الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية
المغذيات النباتية بصفتها علاجًا غذائيًّا للسمنة
السمنة هي حالة طبية معقدة تنتج بصورة رئيسة عن عادات الأكل والوراثة، ونمط الحياة وبعض الحالات الصحية (1). أعلنت منظمة الصحة العالمية أن السمنة وصلت إلى مستويات وبائية في كافة أنحاء العالم، ويستند هذا الإعلان على جمع بيانات مؤشر كتلة الجسم (BMI، كغ/م2) وتحليلها. وزادت حالات السمنة ازديادًا مقلقًا منذ ذلك الحين، وأصبحت مشكلةً صحيةً عامة تستدعي القلق مع وجود تكاليف اجتماعية ضخمة؛ إذ تُسّهل السمنة في الواقع تطور الاضطرابات الأيضية، كمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية، فضلًا عن الأمراض المزمنة، كالسكتة الدماغية وهشاشة العظام وتوقف التنفس في أثناء النوم وبعض أنواع السرطان والأمراض المرتبطة بالالتهابات (2).
(الفيتوكيميكالز - Phytochemicals) وهي مواد كيميائية نباتية وتدعى أيضًا ب(المغذيات النباتية - Phytonutrients)، التي توجد في الطعام والمنتجات/ المستحضرات العشبية؛ إذ إنها قد تؤثر في الشهية أكثر مما هو متوقع عن طريق التغذية الطبيعية. قد تتسبب في آثار جانبية أقل وقد توفر بدائل للعلاجات الطبية أو يمكن استخدامها لتعزيز فعالية الأدوية الموصوفة (1). لقد ثبُت أن استهلاك المواد الكيميائية النباتية، والمركبات النشطة بيولوجيًّا في الفواكه والخضروات يخفف السمنة والأعراض الأيضية ذات الصلة عن طريق تنظيم مسارات استقلابية محددة (3).
تأثير المغذيات النباتية في محاربة السمنة:
أُثبت أن المغذيات النباتية لها خصائص تقليل الوزن. المستخلصات النباتية (المواد الكيميائية النباتية) يمكن أن تغير شهية الإنسان ووزن الجسم. غالبية المستخلصات النباتية ليست مركبات مفردة بل خليط من جزيئات مختلفة، وبالتالي فإن آلية عملها تستهدف عادة عدة أنظمة. بالإضافة إلى ذلك، بما أن بعض المستقبلات الخلوية تميل إلى الانتشار على نطاق واسع، فقد يكون لجزيء واحد في بعض الأحيان تأثير واسع النطاق (4).
هذه المواد الكيميائية النباتية لها تأثيرات مضادة للسمنة عن طريق تعديل عديد من المسارات، كانخفاض تكوين الدهون، وامتصاص الدهون، وتحلل الدهون المتسارع، واستهلاك الطاقة، و(تمايز الخلايا الشحمية - preadipocyte differentiation) وانتشارها. وبسبب هذه التأثيرات المضادة للسمنة، أُدخلت تركيبات غذائية جديدة تتضمن هذه المغذيات النباتية التي قد تكون مفيدة في الحد من انتشار السمنة وتعزيز الصحة العامة (1).
فيما يأتي بعض المغذيات النباتية التي تحمل خصائص تقليل الوزن:
1. البوليفينولات: البوليفينولات هي مجموعة من المركبات النباتية التي تمتلك خصائص مقاومة للسمنة. المصدر الرئيسي للبوليفينول هو الزيتون، التي توجد في أجزاء شجرة الزيتون المختلفة، وهو أوراق الزيتون التي تتمتع بأعلى قدرات الأكسدة (1). من بين هذه المركبات، يمكن الإشارة إلى بعض البوليفينولات التي تمتلك تأثيرات مضادة للسمنة وتضم: (فلوريزين - Phlorizin) الفلوريزين (PHZ) هو عنصر غذائي متوفر في التفاح، و(إبيجالوكاتشين جالات - Epigallocatechin Gallate (EGCG)، وريسفيراترول (1).
2. الكاروتينات: المركبات المضادة للسمنة التي تنتمي إلى العائلة الكاروتينية التي تشمل: (الليكوبين - Lycopene) - (اللوتين وزياكسانثين - Lutein and zeaxanthin (1).
3. المستخلصات النباتية (التي تحتوي على المواد الكيميائية النباتية): منها زيت الصنوبر الكوري وزيت النخيل و أجزاء زيت الشوفان (أوليبرا) و(غاركينيا كامبوغيا - Garcinia Cambogia)؛ إذ أُثبت فعالية هذه المستخلصات في تقليل الشهية وزيادة استهلاك الطاقة، مما يجعلها مفيدةً للحفاظ على الوزن (4).
التوافر الحيوي للمغذيات النباتية:
يشير مصطلح (التوافر البيولوجي - Bioavailability) إلى النسبة من العناصر الغذائية المستهلكة في النظام الغذائي، التي يمتصها الجسم ويستخدمها، فلا يمتص الجسم المغذيات المتوفرة جميعها بل نسبة منها؛ وتؤثر عدة عوامل في التوافر الحيوي للمغذيات النباتية كالمعالجة الحرارية للطعام، ودرجة الحموضة في المعدة، ومعدل الهضم والامتصاص، وطرائق التخزين والطهي، والتفاعل مع المواد الأخرى والفروقات الفردية بين المواد الكيميائية (1).
بعض الأمثلة على الأنظمة الغذائية الإقليمية ومميزاتها الخاصة فيما يخص العناصر النباتية:
تُستخدم المغذيات النباتية بصفتها مكونًا أساسيًّا في النظام الغذائي. تتواجد العناصر الغذائية النباتية في تشكيلة متنوعة من الأطعمة النباتية، بما في ذلك الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والمكسرات، والفاصوليا. تتمتع الأنظمة الغذائية الإقليمية المختلفة بخصائص مغذية متفاوتة من العناصر النباتية. وفيما يأتي بعض الأمثلة:
1. (حمية البحر الأبيض المتوسط - Mediterranean diet):
يعدُّ النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط معروفًا بتركيزه على مجموعة واسعة من الأطعمة النباتية وتناول كميات كبيرة من مادة البوليفينول، ويسهم في تقليل خطر السمنة عن طريق نمط غذائي صحي. فضلاًا عن أنه يعدُّ تناول زيت الزيتون البكر (EVOO) والخضروات والبقوليات والفواكه والحبوب الكاملة جزءًا أساسيًّا من هذا النظام الغذائي وله تأثير إيجابي في وزن الجسم بتقليل استقلاب الدهون والإجهاد التأكسدي وتراكم الصفائح الدموية والتخثر. يشبه النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط بعض العادات الغذائية التقليدية للدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، ويعزز الحفاظ على نظام غذائي صحي (1).
2. (النظام الغذائي الاسكندنافي - Nordic Diet):
يشمل النظام الغذائي الإسكندنافي مكونات إضافية كالأسماك ومنتجات الألبان قليلة الدهون والبطاطس والدهون النباتية والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة. ويركز على وجبات صحية إقليمية مستوحاة من نظام أوكيناوا التقليدي. ويوفر محتوىً منخفض من الكربوهيدرات ومرتفع من الألياف والدهون والبروتين. وقد عُدّل ليناسب الشماليين مع تقليل استهلاك منتجات الألبان والسكر واللحوم الحمراء. ويركز على الأطعمة ذات التأثير الضئيل في نسبة السكر في الدم. ويوفر نحو 1900 سعر حرارية يوميًّا، مما يسهم في انخفاض السكر وتوفير العناصر الغذائية الصحية. واعتماده الأساسي على الشوفان والجاودار على أنها مصدر للبروتين، فضلًا عن القمح، وله تأثيرات مضادة للالتهابات وتقويم نسبة السكر بعد الأكل (1).
3. نظام التراث الغذائي الأفريقي:
يعزز نظام التراث الغذائي الأفريقي مكونات طبيعية قد تكون مفيدةً للأمريكيين الأفارقة نظراً إلى مخاطر الصحة التي يواجهونها بسبب أنماطهم الغذائية. أظهرت دراسة شملت الأمريكيين من أصل أفريقي تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة (مؤشر كتلة الجسم: 25.9-49.9) تحسنًا في وزن الجسم وعوامل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية مع اتباع نظام التراث الغذائي الأفريقي. ويؤكد النظام بقوة على تناول النباتات، كالخضروات والفواكه والحبوب والفاصوليا والمكسرات مما يسهم في خفض الوزن ومحيط الخصر وضغط الدم. ويشمل شبكةً واسعةً من الأطباق الأفريقية والكاريبية والجنوب أمريكية، لتوجيه الناس نحو التوابل والمكونات وطرائق الطهي التقليدية (1).
4.الأنظمة الغذائية الآسيوية التقليدية:
تفتقر الأنظمة الغذائية الآسيوية التقليدية إلى أدلة كافية على ممارسات غذائية إقليمية تقليدية، ويمكن تعزيز النظام الغذائي لهذه الفئة ببساطة عن طريق تقليل استهلاك الحبوب وزيادة استهلاك الفواكه والخضروات. وتشمل مكوناتها الرئيسة الأسماك والبقوليات. يحتوي النظام الغذائي الكوري على عناصر مفيدة دون الاعتماد على الطهي المقلي، بينما يشمل النظام الغذائي الصيني الأرز والحساء والخضروات وفول الصويا، أما الياباني، فغني بالأعشاب البحرية والفواكه والخضروات والفطر. ويشجع النظام الغذائي الياباني على استبدال الملح بصلصة الصويا واستخدام نكهة أومامي. ويظهر النظام الغذائي الكوري تأثيرًا إيجابيًّا في اللياقة البدنية وتقليل مؤشر كتلة الجسم، في حين يقلل النظام الغذائي الصيني مخاطر الأمراض المرتبطة بالتمثيل الغذائي والسمنة وارتفاع الدهون الثلاثية وضغط الدم (1).
ختامًا؛ أُثبت أن المواد المغذية النباتية لها تأثيرات مضادة للسمنة، ويعدُّ البوليفينول والكاروتينات أمثلةً على المواد المغذية النباتية ذات التأثيرات المضادة للسمنة. ومع ذلك، فإن الأدلة على معظم هذه المواد الكيميائية النباتية محدودة وغير متسقة وهناك حاجة لتجارب سريرية أكثر صرامة لإثبات الفعالية.
المصادر:
2. González-Castejón M, Rodriguez-Casado A. Dietary phytochemicals and their potential effects on obesity: A review. Pharmacological Research [Internet]. 2011 [cited 2023 Oct 28];64(5):438–55. Available from: هنا
3. Li X, Zheng L, Zhang B, Deng Z, Luo T. The Structure Basis of Phytochemicals as Metabolic Signals for Combating Obesity. Frontiers in Nutrition [Internet]. 2022 [cited 2023 Oct 29];9. Available from: هنا
4. Tucci SA. Phytochemicals in the Control of Human Appetite and Body Weight. Pharmaceuticals [Internet]. 2010 [cited 2023 Oct 29];3(3):748–63.Available from: هنا