الكيمياء والصيدلة > لقاحات
لقاح لعلاج إدمان الكوكائين بين الحلم والواقع
يعد الكوكائين أحد أقدم المواد اكتشافًا واستعمالًا من قبل البشر، إذ سُجل أول استعمال للكوكائين من قِبل السكان الأصليين لأمريكا الجنوبية الذين مضغوا أوراق (نبات الكوكا - Erythroxylum coca) -التي تحتوي على الكوكائين- التي تزيد قدرة أجسادهم على التحمل [1]، فضلًا عن قدرتها على تسكين ألم الجوع -في رحلات الصيد الطويلة-، إذ يرفع الكوكائين مستوى سكر الدم لأعلى من مستوى السكر الصيامي [2]، لكن هذا الاستعمال العشوائي تناقص مع مرور الزمن تناقصًا كبيرًا، بسبب خطورة الكوكائين على الجهاز العصبي المركزي وقدرته الكبيرة على إحداث الإدمان.
أما في وقتنا الحالي، فيحتل الكوكائين مكانةً مهمةً في قائمة المواد المُحدثة للإدمان في كافة أنحاء العالم، وقد قُدِّرَت أعداد مدمني الكوكائين بما يقرب 21.5 مليون في العام 2023 في العالم(وفقًا لتقرير صادر عن مكتب العقاقير والجرائم في الأمم المتحدة في العام 2023 م)، وهذا العدد في ازدياد واضح، إذ إن زيادة الأشخاص المتناولين للكوكائين يحدث بمعدل أسرع من نمو التعداد السكاني! [3]
و قد أدى إلى ازدياد معدلات الجرائم المرتكبة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي [1]، لذلك تتضافر الجهود العالمية لإيجاد طريقة فعالة لمساعدة المدمنين على الإقلاع عن إدمان مثل هذه المواد الضارة.
ومن الطرائق الحديثة نسبيًّا التي يُعمَل عليها لعلاج إدمان الكوكائين هو إنتاج لقاح يمنع الكوكائين من إعطاء تأثيراته في الجسم، إذ بدأ التفكير به والعمل على تقييم أمانه وفعاليته منذ عام 2002 م تقريبًا [4].
يعدُّ اللقاح المضاد للكوكائين استراتيجية جديدة وفعالة في علاج إدمان الكوكائين، وهو يحرّض الجهاز المناعي -اللمفاويات البائية تحديداً- في جسم الإنسان على إنتاج أضداد للكوكائين، وهذه الأضداد بدورها ترتبط بجزيئات الكوكائين -أو بأحد مستقلباته الفعالة- [4,5] في المجرى الدموي مُشكّلة جزيئات حيوية ذات حجم كبير، فتعيق عبورها للحاجز الدموي الدماغي، وتقلل بذلك تأثير الكوكائين في الدماغ، وخاصةً (آثار النشوة - Euphoric effects)، الأمر الذي يساعد المدمن على إيقاف إدمان الكوكائين تدريجيًّا [4].
وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتوفر اللقاح -أو أية أدوية أخرى- لعلاج المدمنين حتى يومنا هذا، لكنه لا يزال خاضعًا لعديد من الدراسات بهدف إثبات فعاليته وأمانه [6] بالإضافة لإيجاد السواغات الأمثل لاستخدامها في تصنيع هذا اللقاح، وتُجرى معظم الدراسات الحالية على نماذج من حيوانات التجارب -ذكور وإناث- خصوصًا بعض أنواع القرود المسماة (قرود القشّة -marmosets) [4].
وينصب تركيز العلماء حاليًّا على القيام بالتجارب ما قبل السريرية أو السريرية لمختلف أنواع اللقاحات المضادة للكوكائين، للوصول إلى الصيغة المثلى التي تضمن علاج المدمن دون إحداث أي ردود فعل مناعية أو آثار جانبية خطيرة مهددة للحياة.
المصادر: