الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية > الجغرافيا السياسية
ناغورنو قره باغ تحت السيطرة الأذربيجانية
شهد إقليم ناغورنو قره باغ في الأيام الأخيرة نزوحًا كبيرًا لسكانه الأرمن؛ إذ قُدِّر عدد النازحين بقرابة 100 ألف شخص نزحوا بإتجاه أرمينيا، ولم يبقى سوى القليل من السكان الأرمن في المنطقة، وقدَّرت بعثة الأمم المتحدة عددهم ما بين 50 إلى 1000 شخص (1)، وكان ذلك بالفعل العسكري الأذربيجاني الذي شُنَّ على هذه المنطقة وبنيتها التحتية ومرافقها الحيوية في 19 أيلول (سبتمبر) عام 2023م، والذي عدَّه مكتب المفوَّض السامي لحقوق الإنسان خرقًا للمواثيق الدولية (2).
لكن كيف وصلت الأحداث إلى هنا
في عام 2020م وقعت حرب ناغورنو قره باغ الثانية بعد توترٍ سياسيٍّ متصاعد بين أرمينيا وأذربيجان، واستمرت ستة أسابيع بين شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر)، واستعادت على إثرها أذربيجان الكثير من الأراضي التي فقدتها في حرب سابقة، وبموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار، أعادت أرمينيا الأراضي المتبقية التي احتلتها إلى أذربيجان (3,4)، وقد تسبَّبت هذه الحرب بمقتل أكثر من 6000 شخص (4).
وفي خلال هذا النزاع وقفت روسيا على الحياد، في حين تلقَّى التصعيد العسكري الأذربيجاني دعمًا دبلوماسيًّا كبيرًا من تركيا التي زوَّدت أذربيجان أيضًا بطائرات مسيَّرة في أرض المعركة، ووُضِع اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة روسية ونصَّ على وجود 2000 جندي روسي في منطقة النزاع بصفتهم قوات حفظ سلام ولضمان أمن الممر البري الذي يصل بين أرمينيا وناغورنو قره باغ (4).
أمّا تاريخيًا:
يمكن النظر إلى أرمينيا التاريخية بوصفها نواة إقليمية في منطقة القوقاز ذات تنوُّع عرقي من أرمن وجورجيين وأذربيجانيين وأتراك ممَّا مهّد لمطالبات حدودية معينة من هؤلاء (5).
وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ التجسيد الإقليمي للأمة الأرمينية كان متجذِّرًا في منطقة تغطي بعض الأراضي التي تُعرف الآن باسم أرمينيا الغربية وأرمينيا الشرقية، وقد قُسِّمت هذه المنطقة في القرن التاسع عشر بين إمبراطوريتين كبيرتين هما تركيا وروسيا، ولكن أدَّت سياسة طردهم من المنطقة المعروفة باسم أرمينيا الغربية التي كانت تحت حكم تركيا والعداء العام ضدهم إلى مذابح واسعة النطاق للأرمن بين عامي 1894م و1896م ، وتعرَّض الأرمن لإبادة جماعية في العام 1915م (5).
أصبحت كلٌّ من أرمينيا وأذربيجان جزءًا من الاتحاد السوفيتي في العام 1920م، وذلك حتى العام 1991م واستقلالهما عنه (3)، وقد حدثت العديد من الاضطرابات القومية خلال الفترة الاشتراكية السوفيتية، وكان أكبرها نزاع إقليمي طويل الأمد بين الأرمن والأذربيجانيين حول مستقبل منطقة ناغورنو قره باغ؛ وهي منطقة مستقلة وقعت بالكامل داخل جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية وسكنتها أغلبية أرمنية (قرابة 90 بالمئة)، وكانت هذه المنطقة الجبلية الأرمنية الواقعة في العمق الأذربيجاني مفصولةً عن بقية شرق أرمينيا، ووقع عليها نزاعٌ عنيف في الفترة القصيرة لاستقلال دول القوقاز، وبعد بدء الحكم السوفيتي في منطقة القوقاز في العام 1920م، اعترفت موسكو بأنَّ ناغورنو قره باغ إقليمٌ يتمتَّع بالحكم الذاتي داخل أذربيجان السوفيتية (6).
في نهاية الفترة السوفيتية شهدت منطقة ناغورنو قره باغ نمو حركةٍ انفصالية سعت إلى إنهاء السيطرة الأذربيجانية عليها، وبدأ القتال على المنطقة في العام 1988م وتصاعد بعد حصول أرمينيا وأذربيجان على استقلالهما عن الاتحاد السوفيتي في العام 1991م، وبحلول الوقت الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أيار (مايو) 1994م؛ سيطر الانفصاليون المدعومون من أرمينيا على ناغورنو قره باغ وسبع مقاطعات أذربيجانية محيطة بها (3).
فهل ترى أفقًا لحل الصراع في هذه المنطقة أم سيبقى الوضع كما هو الآن؟
المصادر:
2. Committee on Economic, Social and Cultural Rights Commends Armenia for Revising Rules on the Right to Strike, Raises Questions on Measures to Combat Poverty and Housing Programmes for Socially Disadvantaged Persons, Refugees [Internet]. OHCHR; 2023 [cited 9 October 2023]. Available from: هنا
3. The World Factbook: Explore All Countries: Azerbaijan [Internet]. Central Intelligence Agency; 2023. [cited 9 October 2023]. Available from: هنا
4. Welt C, Bowen AS. Azerbaijan and Armenia: The Nagorno-Karabakh Conflict [Internet]. Congressional Research Service; 2021. [cited 9 October 2023]. p. 26. Available from: هنا
5. Dragadze T. The Armenian‐Azerbaijani conflict: Structure and sentiment. Third World Quarterly [Internet]. 1989 [cited 9 October 2023];11(1):55-71. Available from: هنا
6. Fraser NM, Hipel KW, Jaworsky J, Zuljan R. A Conflict Analysis of the Armenian-Azerbaijani Dispute. Journal of Conflict Resolution [Internet]. 1990 [cited 20 August 2021];34(4):652-677. Available from: هنا