الفنون البصرية > فن تصميم الأزياء
الثوب الفلسطيني: رمزيَّة وتراث (١)
صدق المثل القائل: "الثوب العيرة ما بدفِّي وإن دفَّى ما بكفِّي وإن كفَّى ما بدوم، وكل بلد وإلها زيها وكل شجرة وإلها فيها".
هل تعلمون أن الثوب الفلسطيني يُعَدُّ واحدًا من وسائل التعريف بالهوية الفلسطينية، ويحمل في طياته تاريخًا مميزًا؟
لقد جذب الثوب الفلسطيني أعينَ السائحين أكثرَ من قرن، فعندما بحث الرسام هولمان هانت (Holman Hunt) عن ألوان أصيلة للوحاته عن الأرض المقدسة عام 1855، اشترى عدة فساتين مطرزة، وهي موجودة الآن في متحف (أونتاريو Ontario) الملكي في كندا.
لنتعرف معًا إلى الثوب الفلسطيني وتاريخه والرموز التي يحملها.
تمتلك فلسطين تاريخًا طويلًا في إنتاج المنسوجات وتجارتها.
وهناك لوحات جدارية تصور نساءً كنعانيات يرتدينَ ملابسَ زخرفية (1).
وقد مرَّ الثوب "التقليدي" بتحولات مستمرة على مر العصور، إذ اعتادت النساء ارتداءه في قراهنَّ قبل أن يضطرِرن إلى مغادرة أرضهنَّ مباشرةً قبل عام 1948 (النكبة) (2).
يتنوع الثوب الفلسطيني في الأسلوب والتصميم، ويركز على الزخرفة، وقد صُمِّم من أجود الأقمشة (3)، ويُسمَّى بـ(التوب - الثوب)؛ وهو ثوب مُطرَّز باليد تطريزًا مفصَّلًا.
وتختلف التصاميم والألوان والتطريزات في الثوب من منطقة إلى أخرى في فلسطين، وقد أصبح الأسلوب عالميًّا مع مرور الوقت (2).
يُعدُّ الآن واحدًا من أهم الأشياء في جدول أعمال الحفاظ على التراث الفلسطيني، ومن أساسيات الثقافة المادية (2).
يُذكَر أنه عندما غادر الفلسطينيون منازلهم عام 1948، أخذوا أثوابهم المُطرَّزة لقيمتها الكبيرة، إذ كانوا يقطعونها إلى قطع أصغر، ثمَّ يبيعونها أو يقايضونها بالطعام (1).
فقد الفلسطينيون بعد النكبة المال لإنتاج التطريز، لكنهم بدأوا تدريجيًّا بإعادته كونه جزءَا من هويتهم الوطنية والثقافية (1).
وقد تحول إلى مهارة مهنية تُمكِّن المرأة من كسب لقمة عيشها (4)، وأصبح يعبر عن الهوية والذاكرة الجمعية (5)، وسجلِّ الأحداث السياسية والثقافية التي أثرت في حياة النساء الفلسطينيات (3).
في الثمانينات والتسعينات، وخاصةً بعد الانتفاضة الأولى، أُعيدَ إحياء الثوب، فبدأت النساء بدمج الرموز الوطنية وتعبيرات هويتهن الوطنية في التصميمات والتطريز (2).
لم يتغيَّر الزي الفلسطيني إلى اليوم، فهو عبارة عن فستان طويل وضيق ومستقيم، بأكمام طويلة مدبَّبة أو مستقيمة الأطراف مخيطة على مستوى منخفض من الفستان، وفتحة مستديرة عند الرقبة، وتُطرَّز القبة وجوانب الفستان والجزء السفلي من الظهر والأكمام بتصميمات مختلفة (6).
لا تتشابه قريتان في فلسطين بمزيج أنماط التطريز (4)، فنجمة بيت لحم تتحوَّل إلى قمر في رام الله، ووردة في غزة.
وتوجد أشجار السرو في جميع الأزياء الفلسطينية تقريبًا.
كذلك، تتنوع التطريزات في الشكل والتصميم؛ أشهرها: "أربعة أواني زهور" كثوب منطقة الخليل (4).
غالبًا ما تكون أسماء الزخارف رمز للمعتقدات والأحداث اليومية؛ مثل "شجرة الحياة" الخاصة بثوب بيت لحم و"الطرق".
وتشمل زخارف يافا أزهارَ البرتقال وبساتينه بوصفهِ رمزًا مشهورًا.
وينعكس السحر والخرافة على أنماط التطريز في بعض التمائم أو الحجاب (4).
الطريقة الأضمن للحفاظ على الزي الفلسطيني هو ارتداؤه.
كذلك، فإنَّ اعتزازُ المرأة الفلسطينية بزيها وتصاميمه يساعد على نحو كبير في استمراريته. وعلى الرغم من أن الفستان الغربي أكثر عملية، فإن الثوب الفلسطيني يمكن ارتداؤه في المنزل والاحتفالات أو المناسبات الخاصة (4).
المصادر:
2- Othman E. Crossroad Imagination: The Thob Mediating Between Palestinian Material Culture and Gendered Activism. Journal of Textile Science & Fashion Technology [Internet]. 2020 [cited 2023 Oct 14];5(1):1–10. Available from: هنا
3- Allenby J. Re-inventing cultural heritage: Palestinian traditional costume and embroidery since 1948. In: Textile Society of America Symposium Proceedings [Internet]. Northampton, Massachusetts; 2002 [cited 2023 Oct 13]. Available from: هنا
4- Kawar WK. The traditional Palestinian costume. Journal of Palestine Studies [Internet]. 1980 [cited 2023 Oct 13];10(1):118–29. Available from: هنا
5- Farah L. Stitching Survival: Revisioning Silence and Expression. In: Malhotra S, Rowe AC, editors. Silence, Feminism, Power [Internet]. London: Palgrave Macmillan; 2013 [cited 2024 Jan 4]. p. 239–51. Available from: هنا
6- Moon-sook K, Shin-Ae M. A Study on the Embroidery of Palestinian Costume. The International Journal of Costume Culture [Internet]. 2000 [cited 2023 Oct 14];3(2):161–74. Available from: هنا