مكتبة سريالية في الصين؛ (مكتبة Zhongshuge )

تحولت مدينة Shenzhen (شنجن)، التي كانت يومًا ما قرية صغيرة لصيد الأسماك، إلى واحدة من أكثر مدن الصين اكتظاظًا بالسكان، خصوصًا بعد أن أصبحت مدينة اقتصادية خاصة في عام 1980م. تضم هذه المدينة مجتمعًا عالميًّا من رجال الأعمال والرواد الذين ساعدوا في تشكيل المدينة الديناميكية التي تقف أمامنا اليوم (1). 

وعلى الرغم من أن مدينة Shenzhen الاقتصادية لا يتجاوز عمرها 40 عامًا، وهي فترة زمنية صغيرة؛ فإنها حققت إنجازات عظيمة جذبت اهتمامًا عالميًّا، كانت نتيجة للجهد والعمل الشاق لعدد لا يحصى من الرواد والحالمين الذين شكلوا هذه المدينة (2). 

في شهر تشرين الأول لعام 2021م، ظهرت مكتبة (Zhongshuge) الجديدة وغير العادية، في Shenzhen، وأراد مصمميها في مكتب (X + Living) تكريم التحول والتقدم في المدينة من خلال التصميم.

في المراحل الأولى من المشروع، فكرت Li Xiang وفريقها في كيفية إنشاء مكتبة لتمثيل تاريخ المدينة. وخلال عملية البحث عن الخلفية الثقافية لهذه المدينة، أدركوا أنه يمكنهم تصميم مساحة يمكن أن تصبح رمزًا لمدينة Shenzhen نفسها، بوصفها مدينة شاملة ومرحِّبة ونابضة بالحياة، وتكريمًا لأولئك الذين كافحوا من أجل صنع تاريخها (1). 

الجزء الخارجي من مكتبة Shenzhen Zhongshuge في Shenzhen، الصين (1).                              

داخل المتجر الذي تبلغ مساحته 1300 متر مربع (14000 قدم مربع) تصطف على جانبيه الكتب، ويمتد درج حلزوني ضخم عبر فراغه رابطًا مدخل المكتبة بمخرجها. ترمز خزانة الكتب الرائعة إلى تاريخ المدينة، وإلى السرعة التي ازدهرت بها هذه المنطقة من الصين ونمَت بها. توضح Li Xiang: "إن تطور التاريخ يتصاعد ويلتف، والمسار التاريخي لتقدم المجتمع من قبل هؤلاء الرواد يتكثف في سلم حلزوني هيروغليفي" (1).

عند النظر الى الدرج الحلزوني من منظور محدد، يظهر كقرص الساعة بينما يبدو الدرابزين عقربها، ليلقى الضوء على حقيقة أن هذا السلم هو تجسيد للتاريخ الذي بني على مدار ساعات لا حصر لها، ما ينقل الإحساس "بأن التاريخ يدفع عبر الزمن بوتيرة سريعة" (3). 

يُمثل الدَّرج الحلزوني رفَّ كتب وظيفيًّا ومنشأة فنية ضخمة جماليًّا (1). 

 قُسِّمت مكتبة "shenzhen zhongshuge" وظيفيًّا إلى منطقة مفاهيمية (Concept area)، ومنتدى، وركن قراءة للأطفال، ومنطقة مؤتمرات. تقع المنطقة المفاهيمية في زاوية المبنى، بواجهة زجاجية كبيرة تكسر الحاجز المكاني بين الداخل والخارج، وتزيل الحدود بينها وتعزز اتساع المساحة، مما يسمح للزائرين بتقدير والاستمتاع بفراغ المكتبة من الخارج، التي غالبًا ما تشغلها أعمالًا ومنحوتات فنية ضخمة. في هذا الفضاء الفني  يبدو أن الوقت أصبح ملموسًا (2). 

استلهم المهندسون المعماريون من الفنان المعاصر أنيش كابور، وتحديدًا من عمله Memory، الذي كان منحوتة فولاذية بدا أنها تتحدى الجاذبية (2).

قُسِّمت المساحة أيضًا تقسيمً مناسبًا لإنشاء نمط مكاني أكثر حصرية، مما يوفر للقارئ تجربة قراءة حميمة. تشبه خطوط طاولة العرض الماء بتدفقها المستمر، دلالة لمرور الوقت، بينما ترمز الخطوط المنحنية لتدفق حركة الزوار، مما يسمح للقراء بتقدير تدفق الوقت، وتحقيق السلام الداخلي، واكتسابهم شعورًا بالسلام الداخلي (2).

يسمح ارتفاع المبنى بإطلالات خالية من العوائق على الداخل، مثيرًا فضول المارة. فالمكتبة ليس فقط مكانًا لتكريم رواد المدينة بل أيضًا مكانًا للشفاء ولكسب المعرفة والبحث عن الحكمة (3).

وظَّف المصممون رمزية سلم الحكمة ودمجوا أرفف الكتب الأنيقة في منطقة المنتدى في درج مرتفع، بيخلقوا معبدًا مقدسًا للمعرفة. تدل المداخل المتراكبة وخطوط الأرضية المتعددة الطبقات على ثراء واتساع النواة الروحية لقاعة المعرفة. كما تبعث مصابيح الإضاءة البسيطة ضوءًا ناعمًا لخلق جو دافئ في جميع الأنحاء. تُثري الطاولات المرتفعة الجو السريالي وتوحي للقارئ صورًا ومشاعر خيالية (2).

صُممت مكتبة الأطفال لتحمل ذكريات ملونة ومبهجة، باستخدام خطوط ورسومات بسيطة لرسم عجلة فيريس الدوارة (Ferris wheel) وقلعة صغيرة حالمة بضربات فرشاة طفولية. صُممت إحدى الطاولات كمدينة ملاهي شهيرة، كل هذا بهدف دعوة الأطفال لتكوين صداقات مع الكتب وقضاء وقت ممتع (2). 

يتناغم اللون البرتقالي الدافئ والمشرق والأزرق الغامض والأنيق والأرجواني، ويملأ الفراغ بألوان حالمة وسعيدة (2). 

إنها واحدة من العوالم الصغيرة التي لا تعد ولا تُحصى في  Shenzhen إذ دمج المصممون التجارة والفن مع تجنب تصميم المكتبات التقليدية؛ مما يوفر للزوار تجربة جديدة (2). 

المصادر: