كتاب > معلومة سريعة
مراجعة رواية الكرنك لنجيب محفوظ يوميات مقهى أم ذاكرة وطن؟
إنها ليست روايته الأولى التي يصور كلَّ شخصية فيها بطلاً رئيساً في الأحداث.
حلَّ نجيب محفوظ (1911 – 2006) في روايته الكرنك -بشخصية الراوي- ضيفاً على مقهى "الكرنك"، فاستمع للأحاديث، للأحلام والآلام، وسرد في أربعة فصول حياةَ أربع شخصيات كل منها حسب وجهة نظره، وما حدث معه وما عاناه في الأعوام التي لحقت الثورة.
"ولكن أحب أن أخبرك أن الإنسان يتحايل على المعاناة إذا تخطت حدودها".
تدور أحداث القصة في جوٍّ سياسي متوتر في مصر بعد مضي ثلاثة عشر عاماً على الثورة، تخللتها أصداء الحرب والنكسة التي حدثت لاحقاً. والشاهد على ما يجري طاولات المقهى الذي يرتاده الشباب والشيوخ، بمختلف معارفهم وآرائهم. وكان الاحتقان والخوف سيد الموقف والطابع الذي أخذته الأحاديث، وهو ما دفع ثمنه العديد من الشباب آنذاك؛ ومنهم أبطال الرواية (زينب وحلمي وإسماعيل) لتتحول أقدارهم من أشخاص سعيدين بالتغيير الثوري _الذي شأنه أن يطور مستوى البلاد_ إلى ضحايا؛ وكل ذلك لمجرد تعبيرهم عن رأيهم الناقد لما آلت إليه الثورة، رغم أنهم لا يزالون مدافعين عن بذورها الأولى بشدة.
"قرنفلة" صاحبة المقهى، عاشت انتظاراً دائماً لحبيبها الشاب حلمي الذي يصغرها عمراً وقد قضى في إحدى مرات الاعتقال، فماذا ستفعل بمصير وحدتها بعد ذلك؟
أما "زينب" التي أودت بها مشاركتها البسيطة في هذه الجلسات إلى فراش أحد الضباط في أثناء اعتقالها، فماذا يكون مصير قلبها وجسدها بعد ما عانته؟
و"إسماعيل" الذي زهد بكل شيء، وبدأ يبحث عن نار جديدة ليبرد قلبه إثر حدوثها.
وكيف يدافع "خالد صفوان" عن نفسه بعد كل ما فعله من تجاوزات وجرائم؟ وما الجهة التي يمثلها تماماً؟
كيف استطاع هؤلاء المعذبون الإفصاحَ عما حدث في المعتقل بعد صمت طويل على إحدى طاولات "الكرنك" بحديثٍ عابر؟!
"كان الحزن _كالفرح_ يُنسى بسرعة في تلك الأيام".
لم يتطرق الكاتب إلى ذكرٍ مباشر للنظام الحاكم رغم شدة وضوحه، وخصوصاً في الفترة الزمنية التي كُتبت فيها الرواية، ويبدو السبب مبرر، إذ نُشرت الرواية بعد ثلاث سنوات من كتابتها، وصورت فيلماً أحدث ضجةً في تلك الأثناء، وافترضَ على لسان الراوي أن أي تغير كبير له ثمن!
"هل عرفنا ما يعانيه ساكنُ الحارة في القاهرة عندما كان صلاح الدين يحقق انتصاره الحاسم على الصليبين؟ هل تخيلنا آلام أهل القرى عندما كان محمد علي يكوِّن إمبراطوريةً مصرية؟
وبالمثل؛ ألا يستحق إنشاء دولتنا العلمية الاشتراكية الصناعية التي تملك أكبر قوة في الشرق الأوسط، ألا تستحق أن نتحمل في سبيلها تلك الآلام؟"
العنوان: الكرنك.
المؤلف: نجيب محفوظ.
الناشر: دار الشروق.
سنة النشر: 2015.
عدد الصفحات: 92.
نجيب محفوظ. الكرنك. دار الشروق؛ 2015. ص 92.