كتاب > معلومة سريعة
عطيل؛ تراجيديا بطل مهزوم! مسرحية (عطيل) لويليام شكسبير
بين مسرحية كُتبت في أوائل القرن السابع عشر وكتاب تُرجم في أوائل القرن العشرين على يد الشاعر خليل مطران؛ تختلف اللغات والأزمنة والثقافات، وتبقى النفس الإنسانية واحدة في كل مكان وزمان، بصراعاتها واحتياجاتها، وقوتها وانهياراتها، وهو ما تفنن شكسبير في إظهاره في مجمل أعماله بوصفه واحدًا من أهم الكتّاب في عصره، فكثيرًا ما اهتم بفهم دواخل النفس البشرية وتحليلها وعرضها بمحاكاة فنية إبداعية.
وتُعدُّ مسرحية عطيل واحدةً من أهم تراجيديات الشاعر الإنكليزي شكسبير، إذ يجعلك الحب الغالب في انطلاقة هذه المسرحية تصدق أنه مَن سينتصر في نهاية المطاف، فهو الذي تفوق على الفروقات الطبقية والاختلافات الشخصية، وسُجلت نقطةٌ لصالحه متغلبًا على كل شيء ليتحقق هذا الاتحاد الأبدي بين قلبَي عاشقين؛ عطيل وديدمونة، ولكن كان للقدر رأي آخر!
فعطيل -القائد العسكري المغوار المغربي الأصل- استطاع سلب إعجاب السادة في مدينة البندقية ليُكَلَّف بأهم وأرفع المناصب لإدارة شؤون قبرص؛ وذلك بسبب ما تركه من ثقة وسيرة حسنة في حياته العسكرية المكتظّة بقصصه البطولية، واكتملت لحظات سعادته بإيجاده حب حياته ديدمونة؛ ابنة أحد رجالات البندقية البارزين، ليغامرا بشجاعة بعيدًا عن كل المخاوف من محاربة المجتمع لحبهما.
أما ديدمونة -حبيبته وزوجته- كانت قد رفضت جميع المتقدمين للزواج إليها واتبعت قلبها دون تردد متحديةً والدها، متأثرةً بما سمعته عن قصص عطيل البطولية، فقد رسمته بعينها رجلًا شهمًا وبطلًا أسطوريًّا من المستحيل أن يغدر بها يومًا.
بدأ شكسبير أحداث القصة -التي تمتد على مدى خمسة فصول- على شواطئ مفتوحة تنعم بالحب وفرصة المجاهرة فيه، متمردة على الرؤية الاجتماعية، وتقليص مساحتها رويدًا رويدًا لتصبح قصرًا ثم رواقًا لتنتهي في غرفة مغلقة، حبس البطل نفسه فيها عندما استسلم للشكوك وجعل من غيرته محركًا له، بدون أي إدراك لِمَا يسحب نفسه إليه، فيتحول عطيل من رجل عاشق ينعم بمساحة شاسعة يتغلغل فيها الحب إلى مريضِ شك بعد أن سمح للمكائد المدبرة أن تنال منه على يد أحد مرافقيه العسكريين، فانتزع منه أولًا علاقته بأقرب ملازم له، ومن ثم علاقته بزوجته، ليجد نفسه عالقًا في الأوهام متحولًا من بطل شجاع وحبيب مخلص خاض أهم المعارك وأشرسها، إلى شخص متهور غير ناضج، فسقط مهزومًا في معركةِ شك وغيرة واهمة، أردَته قاتلًا ومقتولًا.
نقلًا عن شخصية عطيل في أهم أحداث القصة: "ولكن أرغب إليكم حينما تقصون قصتي في رسائلكم أن تذكُروني بحقيقتي لا بمزيد ولا بنقصان، وألا تدخلوا فيها شيئًا من المكر السيئ، فإذا فعلتم ذلك وصفتم حال رجل لم يعشق بتعقل ولكن كان خالص السريرة متجاوز الحد في حبه، رجل دافع الغيرة عن نفسه جهده فلما تمكنت منه تمادى فيها إلى النهاية، رجلٌ غلب الأسى عينيه على أنهما لم يكن من شيمتها البكاء فذرفتا من الدموع أغزر ما تنضجه أشجار جزيرة العرب من صمغها الشافي".
العنوان: عطيل.
المؤلف: ويليام شكسبير.
المترجم: خليل مطران.
الناشر: مؤسسة هنداوي.
سنة النشر: 2011.
عدد الصفحات: 120.
إعداد: Fadia Farah