الفنون البصرية > فنانون عالميّون
فنانة في عصر يُهيمن عليه الرجال
تُعدّ الفنانة الإيطالية أرتيميسيا جنتلسكي (Artemisia Gentileschi ) من أوائل رسامي عصر الباروك، وهي المرأة الوحيدة من أتباع كارفاجيو، والتي قد عملت معه في أوائل القرن السابع عشر، تركيزها على تصوير ورسم قصص بطلات الكتاب المقدس ومؤلفاتها المبتكرة هو ما ميّزها عن معاصريها الذكور لتظهر كفنانة ذات منظور أنثوي مُتفرّد (1).
بدايتها:
ولدت أرتميسيا في عام 1593 في مدينة روما الإيطالية، وهي الابنة الوحيدة للرسام الشهير أوراتسيو جنتيلسكي (Orazio Gentileschi)، الأكبر بين إخوتها الخمس وأكثرهم براعةً في الرسم، بوصفها فتاةً صغيرة تعلمت مهارات الرسم باحتراف من والدها، وعندما أدرك أنّها قد بدأت تتفوّق عليه طلب من الفنان أغوستينو تاسي (Agostino Tassi) متابعةَ تدريبها وصقل موهبتها (1-3).
في سن السابعة عشر تعرضت أرتيميسيا للاغتصاب من قِبل تاسي، الأمر الذي ترك أثره على نحوٍ كبير في حياتها و نِتاجها الفني (1-3).
بعد تلك الفترة تزوجت أرتميسيا وانتقلت إلى فلورنسا وجهة الفن والفنانين، وسرعان ما اشتُهرت، إذ حصلت هناك على الدعم والرعاية (1-3).
في عام 1616 كانت أوّل امرأة تُقبَل في أكاديمية فلورنسا للفنون الجميلة (The Florentine Academy of Fine Arts)، إذ واصلت تعليمها هناك (1)، ونالت كثيرًا من التقدير من قِبل البلاط الملكي والعلماء (2,3).
حين عادت أرتميسيا إلى روما عام 1620 كانت قد حازت على شهرة واسعة، وأصبحت فنانة مطلوبة للغاية (2).
المرأة بعيون أرتميسيا:
اشتُهرَت أرتميسيا برسم النساء، مظهرةً إيّاهنَّ نساءً قوياتٍ مليئاتٍ بالشجاعة والعاطفة، وأحيانًا أخرى رسمت المرأة بصورة ضعيفة ومنكسرة، وهذه بعض الأمثلة من أعمالها الفنية:
لوحة "جوديث تقطع رأس هولوفرنيس" (Judith Beheading Holofernes)
إنّها ليست لوحة يَسهُل نسيانها فالمشهد الدرامي كان أبرز ما يُميّز عصر الباروك، صورت أرتميسيا جوديث وهي شابة يهودية تتسلّل ليلًا إلى خيمة الجنرال الآشوري هولوفيرنيس الذي يحاصر مدينتها لتقتله بعد أن ثَمل، وتعود حاملةً رأسه إلى قومها (4).
تميّزت اللّوحة باحتوائها تفاصيلَ دموية مثل تلطُّخ صدر جوديث بالدماء، وقد أثار العمل ردود أفعال قوية عند وصوله إلى فلورنسا، وحرمت اللّوحة من شرف عرضها في المعرض (4).
لوحة "إستر أمام أحشوريوش" (Esther before Ahasuereus):
تصور هذه اللّوحة البطلة اليهودية إستر التي ظهرت أمام زوجها الملك أحشوريويش، لمناشدته من أجل شعبها -كان آنذاك الظهور أمام الملك دون استدعاء يعاقب عليه بالإعدام- متوسلةً إلغاءَ حكم ذبح جميع اليهود الذين يعيشون في بلاد فارس، وقد أُغمي عليها في حضوره بعد أن صامَت عن الطّعام مدّة ثلاث أيام، وبدلًا من أن تُعاقَب نجحت إستر في إلغاء المرسوم، ومن ثمَّ أصبح ينظُر إليها على أنّها رمز لشجاعة الإناث (5).
لوحة "سوزانا وكبار السن" (Susannah and the Elders):
تظهر باللوحة سوزانا الفاضلة التي يروي العهد القديم قصتها، حين تعرّض لها رجلان مسنّان فاسقان، وهي تستحم في حديقة منزلها، فصورت أرتميسيا مشهد محاولتها إخفاء عورتها و الانسحاب بعيدًا، وهي قصة تتقاطع مع تجربة أرتميسيا الشخصية (5).
أجرت أرتميسيا تغييرات على التكوين في أثناء الرسم، ممّا أدى إلى توفير مساحة أكبر عن رأس سوزانا للتأكيد على عزلتها و ضعفها (5).
وفاتها:
في عام 1630 استقرت في نابولي وعاشت هناك آخر سنواتِ حياتها وأدارت فيها استديو ناجحًا حتى وفاتها (2,3).
التاريخ الدّقيق لوفاتها غير معروف، لكن بعد تتبُّع آخر أعمالها، ووثائقها فإنّه غالبًا ما يعود إلى ما بين عامي 1652\1654 (1,3).
المصادر:
2.Artemisia Gentileschi | Paintings | National Gallery, London [Internet]. www.nationalgallery.org.uk. Available from: هنا
3.The National Gallery, London. Artemisia Gentileschi (1593 - 1654 or later) | National Gallery, London [Internet]. Nationalgallery.org.uk. 2018. Available from: هنا
4.Judith Beheading Holofernes | Artworks | Uffizi Galleries [Internet]. Uffizi.it. 2019. Available from: هنا
5.The National Gallery. Five heroines by Artemisia | Artemisia | National Gallery, London [Internet]. www.nationalgallery.org.uk. Available from: هنا