الغذاء والتغذية > منوعات غذائية

اللحم المطهي جيّدًا يسبب السرطان؟؟

يَنصح عديد من الخبراء بتناول اللحوم متوسطة الاستواء (medium, medium rare) بدلًا من طهيها تمامًا (well done)، إذ أظهرت الدراسات ارتباطًا بين تناولها وارتفاع احتمال الإصابة بالسرطانات.

أثبتت دراسة أُجريت في كوريا أن معظم مستهلكي لحم الخنزير يفضلون تناوله مطهيًّا جيدًا، حتى تظهر عليه علامات الاحتراق في بعض الأحيان، وذلك بهدف ضمان سلامة استهلاكه وخلوه من أنواع الميكروبات المختلفة (1). لكن نفس الدراسة بيّنت أن نسبة انتشار السرطانات المختلفة بين من يستهلك اللحم بهذه الطريقة أكثر بكثير منها عند الأشخاص الذين يتناولون اللحم متوسط النضج (1).وفي دراسة أخرى لوحظ أن هناك ارتباط بين تناول اللحوم المقلية أو المشوية (الحمراء) وتطور السرطان (2).

يمكن تفسير هذه النتائج بسبب ارتفاع محتوى الأمينات غير المتجانسة (Heterocyclic amines - HCAs) أو الأمينات العطرية غير المتجانسة (HAAs - Heterocyclic Aromatic Amines) في اللحوم المطهية جيّدًا مقارنةً باللحوم متوسطة النضج (3).

لكن ما هذه المركبات؟

الأمينات العطرية غير المتجانسة HAAs هي مجموعة من المركبات المسببة للطفرات والتي حُدّدَت في الأطعمة المطبوخة، وخاصةً في اللحوم والأسماك المطبوخة جيدًا، وتُعدّ من أقوى المواد المسببة للطفرات التي اكتُشفَت باستخدام اختبار أميس (3).

وقد أظهرت نتائج دراسة ارتباطًا إيجابيًّا وثيقًا بين مستوى نضج اللحوم الحمراء وخطر الإصابة بسرطان الثدي؛ إذ ارتفعت هذه النسبة بمقدار 4.62 ضعفًا لدى النساء اللاتي يتناولن عادةً اللحوم (على اختلاف أنواعها: الهامبرجر ولحم البقر ولحم الخنزير المقدد) على مستوى نضج جيد جدًا مقارنةً بأولئك اللائي تناولن عادةً هذه اللحوم على مستوى نضج نادر أو متوسط (3).

تُعدّ الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ثمانية من الأمينات غير المتجانسة التي اختُبِرَت حتى الآن وهي (MeIQ، MeIQx، PhIP، AαC، MeAαC، Trp-P-1، Trp-P-2 ، Glu-P-1) مواد مسرطنة محتملة للإنسان (2).

 

كيف تتشكل هذه المركبات؟

تتشكل هذه المركبات على سطح الأطعمة الغنية بالبروتين كاللحوم في أثناء طهيها على درجة حرارة عالية من تفاعل الكرياتين أو الكرياتينين والأحماض الأمينية والسكر (تفاعل ميلارد) (1,4).

يقترح أن مركبات الجذور الحرة تؤدي دورًا مهمًّا في تكوين HAA من النوع IQx- و IQ-  التي تتطور في الغالب من خلال نواتج تفاعل Strecker وتفاعلات تكثيف الكرياتينين (البيرزينات والبيريدينات) (4).

وتسهم السكريات المختزلة والكرياتينين والفينيل ألانين في تكوين PhIP كما يلي: أولًا، يتكون فينيل أسيتالديهيد من فينيل ألانين من خلال تحلل تفاعل Strecker. بعد ذلك، يكتمل تكوين فينيل أسيتالديهيد في أثناء التفاعل مع الألدول والكرياتينين لتطوير منتج ألدول إضافي. يتكون PhIP من تكثيف الألدول عن طريق تفاعل تكثيف لاحق (4).

ما العوامل المؤثرة في تكون HAAs؟

تعتمد نوعية وكمية HAAs على نوع اللحم وكميته، ووقت تخزين اللحوم الطازجة، ونوع المواد الخام، والجوانب الفيزيائية للتوصيل الحراري مثل مدة التسخين، ودرجة الحرارة، ومعدات الطهي، وطريقة المعالجة، ووجود مثبطات أو معززات، ومستوى النضج، ونشاط الماء وخاصةً الرقم الهيدروجيني (4).

فكلما زادت مدة الطهي ودرجة الحرارة تشكلت مزيد من الأمينات الحلقية غير المتجانسة (1,3).

وثبت أن PhIP يتكون بسهولة أكبر في الدجاج مقارنةً بلحم البقر أو لحم الخنزير أو الأسماك في أثناء الطهي، في حين أن كمية MeIQx، على سبيل المثال، تكون أقل على نحوٍ عام في الدجاج المطبوخ مقارنةً بلحوم البقر ولحم الخنزير المطبوخ (2).

 

آلية تأثيرها:

يمكن أن تعدل HAAs  الحمض النووي، مثل كسر الرابطة الهيدروجينية المتسلسلة في الحمض النووي، والطفرات في الموقع، والحذف والإدراج في الحمض النووي، كذلك فإنّ قدرتها على التسبب في السرطان أعلى من المركبات السامة الأخرى مثل الأفلاتوكسين B1 والنيتروزامين ومركبات البيرين بنزو. مثلًا تكوّن HAAs طفرات بأكثر من 100 ضعف من الأفلاتوكسين B1 وأكثر بنحو 2000 ضعف من مركبات البيرين بنزو (4).

تُمتَص مركبات HAA في الأمعاء الدقيقة للجسم، وبعد ذلك تنتقل إلى الكبد وتنشط فيه. يبدأ تنشيط HAAs الأيضي بأكسدة النيتروجين بواسطة إنزيمات السيتوكروم، ويكون تفاعل الأستلة إلزاميًّا لهذه المرحلة من التنشيط، وناتج التفاعل  N-acetoxyamineهو جزيء تفاعلي يمكن أن يسبب تلفًا في الحمض النووي ويسبب طفرات (4).

هل من طريقة لتخفيف أثرها الضار؟

 تُعدّ مضادات الأكسدة التي تضاف إلى اللحوم قبل الطهي أكثر مثبطات HAA  فعالية على مستويات مختلفة، مثل مضادات الأكسدة الاصطناعية }بيوتيل هيدروكسي تولوين (BHT)، بيوتيل هيدروكسي أنيسول{ (BHA)  أو مضادات الأكسدة الطبيعية مثل البوليفينول، الفلافونويد (من الشاي أو الحمضيات)، فيتامين E وفيتامين C، بروبيل جالات  (PG)، مستخلصات نباتية أو من الفاكهة (مستخلصات بذور الرمان والزيتون والتفاح والعنب، والأعشاب مثل المردقوش والزعتر البري والزعتر)، البيرة، النبيذ، وعديد من التوابل (مثل الزنجبيل الحار والليمون والكركم)، وقد أُفيد أن تكوين HAA يمكن تثبيطه بإضافة ألياف السليلوز (4).

وأظهرت نتائج دراسة انخفاضًا في مستويات PhIP وMeIQ   وMeIQx في الدجاج المتبل المشوي باستخدام العسل والسكر البني  قبل الطهي (4).

 

المصادر:

1.   Jang A, Kim HJ, Kim D, Kim J, Lee SK. Effects of Doneness on the Microbial, Nutritional, and Quality Properties of Pork Steak of Different Thicknesses. Food Science of Animal Resources [Internet]. 2019 Oct 1 [cited 2024 Aug 23];39(5):756–67. Available from: هنا
2.    Skog K, Solyakov A. Heterocyclic amines in poultry products: a literature review. Food and Chemical Toxicology [Internet]. 2002 Aug [cited 2024 Aug 23];40(8):1213–21. Available from: هنا00062-
3.    Zheng W, Gustafson DR, Moore D, Hong CP ., Anderson KE, Kushi LH, et al. Well-Done Meat Intake and the Risk of Breast Cancer. JNCI Journal of the National Cancer Institute [Internet]. 1998 Nov 18 [cited 2024 Aug 23];90(22):1724–9. Available from: هنا
4.    Nadeem HR, Akhtar S, Ismail T, Sestili P, Lorenzo JM, Ranjha MMAN, et al. Heterocyclic Aromatic Amines in Meat: Formation, Isolation, Risk Assessment, and Inhibitory Effect of Plant Extracts. Foods [Internet]. 2021 Jun 24 [cited 2024 Aug 23];10(7):1466. Available from: هنا