الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
الأعشاب البحرية؛ غذاء خارق غير مُستَغل
(الأعشاب البحرية - Seaweed) هي (طحالب كبيرة - Algae) تتوفر على نطاق واسع في المحيط، وهي مورد بيولوجي بحري مهم. في الوقت الحاضر، اكتشف أكثر من 168,971 نوعًا من الأعشاب البحرية التي تصنف تحت أربع مجموعات وهي: الطحالب الحمراء (rhodophyta)، والطحالب البنية (phaeophyta)، والطحالب الخضراء (chlorophyta)، والطحالب الخضراء المزرقة (cyanophyta) اعتمادًا على نوع النبات وطبيعة وفرة الصباغ (1,2).
تحتوي الأعشاب البحرية على نسبة عالية من البروتين، في حين تحتوي على نسبة منخفضة من الدهون. وهي غنية بالألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن مما يجعلها غذاء طبيعيًّا مثاليًّا للاستهلاك (1).
تستخدم الأعشاب البحرية في البلدان الآسيوية مباشرة في الطهي، في حين أنها تستخدم خصوصًا في الغرب لاستخراج الغرويات المائية الغذائية المهمة بما في ذلك (الآغار - Agar) و(الكاراجينان - Carrageenan) و(الألجينات - Alginate). تتوفر هذه المواد على مدار العام تقريبًا وتحضيرها سهل نسبيًّا، وتُستخدم الغرويات النباتية المشتقة من الطحالب البنية والحمراء، في صناعة الأغذية (عوامل التبلور)، والمستحضرات الصيدلانية (الضمادات، وطلاءات الأدوية) والتكنولوجيا الحيوية (وسط للاستزراع، وأطباق بيتري). وتتوفر في مستحضرات التجميل (غسول الجسم، الصابون، الشامبو، معجون الأسنان)، وقد استخدمت الطحالب البحرية تقليديًّا في علف الحيوانات وفي الزراعة وإنتاج وقود الديزل الحيوي (2,3).
المحتوى الغذائي للأعشاب البحرية:
- المركبات الرئيسة النشطة بيولوجيًّا: محتوى الأعشاب البحرية عمومًا جيد من (البوليفينول - Polyphenols) و(الستيرول - Sterol) و(القلويدات - Alkaloids) و(الفلافونويد - Flavonoid) و(لتانينات - Tannin)، وغيرها من المركبات المميزة الأخرى ذات الخصائص النشطة بيولوجيًّا، مثلًا يرجع اللون البني النموذجي للطحالب البنية إلى وجود صبغة معينة تسمى (فوكوكسانثين - Fucoxanthin)، الذي أظهرت دراسات عدة أن له خصائص مضادة للأورام والأكسدة وللسمنة. أما الطحالب الحمراء البحرية، فهي تنتج كمية من المركبات التي تمارس أنشطة بيولوجية مختلفة، كالأنشطة المضادة للفطريات والبكتيريا والسرطان كـ (السيسكيتربين - Sesquiterpene)، و(الديتربين - Diterpene)، و(الترايتربين - Triterpene) وغيرها. وفيما يخص الأعشاب البحرية الخضراء أظهر محتواها من الدهون متعددة عدم الإشباع PUFA المثبطة ضد الاستجابة الالتهابية (3).
- الكربوهيدرات: تحتوي الأعشاب البحرية على كمية كبيرة من الكربوهيدرات بصورة سكريات هيكلية وتخزينية ووظيفية، وقد يتراوح إجمالي محتوى الكربوهيدرات تقريبًا من 20% إلى 76% من الوزن الجاف تبعًا للنوع. الجزء الأكبر من الكربوهيدرات فيها بصورة ألياف غذائية عديدة السكاريد، التي لا يمتصها جسم الإنسان (2).
- الألياف الغذائية: أظهرت (الألياف الغذائية - dietary fibers/ DFs) المشتقة من الأعشاب البحرية خصائص مفيدة متعددة، كالخواض المضادة للالتهابات والأكسدة والفيروسات، التي تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأنواع ومصادرها، وهي تقسم إلى ألياف قابلة للذوبان وغير قابلة للذوبان ولها تطبيقات على نطاق واسع في صناعات الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل (1).
الألياف الغذائية لها وظائف مهمة لتعزيز صحة الجهاز الهضمي في أثناء مرورها عبره؛ إذ تعمل مركبات DFs القابلة للذوبان على خفض مستويات الكوليسترول في الدم والغلوكوز عن طريق تقليل عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية. وتساعد DFs غير القابلة للذوبان في حالات الإمساك على زيادة حجم الفضلات وتسهل حركتها، وسنتطرق لاحقًا في المقال إلى أهم الفوائد الصحية الناجمة عن هذه الألياف (1,2).
- البروتينات: بروتين الأعشاب البحرية غني بـ (الغلايسين - Glycine) و(الأرجينين - Argenine) و(الألانين - Alanine) و(حمض الغلوتاميك – Glutamic acid)، ويعد مصدرًا للأحماض الأمينية الأساسية.
تشتمل بروتينات الأعشاب البحرية أيضًا على (الليكتينات) والبروتينات السكرية والبروتينات النباتية. لذلك؛ تعدُّ الأعشاب البحرية مصدرًا مستدامًا للتغذية البديلة، ومن الجدير بالذكر أن ليكتينات الأعشاب البحرية ذات أنشطة بيولوجية مضادة للالتهابات ومضادات حيوية وسمية للخلايا، ويختلف محتوى هذه الأعشاب من البروتين حسب النوع وموسم النمو (1,2).
- الدهون: تُعرف الأعشاب البحرية بأنها أغذية منخفضة السعرات الحرارية نظرًا إلى انخفاض محتواها من الدهون مقارنة بمحتوى الكربوهيدرات والبروتين؛ إذ لا يتجاوز محتوى الدهون في الأعشاب البحرية شائعة الاستخدام 5% من الكتلة الحيوية الجافة. على الرغم من انخفاض محتوى الدهون، فإن الأعشاب البحرية غنية بأحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنية المتعددة غير المشبعة، والنسبة بينهما تقع في نطاق مناسب، مما يفيد في الوقاية من بعض الأمراض الالتهابية المزمنة، وقد أظهرت دراسة أن الأحماض الدهنية (أوميغا 3) قد تحسن وظيفة الميتاكوندريا (1).
- الفيتامينات: الأعشاب البحرية هي مصدر غني للفيتامينات الذوابة في الماء والذوابة في الدهون، والاستهلاك المنتظم لها قد يمنع نقص الفيتامينات بفعالية ويعالجها، وتعدُّ مصادر جيدة لفيتامين B12، الذي لا يوجد في معظم النباتات البرية؛ إذ عُثر على كمية كبيرة من فيتامين B12 أكثر من 30 ميكروغرام/100 غرام من الوزن الجاف، في بعض الطحالب الخضراء، كـ (Enteromorpha spp) و(Ulva spp)، والطحالب الحمراء كـ Porphyra) (spp (1,2).
- المعادن: المحتوى المعدني للأعشاب البحرية أعلى من النباتات البرية، فهي غنية بالصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم. بعض الأنواع تحوي نسبة جيدة من الصوديوم إلى البوتاسيوم، بما يسهم في توازن السوائل في الجسم (1). وتعد الأعشاب البحرية مصدرًا رئيسا لليود، ويتجاوز محتوى اليود في بعض الأنواع الحد الأدنى من متطلباتنا الغذائية (150 ملغ / يوم). يتوفر أعلى محتوى من اليود في الطحالب البنية (1500-8000 جزء في المليون) (2).
ومن المثير للاهتمام أيضًأ أن الأعشاب البحرية تحتوي على كميات عالية جدًا من الحديد والنحاس مقارنة بمصادر الغذاء المشهورة باحتوائها على تلك المعادن كاللحوم والسبانخ (2)؛ وتعد الأعشاب البحرية أيضًا مصدرًا للمغنزيوم والمنغنيز والزنك والكوبالت والسيلينيوم (1).
الفوائد الصحية المحتملة من تناول الأعشاب البحرية:
معظم الفوائد الآتية ناجمة عن غنى الأعشاب البحرية بالألياف الغذائية:
- تقليل خطر سرطان للقولون والمستقيم: تسهم الألياف الغذائية في الحد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عن طريق عديد من آليات الحماية بما في ذلك تخفيف المواد المسببة للسرطان في البراز، وتقليل وقت عبور البراز عبر الأمعاء، وإنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تعزز العمل المضاد للسرطان (2).
- تقليل الالتهابات الهضمية: أظهرت ألياف السكاريد المتوفرة في الأعشاب البحرية فعاليتها في قمع التهاب المعدة وتقليل خطر الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر. تظهر معظم أنواع الألياف القابلة للذوبان في الطحالب تأثيرًا وقائيًّا للسبيل الهضمي ضد الإنزيمات الهضمية والحموضة المرتفعة، مما يقلل فرص التهاب الطبقة الظهارية بالمواد الكيميائية أو الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض، فضلًا عن أنه تسهم بعض الألياف الغذائية المتوفرة في الأعشاب البحرية في تجديد الغشاء المخاطي الذي يغطي أسطح السبيل الهضمي التالف (2).
- (يريبيوتيك - Prebiotics): البريبيوتيك هي مركبات متوفرة في الطعام تعزز نمو أو نشاط الكائنات الحية الدقيقة المفيدة كالبكتيريا والفطريات. الألياف الغذائية التي لا تهضم في جسم الإنسان تتخمر داخل الأمعاء. لذلك؛ تحفز هذه الألياف المتخمرة نمو (البيفيدوبكتريا - bifidobscteria) و(اللاكتوباسيلوس - Lactobacillus)، وتؤدي إلى توازن أفضل بين البكتيريا القولونية (2).
- التحكم في نسبة السكر في الدم: الألياف الغذائية تخفف وتبطئ حركة الكربوهيدرات في الأمعاء، ولهذا تأثير إيجابي في تنظيم مستوى السكر في الدم. لذلك، فإن التحكم في هضم السكريات في النظام الغذائي قد يساعد على التحكم في نسبة الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني (2).
- فوائد أخرى: (الفوكويدانات - Fucoidan) الموجودة في بعض أنواع الأعشاب البحرية البنية أًصبحت متاحة تجاريًّا بصفتها منتجات مغذية في أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية، لما لها من فوائد، فهي مركبات مضادة للجراثيم والفيروسات والالتهابات ومضادة للتخثر، لذلك فهي تقاوم داء السكري والزهايمر وباركنسون. لذلك؛ تعدُّ أغذيةً وظيفية (3).
لكن، الفوائد العديدة لا تنفي ان هناك تحذيرات
إذ إن احتمال احتواء الأعشاب البحرية على نسب من المعادن الثقيلة كبير، وذلك بناءً على المنطقة التي تنمو فيها، وعلى الرغم من أن تركيزات المعادن الثقيلة في الأعشاب البحرية الصالحة للأكل تكون عمومًا أقل من المستويات السامة، إلا أن التراكم الحيوي للزرنيخ يمثل خطرًا، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات عن حركية المعادن الثقيلة السامة.
لذلك؛ إذا أريد للأعشاب البحرية أن تسهم في الأمن الغذائي العالمي في المستقبل، فلا بد من اتخاذ تدابير لضمان مراقبة المنتجات الغذائية ووضع العلامات عليها للحماية من الإفراط في تناول اليود، والمعادن الثقيلة (4).
المصادر:
2- Rajapakse N, Kim SK. Chapter 2 - Nutritional and Digestive Health Benefits of Seaweed. In: Kim SK, editors. Advances in Food and Nutrition Research. 64 [Internet]. Academic Press; 2011 [cited 2023 Sep 21]. 17–28. Available from: هنا
3- Lomartire S, Marques JC, Gonçalves AMM. An Overview to the Health Benefits of Seaweeds Consumption. Marine Drugs [Internet]. 2021 [cited 2023 Sep 21];19(6):341. Available from: هنا
4- Cherry P, O’Hara C, Magee PJ, McSorley EM, Allsopp PJ. Risks and benefits of consuming edible seaweeds. Nutrition Reviews [Internet]. 2019 [cited 2023 Sep 21];77(5):307–29. Available from: هنا