كتاب > روايات ومقالات
رسائل القسوة والدهشة؛ مراجعة رواية
"عدوي اللدود" هو العمل اللاحق لرواية (جين ويبستر - (1876_1916) Jean Webster) الشهيرة "صاحب الظل الطويل"، وقد نشرت أول مرة في العام 1915م، وكانت من بين الكتب العشرة الأفضل مبيعًا في الولايات المتحدة لعام 1916. وتحتوي الرواية سلسلة من الرسائل على غرار الجزء الأول، التي كُتِبَت هذه المرة بقلم "سالي مكبرايد". سالي هي الصديقة المقربة لجودي آبوت بطلة الجزء الأول من الرواية، وسيتضح للقارئ منذ البداية أن "سالي" قد عهدت بمهمة إدارة ميتم "جون غرير" وتولت الإشراف على إصلاحه والتخلص من السياسات القديمة التي جعلت من الملجأ مكانًا قاتمًا وكئيبًا، وهو الميتم ذاته الذي نشأت فيه جودي في صغرها.
تبدأ الرواية بسالي التي تشعر بالهلع بعد توليها مهمة إدارة الميتم والتفرّغ التام لعناية 107 من الأطفال، وهذا التكليف من قبل صديقتها جودي التي تزوجت صاحب الميتم لاحقًا، وتستمر إدارتها حتى نهاية العمل؛ إذ يلتهم القارئ شغف وقوّة المرأة وتأثيرها في إعادة صياغة الذات والعالم من حولها. استخدمت سالي طرائق غير تقليدية لإدارة الميتم، بصفته تشجيعًا على التفكير الحر وتنمية الإبداع لدى الأطفال، وإحضار أطباء نفسانيين لمساعدتهم على التعامل مع مشكلاتهم الخاصة، وواجهت تحديات عدة بما في ذلك المعارضة من قبل أعضاء مجلس إدارة الميتم، والصراع المستمر مع طبيب الميتم، الذي أسمته في نهاية المطاف "عدوها اللدود".
تربّت سالي في أُسرة متوازنة على عكس جودي وهذا بدوره انعكس إيجابيًّا في تأثير إدارتها لهذا المكان، تقول سالي في احدى رسائلها عن مهمتها الجديدة في الميتم:
"أنا أعلم أنك تضحك عليَّ الآن، وأنت تتخيلني وأنا أقف في وسط مجموعة من الأطفال المتسخين والمتشردين، وأحاول أن أجعلهم يحبونني. لا تضحك كثيرًا، يا عدوّي اللدود، فقد تكون هذه هي فرصتي لإثبات أن لديَّ شيئاً من المسؤولية والقدرة على العمل. أو ربما تكون هذه هي طريقة جودي للانتقام مني على كل المقالب التي لعبتها عليها في المدرسة."
ونرى في هذه الرسالة كيف تستخدم سالي لغة فكاهيةً ومرحةً لوصف حالتها، وكيف تظهر شخصيتها الجريئة والمغامرة، التي تقبل التحديات بشجاعة. وُجهت رسائل سالي إلى أكثر من شخص، كطبيب الميتم وصديقتها جودي التي كانت لها الحصة الأكبر من الرسائل واستهلّت من رسائل قديمة بينهما.
الهدف الرئيس من العمل هو التأكيد على أنه على الرغم من أن جميع من في المكان أيتام، فإن امتلاك الحماس والرغبة الحقيقية في التغيير يمكّننا من إصلاح الأماكن القاسية لتصبح أفضل إن كنا نمتلك جرعةً كافيةً من المتعة والعزيمة والشجاعة، وتعرّفنا على مفهوم الأسرة الحقيقة ومعناه، وهنا ظهرت قوّة الكاتبة في إيصال المعنى. الرواية ذات حبكة خفيفة وبسيطة ومناسبة للصغار، تجمع بين الفكاهة والعاطفة، تعبّر جين ويبستر عن أفكارها وآرائها عن موضوعات مختلفة، كالتربية والصحة والنسوية، كأهمية تعليم المرأة وحقها في العمل والاستقلال.
استخدمت الكاتبة أسلوبًا بسيطًا وسلسًا في كتابة الرسائل، مما جعل القارئ يشعر بالقرب من الشخصيات والأحداث، واستعانت بعناصر إبداعية، كالرسومات والقصائد والأغاني، لإضفاء مزيد من التنوع والحيوية. تتشابه هذه الرواية مع الجزء الأول باستخدام الأسلوب نفسه واللغة نفسها في طرح الرسائل والرسومات الفكاهية، وهذا ما أوقع الكاتبة بنوع من التكرار فظهرت على أنها محاولة لتنحية جودي ووضع سالي تحت الضوء قليلاً.
قد نقول إن "عدوي اللدود" هي رواية ممتعة وعاطفية، تستحق القراءة والوقوف عندها؛ إذ تنقل رسالة مفادها أن الإنسان قادر على التغيير والتطور، وتعكس رؤية جين للحياة والحب والصداقة، فالعمل يتميز بوضوح الأحداث وتصميم الشخصيات المختلفة، ويشتمل أيضًا على مجموعة متنوعة من الأحداث التي تواجه كل شخصية في العمل.
"إنه لشعور رائع أن تكون محبوباً، حتى لو كان من قبل طفل صغير. فلا شيء يسعدني أكثر من رؤية ابتسامة على وجه أحد هؤلاء الصغار، أو سماع ضحكة من قلبهم، أو تلقي عناق حار من ذراعيهم. هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى الحب أكثر من أي شيء آخر في العالم، فهم لم يجدوه في حياتهم المأساوية التي عشوها قبل أن يأتوا إلى هنا"
معلومات عامة:
عنوان الكتاب: عدوي اللدود
الكاتب: جين ويبستر
المترجمة: بثينة الابراهيم
نوع الكتاب: رواية أدبية (عاطفية_ هزلية)، أدب الرسائل
عدد الصفحات: 365 صفحة