الغذاء والتغذية > منوعات غذائية
B9…هل يمكن أن ينقلب هذا الفيتامين ضدّك؟
الفولات أو حمض الفوليك (B9) هو فيتامين مطلوب لنمو الخلايا، إذ إنّهُ عامل مساعد أيضي ينقل المجموعات الوظيفية أحادية الكربون (وحدات أحادية الكربون؛ 1C)؛ ضمن شبكة أيضية تُعرف باسم أيض الكربون الواحد، وتشارك هذه التفاعلات في عملية التمثيل الغذائي للأحماض الأمينية ( على نحوٍ رئيس الغلايدين Gly والهيستيدين His والميتيونين Met)، وتخليق البيورينات، والثيميديلات، والفوسفوليبيدات وعديد من تفاعلات المتيلة (1).
ومن ثمَّ، فإنّ حمض الفوليك ضروري لانقسام الخلايا، وخاصةً في أثناء حالات النمو السريع (بما في ذلك نمو الجنين).
وقد دُرست ووثّقت فوائد تناول حمض الفوليك في وقت مبكر من الحياة على نحوٍ جيد (1).
وتدعم نتائج دراسة جينية الفرضيات القائلة بأن الفولات تتوافق مع تحسين طول العمر لدى البشر، وذلك من خلال توسطها في تفاعلات كيميائية معينة تقللُ نشاطَ إنزيم ميثيلين تيتراهيدروفولات ريدوكتاز إلى نحو النصف، و وجد أن الأفراد الذين لديهم مستويات حمض الفوليك المنخفضة في المصل يمكنهم بلا شك أن يعيشوا لفترة أطول (1).
أظهرت نتائج دراسة بوجود ارتباط كبير بين تناول حمض الفوليك الغذائي وارتفاع مستويات بروتين كلوثو – وهو بروتين يؤدي دورًا محوريًّا في تعزيز طول العمر والصحة - في المصل لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عامًا. مما يشير إلى التأثيرات الغذائية المحتملة في عملية الشيخوخة والحالات الصحية المرتبطة بها. وقد أظهرت الدراسات أن بروتين كلوثو يكافح الشيخوخة عن طريق تعديل استقلاب الكالسيوم والفوسفور، والإسهام في الدفاع المضاد للأكسدة، ومن ثمَّ فإنّ عوز حمض الفوليك الغذائي يؤدي إلى انخفاض نسبته في المصل مما يزيد احتماليةَ الإصابة بهشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم وغيرها (2).
وبسبب فوائده المتعددة وخطورة عوزه في مراحل الحياة المبكرة؛ يستخدم حمض الفوليك على نحوٍ شبه عالمي في المكملات الغذائية وتحصين الأغذية -أي استخدامه بوصفه مادةً مُضافة إلى الأغذية المصنعة.
لكن المخاوف كثيرة بشأن الإفراط في تناوله في مراحل الحياة المتقدمة، إذ بينت بعض الدراسات تأثيرات صحية سلبية لزيادة نسبة حمض الفوليك - المتناول بشكل مكملات خاصةً- (3) وسنذكر بعضًا من هذه التأثيرات السلبية لاحقًا.
يرتبط ارتفاع مستوى حمض الفوليك في البلازما بتفاقم علامات نقص فيتامين B12 السريرية (فقر الدم وضعف الإدراك) والحيوية (ارتفاع مستويات MMA وارتفاع مستويات Hcy في البلازما) (4).
وإن الإفراط في استهلاكه يحمل خطر إخفاء تشخيص نقص فيتامين B12 وتخفيف أعراض فقر الدم فقط دون معالجة احتمالية حدوث ضرر عصبي. وعلاوةً على ذلك، تشير بعض الأبحاث إلى أن نظام جرعات عالية طويلة الأمد من حمض الفوليك قد يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان (2).
بعض الآثار الصحية السلبية لزيادة حمض الفوليك:
تأثر الجهاز المناعي:
يؤدي حمض الفوليك دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة الجهاز المناعي، إذ يؤثر في كل من الاستجابات المناعية الفطرية والتكيفية. ويمكن أن يؤثر الإفراط في تناوله سلبًا في المناعة الفطرية. مثلًا عندَ النساء بعد انقطاع الطمث، تبيّن أن تناول مستويات عالية من حمض الفوليك من خلال المكملات الغذائية ونظام غذائي غني بحمض الفوليك يقللُ تأثيرَ الخلايا القاتلة الطبيعية (3).
الإصابة بالسرطان:
سرطان القولون والمستقيم هو ثاني أكثر أنواع السرطان انتشارًا في المجتمعات الغربية، وهو مرتبطٌ بتناول حمض الفوليك. وبعد إصدار تفويض تحصين الأغذية بالفوليك، لوحظت زيادة طفيفة في حالات سرطان القولون والمستقيم في الولايات المتحدة وكندا.
صحيح أن تناول الفوليك مرتبط بتخفيض احتمالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، لكن الإفراط فيه قد زادَ حدوثَ سرطان القولون والمستقيم، وارتبط تناول مكملات حمض الفوليك على المدى الطويل بجرعة 1 ملغ/يوم بزيادة تعدد أورام القولون والمستقيم، والآفات المتقدمة، وزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات في بعض الدراسات (3).
في الختام: إنّ الجدل عن حقيقة تأثير حمض الفوليك السلبي في الصحة في مراحل متقدمة من العمر مازال غير محسوم، لكن ما يمكننا قوله وتأكيده هو أهمية الالتزام بنظام غذائي صحي منذ مرحلة الطفولة، يضمن حصول الجسم على كفايته من المغذيات الكبرى والصغرى، ويُقللُ نسبةَ الإصابة بأمراض الشيخوخة.
تشمل المصادر الغذائية الأساسية لحمض الفوليك الخضروات الورقية الخضراء (على سبيل المثال، السبانخ والبروكلي)، والحمضيات، والبقوليات، والمكسرات، ومنتجات الحبوب الكاملة أما عن أهم الأطعمة المدعمة به فهي منتجات الدقيق والحبوب، كالخبز وحبوب الإفطار والمعكرونة ودقيق الذرة (2).
المصادر: