الابتكار الاجتماعي ضمن سياق التنمية الحضرية

يُعدُّ الابتكار الاجتماعي مفهومًا بالغ الأهمية لمنع الاستبعاد المجتمعي من السياق الحضري الرَّافد لسياسات المدن الذكية، وذلك عبر دعم طرق الوصول إلى موارد الفئات الضعيفة من المجتمع وتطوير قدرتها الاقتصادية والاجتماعية، لذلك أصبح العالم يتجه نحو نهج متعدِّد المستويات يضمن تدخُّل كل فئات المجتمع ويرسِّخ محورية الإنسان في العمل الحضري للمساهمة في وضع النمو الاقتصادي في السياق الإيجابي (1).

ويرتبط الإبداع الاجتماعي بالحالة الثقافية للمجتمعات، كما هو الحال في مدينة برشلونة الإسبانية على سبيل المثال، وذلك عبر تنمية الثقة وتمكين السكان المهمَّشين؛ ففي مقاطعتين شعبيتين للعمال ضمن المدينة اتَّسمتا بالتنوع الاجتماعي والثقافي ولكن افتقدتا للرؤية الحضرية التي تجعلانهما جزءًا من الصورة الثقافية العامة للمدينة الجاذبة للسياحة، استحوذ مجلس المدينة على أحد المصانع المهمة الذي عمل لمدَّة 175 عام، وأعاد تأهيله عبر التمويل المجتمعي العام؛ إذ حُوِّل المصنع في العام 2006م إلى مركزٍ ثقافيٍّ إبداعي إضافةً إلى تقديمه خدمات للجمعيات المدنية وخدمات الرعاية الاجتماعية، واعتُمِد قرار تحويل القاعة المركزية إلى مساحة مرجعية وطنية ودولية وتوفير مساحات أخرى لإعادة العلاقات الاجتماعية والثقافية (2).

وفي مثالٍ آخر من مدينة نيويورك، رُسِّخ مفهوم التمكين الاجتماعي عبر مؤسَّساتٍ مجتمعيةٍ غير ربحية مهتمَّةٍ بتعزيز خدمات تصميم الإسكان عبر خلق طرائق لإشراك سكان المجتمع في تطوير الخدمات المتعلِّقة بتطوير الإسكان الميسور والمدعوم من المدينة والحفاظ عليه في الأحياء التي تتمتَّع باستثمارات كبيرة في القطاعين العام والخاص، وكان الهدف الرئيسي تفعيل التصميم التشاركي وتصميم الخدمات والتصميم للابتكار الاجتماعي -التي ما تزال ممارسات ناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية- في القطاع العام (3).

وأخيرًا تعتمد المدن الذكية على التكامل المستدام بين التكنولوجيا والأشخاص والمؤسسات في التخطيط الحضري، لذلك كان لا بُدَّ من التأكيد على مدى استعداد المجتمع لذلك وعلى دور المحور الإنساني في التوجه التكنولوجي للمدن الذكية، ويتألَّق مفهوم الابتكار الاجتماعي في التنمية الحضرية الذكية عبر التأكيد على العدالة الاجتماعية والمساواة في تطبيق التكنولوجيا بين الرجل والمرأة، والتعاون الفعَّال بين جميع أصحاب المصلحة، وهذا يرقى إلى تحوُّل أنموذجي في كل من سياسات التخطيط والتنظيم وإدارة المدن الذكية، ليس فقط بالتعاون بين أصحاب المصلحة بل مع الجهات الحكومية والخاصة وغيرها من المؤسسات التي تعطي أهمية للخدمات العامة للمجتمع (4).

المصادر: