تكون الكائنات الحية -في معظمها- حساسة جداً لهذه التغيرات الطفيفة؛ فمثلاً يقع الرقم الهيدروجيني للدم في الشرايين عادةً في نطاق (7.35-7.45)، ويمكن أن يؤدي انخفاض 0.1 وحدة من الرقم  الهيدروجيني لدم الإنسان إلى عواقبَ صحية وخيمة تُعرَف بالحُماض (acidosis)؛ وقد تشمل النوبات أو عدم انتظام ضربات القلب أو حتى الغيبوبة.

فضلاً عن أن العديد من الكائنات البحرية حساسة للغاية للتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة لتغير درجة الحموضة في البيئة البحرية؛ إذ تبين أن العمليات الفزيولوجية الأساسية مثل التنفس، والتَكلُّس (بناء القشرة أو الهيكل العظمي)، والتمثيل الضوئي، والتكاثر تستجيب لمعدل التغيرات في تركيزات ثنائي أكسيد الكربون في مياه البحر، والتغيرات الناتجة عن تغير الرقم الهيدروجيني وتركيز أيون الكربونات التي يتوقع أن تزداد في القرن المقبل.

وعلى الرغم من أن تغير درجة حموضة البحار قد يكون بطيئاً وثابتاً نسبةً إلى مقاييس وقت الإنسان؛ فهذه التغيرات تعد الأسرع من نوعها في الـ 300 مليون سنة الأخيرة نسبةً إلى مقاييس الوقت الجيولوجية  (2,3).

المصادر: