الفلسفة وعلم الاجتماع > العنف الجندري يتفاقم في الأزمات
هل ترتبط الذكورية بالإجرام؟!
يتفاقم العنف حولنا بأشكال مختلفة تتضمن الحروب والنزاعات المسلحة فضلاً عن الجرائم الفردية، وقد يلاحظ بعض الناس ارتباط هذا العنف بصفات تُنسب غالباً للدور الجندري الذكوري مثل التنافسية واستخدام القوة، فهل ترتبط الذكورية بالعنف؟
تشهد العديد من السياقات الاجتماعية صراعاً بين الجنسين حول قضايا تتنوع بين التربية والتعليم والعمل وغيرها، وظهر مفهوم "الذكورية المُهيمنة" في الثمانينات، واستُخدم استخداماً واسعاً في السنوات الأخيرة، إذ طُبِّق في مجالات علم النفس الاجتماعي والتعليم والإعلام والرياضة والأبحاث المتعلقة بالحروب والجريمة (1).
وإن كان علم الجريمة الحديث قد رفض فكرةَ وجود أساس بيولوجي لعنفِ الذكور، إلا أنه ومع ظهور الحركة النسوية الحديثة في علم الجريمة، أصبح ارتباط الذكورية بالعنف مصدرَ اهتمام هذا العلم، فكان عنف الذكور أبرز موضوعات البحث الأكاديمي فيه، وكانت بذرة تحول ارتباط الذكورية بالعنف إلى موضوع من موضوعات علم الجريمة هي الدراسات التي أظهرت التركيبة الاجتماعية للذكور بوصفها أفضلَ مؤشر على الجريمة (2).
فقد أظهرت الإحصاءات أن الذكور ورثوا ميلاً للسلوك العنيف أكثر من الإناث.
كذلك، أظهرت عينةٌ من المراهقين الذكور ميلاً لحلِّ النزاعات بالعنف بدرجة أكثر بأربع مرات من الإناث، وأكثر من نصف العينة الذكور شاركوا في عراك واحد على الأقل خلال العام (3).
وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة أن ثلاثة أرباع الأشخاص المقبوض عليهم في عام 2010 كانوا من الذكور، ووفقاً لمكتب إحصاءات العدل عام 2005، كانت جرائم قتل الذكور للذكور هي الأكثر شيوعاً، وأفاد أنَّ معظم الضحايا الإناث تعرضن للقتل من قبل أفراد عائلاتهن (2).
ولكن؛ ما هي الأسباب التي تفسر ارتباط الذكورية بالعنف والإجرام؟
تتنوع أسباب هذا الربط بين أسباب اجتماعية وثقافية وبيولوجية، إذ شُخِّص هرمون (تيستوسترون) بوصفه أحدَ أسباب السلوك العدواني لدى الذكور الأصغر سناً، كذلك رُبط الميل للعنف بالحاجة إلى الوصول الجنسي إلى الإناث من أجل الإنجاب والحفاظ على النوع البشري.
ومن ناحية اجتماعية، نلاحظ تأييد استخدام القوة البدنية من قبل الذكور في العديد من الثقافات؛ فهي وسيلتهم لكسب المكانة والاحترام، وتُعزَّز هذه الأفكار من خلال الألعاب والأفلام السينمائية التي تُمجِّد العنف، إذ يُنشَأ الأولاد ليكونوا "رجالاً حقيقيين" ولإظهار سمات الشجاعة وتحمُّل المخاطر، في حين تتعرض الإناث غالباً للانتقاد والتهميش من قبل المجتمع عند إظهار نوعٍ من السلوك العدواني لتعارض ذلك مع السلوكيات الأنثوية (3).
وبذلك، يمكن القول: إن ارتباط الذكورية بالعنف قد يكون وراثياً أو مكتسباً، إذ تُعزز البيئات المتحيِّزة للذكور السلوكَ العنيف لديهم بوصفه نوعاً من إبراز القوة والتسلط فيها، ما يمكن أن يجعل الرجال في مواقع السلطة أكثر ميلاً لاستخدام العنف الذي ينعكس انعكاساً كارثياً على المجتمعات نتيجة الحروب والنزاعات القائمة على العنف.
المصادر: