الطب > طب الأسنان
"السن بالعين".. نقلة نوعية لعلاج فقد البصر
يعد ترميم القرنية البديلي-العظمي السني Osteo-Odonto-Keratoprosthesis واختصاراً OOKP، والمعروف أيضاً باسم "جراحة السن بالعين"، شكلاً فريداً من أشكال جراحة القرنية الاصطناعية لاستعادة الرؤية عند المرضى الذين يعانون أشد أشكال عمى القرنية في المرحلة النهائية، التي لا يمكن علاجها بزراعة القرنية أو غيرها من أشكال الجراحة (1).
وُصف هذا الإجراء أول مرة من قبل البروفيسور بينيديتو سترامبيلي من مشفى سان كاميلو في روما سنة 1963.
وهو يتضمن إنشاء دعم لقرنية اصطناعية من الأسنان والعظم السخني المحيط بها للمريض نفسه (1).
في وقت لاحق، عدل فاسيلي هذه التقنية بطريقة تدريجية، وأعيد إدخال التقنية المحسنة إلى بريطانيا في منتصف التسعينيات باستخدام صفيحة عظمية-سنية مركبة، للمساعدة في تثبيت أسطوانة بصرية من البولي ميثيل ميثاكريلات على القرنية، وقد لاقت نجاحاً ملفتاً، ويعرف هذا الآن باسم ترميم الأسنان البديلي العظمي السني-المعدّل Modified Osteo-Odonto-Keratoprosthesis اختصاراً MOOKP.(1)
يعتمد نجاح هذه العملية على الارتفاع، والعرض، والحالة الهيكلية وحول السنية للسن المختار وحيوية الغشاء المخاطي الفموي.
إذ يجري جراح الأسنان الفحوص اللازمة للأسنان بما في ذلك فحص الأنسجة الرخوة والصلبة لتجويف الفم.
ويجب اختيار سن بجذر واحد، ويفضّل اختيار الناب العلوي نظراً لطوله وضخامة جذره مع عظم سنخي مثالي (2,3).
تساعد تقنيات التصوير المختلفة، مثل البانوراما والتصوير بالأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب على تقييم السن المناسب واختياره.
ويمكن استخدام أسنان وحيدة الجذر أخرى عند غياب الأنياب، وفي حال عدم وجود سن مناسب أو كان لدى المريض درد كامل (فاقد لجميع أسنانه) يمكن استخدام طُعم من أحد أقربائه (أولاده أو أخوته)(3) .
يجب تطبيق هذا الإجراء على عين واحدة فقط.
ففي حال حدوث أي خلل في مرحلة ما، تستخدم العين الثانية وتُطبق عليها مراحل العلاج من جديد (3).
تستطب عملية OOKP عند فقدان البصر ثنائي الجانب والناتج عن:
- المرحلة النهائية الشديدة من متلازمة ستيفنز جونسون
- الفقاع الندبي العيني
- الحروق الكيميائية والحرارية، والإصابات الجسدية (تعد الإصابات الكيميائية هي السبب الأكثر شيوعاً لفقدان البصر بنسبة 71%)
- التراخوما (الحَثَر) في المرحلة النهائية
- متلازمة لايل
- فقدان الجفون (متلازمة كروزون)
- الحمامى متعددة الأشكال
- التهاب القرنية الشديد
- التهاب القزحية
- الجفاف (4,5)
موانع الاستطباب المطلقة:
- المرضى السعداء بمستوى رؤيتهم
- الأطفال دون 17 عاماً
- العيون التي لا تستطيع إدراك الضوء
- وجود دليل على الإصابة بضمور العين
- الجلوكوما المتقدمة (المياه الزرقاء)
- انفصال الشبكية الذي لا يمكن إصلاحه
- المرضى المدخنون ذوو العناية الفموية السيئة
- المرضى غير المستقرين عقلياً
- المريض غير القادر على الالتزام بالمتابعة مدى الحياة
- وجود خلل في إدراك الضوء
- التوقع الصعب للنتيجة الترميمية النهائية والجمالية (4).
تتمّ عملية OOKP على مرحلتين وسوف تُشرحان في الفقرة الآتية، فلنتابع…
المرحلة الأولى:
بدايةً يُقلع السن المناسب (غالباً الناب) مع قليل من العظم الصحي المحيط، ويُستخدم تاج السن مقبضاً ويُشطر الجزء الجذري طولياً ويُزال الجزء اللبي من الجذر، ويجب تجريف الجزء العاجي من الجذر للحصول على السماكة المطلوبة، مع الحفاظ على سلامة السمحاق المجاور للجذر.
لاحقاً، تحضّر حفرة في وسط العاج بحذر وذلك لاستيعاب الأسطوانة البصرية في الثقب وتثبيتها بأسمنت العظم وتسمّى هذه الوحدة كاملةً بالصفيحة العظمية السنية.
بعدها، تزرع هذه الصفيحة ضمن الجوف تحت العضلي في المنطقة الحجاجية الوجنية، الذي يُنشأ تحت العضلة الدويرية العينية في الجفن السفلي للعين الجانبية الأخرى، مدّة 2-4 أشهر تقريباً للحصول على غطاء من النسيج الرخو حول الصفيحة.
تتضمن هذه المرحلة أيضاً الاختيار المناسب والتحضير لطُعم من الغشاء المخاطي الفموي، إذ يختار جراح الأسنان موقعه بعناية ويستأصله ثمَّ ينظفه ويسلمه لطبيب العيون.
يثبّت طبيب العيون هذا الطُعم في عين المريض المراد علاجها بحيث يغطّي السطح البصري للعين.
ويترك الطُعم من 2-3 أشهر بحيث يتوعّى من جديد ليوفّر إمدادات التغذية (الدم) للعظم السنخي من الصفيحة العظمية السنية (3,4) .
المرحلة الثانية:
بمجرّد انقضاء الفترة المذكورة سابقاً، تُسترد الصفيحة من الجيب تحت العضلي ويُنظّف سطح العظم السنخي لإزالة النسيج الزائد ويشترط خلو السطح العاجي من أي نسيج رخو.
يُعكس الطُعم المخاطي الفموي المغطّي للقرنية جزئياً للسماح بالوصول إليها وتحديد مركزها، ويحفر ثقب صغير فيها ليستوعب الجزء الخلفي من الأسطوانة الضوئية.
تُدخَل الأسطوانة في الثقب وتخاط الصفيحة إلى الصلبة والقرنية (المضيفة).
وينبغي تزويد العين بالهواء المفلتر وكشف الجزء البارز من الجزء الأمامي للأسطوانة عن طريق إجراء شق في الشريحة المخاطية داخل العين.
ومن الضروري الحفاظ على استقرار الضغط داخل العين فترة لا تقل عن أسبوع.
وأخيراً، يستعيد المريض الرؤية مباشرةً وبعد فترة قصيرة تتوّضح الرؤية تماماً (3,4).
من وجهة نظر تجميلية، بعد شهر واحد من الجراحة يمكن التعويض جمالياً بطرف صناعي يحاكي العين البشرية لتغطية السطح الأمامي للعين، ومن المهم إحالة المريض إلى أخصائي التعويضات السنية لاستبدال السن المفقودة مع النسج المجاورة (3,4) .
تكون الزيارات الدورية مدى الحياة وعلى فترات أسبوعية مدّة شهر، ثمّ شهرياً لمدّة 3 أشهر، ثمّ كل شهرين لمدّة 6 أشهر، ثمّ كل 4 أشهر.
وإذا كانت الحالة مستقرة فيمكن إجراء المتابعة على فترات أطول (4).
إن الإبداع في استخدام السن زرعةً في العين يجب أن يلهم المناهج المهنية المستقبلية لممارسة طب العيون. وتعد عملية OOKP مثالاً على رعاية المريض الشاملة التخصصات، إذ يعمل طبيب العيون مع طبيب الأسنان وأطباء التخدير وغيرهم من المهنيين الطبيين يداً بيد لتوفير أفضل الرعاية للمرضى ولتحويل حلمهم إلى حقيقة (1).
المصادر:
2. Narayanan V, Nirvikalpa N, Rao SK. Osteo-odonto-keratoprosthesis – A maxillofacial perspective. Journal of Cranio-Maxillofacial Surgery. 2012 [cited 2023 Sep 25];40(8):e426–31. Available form: هنا
3. Lakshmana Rao Bathala, U. S. B. Lakshmi, Dasari Jyothsna, Jagadeeswara Rao Sukhabhogi, Venkata Ramana Irukula. Dentist “An Arsenal” in the Journey of “Tooth in the Eye”-the Osteo-Odonto-Kerato-Prosthesis [OOKP]. Journal of pharmaceutical research international. 2023 [cited 2023 Sep 25];35(2):20–9. Available from: هنا
4. Kaur J. Osteo-odonto keratoprosthesis: Innovative dental and ophthalmic blending. The Journal of Indian Prosthodontic Society. 2018 [cited 2023 Sep 25];18(2):89. Available from: هنا
5. Iannetti L, Liberali M, Armentano M, Alisi L, Visioli G, Mastromarino D, et al. Osteo-odonto-keratoprosthesis According to Strampelli Original Technique: A Retrospective Study With Up to 30 Years of Follow-up. American Journal of Ophthalmology. 2022 [cited 2023 Sep 25];242:56–68. Available from: هنا