الضوء من فقاعات الماء: خاصية التألق الصوتي الغامضة

تخيل عالمًا غريبًا حيث يولد الضوء من فقاعات الماء. قد يبدو هذا مشهدًا من أفلام الخيال العلمي، لكنه حقيقة واقعة تُعرف باسم "التألق الصوتي".

في هذه الظاهرة المُذهلة، تُطلق فقاعات الغاز الصغيرة في الماء ومضات قصيرة من الضوء عند تعرُّضها لموجات صوتية ذات ترددات عالية. تُعَدُّ هذه الظاهرة موضع اهتمام كبير للعلماء، إذ تُقدم لمحة فريدة عن سلوك المادة على المستوى الذري والجزيئي، وتَفتح الباب أمام إمكانية تطبيقات ثورية في مجالات متعددة.

في عام 1869 اكتشف هنري بيكريل (Antoine Henri Becquerel 1852-1908) تأثير أملاح اليورانيوم على لوح التصوير، وفي عام 1934 عرَّض كل من فرينتزل وشولتز (Frenzel and H. Schultes) لوحة تصوير لموجاتٍ صوتيةٍ متولدةٍ من حوض ماء، ولاحظا تعتُّم لوحة التصوير بسبب هذه الموجات الصوتية، وعُرِفَت هذه الظاهرة بالتألق الصوتي (1).

التألق الصوتي هو أحد أهم التأثيرات الفيزيائية في مجال الصوتيات؛ إذ تحدث هذه الظاهرة بتحفيز فقاعة هواء أو غاز في الماء أو محلول ما دوريًّا بواسطة موجة فوق صوتية مستمرة، وإخضاعها لذبذبات غير خطية مترافقة مع الضغوط الصوتية السلبية والإيجابية؛ يمكن للفقاعة أن تنمو وتنضغط ثم تنهار على نحو انفجاري إذ تُوَلِّد لحظة انهيارها وميضًا ضوئيًّا (2).

أظهرت التجارب خصائص فريدة لهذا النظام، وأهمها أنه يميل طيف الضوء المنبعث إلى الذروة في الأشعة فوق البنفسجية، ويعتمد اعتمادًا كبيرًا على نوع الغاز المذاب في السائل؛ إذ إن كميات صغيرة من الغازات النبيلة أو الشوائب الأخرى يمكن أن تغير من كمية انبعاث الضوء تغييرًا كبيرًا، ويتطلب التألق الصوتي للفقاعة الواحدة أن تكون الفقاعة مستقرة ومنتشرة، وبدراسة تركيز طاقة الفقاعة، يُحدد الفضاء المحيط الذي ينتشر فيه الضوء (3).

ختامًا، يُعدُّ التألق الصوتي نافذةً إلى عالم جديد مُثير للاهتمام مليء بالإمكانيات المُبهرة، ونحن على أعتاب اكتشافات علمية وتطبيقات ثورية ستُغيِّر مسار حياتنا.

المصادر: