جرائم الحرب والإبادة من منظور القانون الدولي

شهدنا حديثاً أحداثاً عسكرية مؤلمة وصلَ ضحاياها إلى عشرات الآلاف من الأبرياء الذين استُهدفوا على نحوٍ ممنهج، لترتقي هذه الأحداث إلى جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الانسانية، حتى أنها وُصفت بالتطهير العرقي في انتهاكٍ واضح لحقوق الإنسان وقوانين المحكمة الجنائية الدولية.

فما المقصود بهذه الجرائم وفق القانون الدولي؟ وكيف يمكن التمييز بينها لإدراك حجم الدمار الناجم عنها؟

ما هي المحكمة الجنائية الدولية (International Criminal Court)؟

هي مؤسسة دائمة تتمتع بسلطة ممارسة ولايتها القضائية على الأفراد، فيما يخص الجرائم الأكثر خطورة على المستوى الدولي، مثل جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجريمة العدوان، وتخضع لسلطتها الدول الأعضاء جميعها (1).

ما هي جرائم الحرب (War crimes)؟

هي انتهاك خطير لقوانين الحرب وأعرافها، ويتمثل بانتهاكات لاتفاقيات جنيف (Geneva Conventions) عام 1949 التابعة للقانون الدولي الإنساني، التي تتمحور حول حماية شريحتين من الأشخاص،  تتضمن غير المشاركين في النزاع (مثل المدنيين والطواقم الطبية وعمال الإغاثة)، والأشخاص الذين لم يعودوا للمشاركة في القتال (مثل الجنود الجرحى والمرضى والمعرضين للغرق وأسرى الحرب)، وهؤلاء الذين يتعدون على هذه القواعد يجب ملاحقتهم وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية ليُحاكموا.

وفقاً لـ"المادة 8" من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تتضمن بعض أهم جرائم الحرب الأفعال الآتية المُرتكبة ضد الأشخاص غير المشاركين في النزاع:

1. القتل المتعمد.

2. التعذيب والمعاملة غير الإنسانية.

3. التسبب بمعاناة أو إصابة الجسد والصحة.

4. استخدام المدنيين دروعاً بشرية.

5. التهجير والترحيل أو السجن على نحو غير قانوني.

6. تجويع المدنيين وحرمانهم من الوسائل اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.

7. الهجوم المتعمد على المدنيين والمنشآت المدنية.

8. الهجوم المتعمد على مهمات حفظ السلام والمساعدات الإنسانية.

9. استهداف المدن والقرى والأبنية غير المحمية، والتي لا تشكل هدفاً عسكريّاً.

10. استهداف المنشآت الدينية والتعليمية والعلمية والتاريخية والمستشفيات.

11. التدمير الواسع للممتلكات على نحوٍ غير مبرر أو قانوني.

12. استخدام الأسلحة السامة وأسلحة الدمار الشامل.

13. الاعتداء الجنسي متضمناً الاغتصاب والعبودية الجنسية (2,3,4,5).

الجرائم ضد الإنسانية (Crimes Against Humanity):

هي أفعال القتل والإبادة والاستعباد والترحيل القسري وجرائم الفصل العنصري؛ التي تُرتكب ضمن هجوم ممنهج أو واسع النطاق ضد تجمع من المدنيين مع العلم المسبقِ بالهجوم (1,6).

الإبادة الجماعية (Genocide):

هي ارتكاب أعمال القتل والاغتصاب وغير ذلك من الأذى الجسدي أو العقلي والتحكم بالظروف المعيشية، والذي يستهدف جزئيّاً أو كليّاً جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، إذ لا تحتاج الإبادة الجماعية إلى خطة بينما لا يوجد حدٌّ أدنى لضحاياها، لكنّها تستهدف قسماً كبيراً من الجماعة المستهدفة حتى تكاد تدمرها بالكامل (7).

التطهير العرقي (Ethnic cleansing):

هي مجموعة من الممارسات المرتبطة مباشرةً أو على نحوٍ غير مباشر بالعمليات العسكرية، والتي تمارسها مجموعة ما ضد أفراد من مجموعات عرقية أخرى تعيش في ذات الإقليم، ومن أبرز الأمثلة على التطهير العرقي "حرب البوسنة والهرسك" في كوسوفو 1981 لإنشاء "مناطق مطهرة عرقيّاً" (8).

مناطق الاستشفاء (Hospital and safety zones):

هي مناطق تحت سيطرة الدولة، وتكون مُخصصة لعلاج الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الحرب، والأشخاص المسؤولين عن تنظيم وإدارة هذه المناطق، إذ يمتنع العاملون في هذه المناطق عن أي نشاط له علاقة بالعمليات الحربية، وتتميز بشارة الصليب أو الهلال الأحمر على أرضية بيضاء، ويجب إخطار الأطراف المتنازعة عن هذه المناطق (9).

وفي النهاية نذكر قول نيسلون مانديلا  (Nelson Mandela 1961-2008):

"لا يزال ثمة قدرٌ مفرط من الشقاق والكراهية والتفرقة والصراع والعنف في عالمنا هذا في بداية القرن الحادي والعشرين، ولعلّ الاهتمام بالآخرين في حياتنا الفردية والجماعية من شأنها أن تسهم إسهاماً كبيراً في جعل هذا العالم مكاناً أفضل طالما راودنا حلم تحقيقه... فما أسهل التخريب والتدمير، بيد أن الأبطال هم أولئك الذين يصنعون السلام ويشيدون" (10).

المصادر: