الفنون البصرية > تعرف إلى فن
فن التجهيز بالفراغ Installation Art
هل سبق لك أن كنت جزءًا من عملٍ فنّي!
في عالم الفن الحديث حيث وُلدت وتطورت واستكشفت كثيرًا من مظاهر الفن، لا يوجد تقريبًا أي مظهر آخر من مظاهر الفن المدهشة والمثيرة للإعجاب والفضول مثل فن التجهيز بالفراغ (1).
فن التجهيز بالفراغ (Installation Art) هو مصطلح يصف الأعمال الفنية التي تتطلّب إنشاءات ذات أحجام كبيرة وتُصمَّم بعدة تقانات (Mixed-Media) لمكان محدد ولفترة زمنية مؤقتة (1).
وغالبًا ما يشغل هذا النوع من الأعمال الفنية غرفة كاملة، أو كامل مساحة صالة العرض، وينبغي على المُشاهد أن يتجوّل داخلها حتى يتفاعل كليًّا مع العمل الفني ومواده المختلفة التي يشكل الضوء والصوت العناصر الأساسية فيها (1).
غيرَ أن بعض هذه التجهيزات تُصمّم للتجول حولها وتأملها من الخارج فقط دون الولوج فيها، أو أنّها قد تكون هشة للغاية بحيث لا يمكن أن تُشاهَد سوى من مدخل صالة العرض أو من إحدى زوايا المكان (1).
وإن ما يجعل فن التجهيز فنًّا مُختلفًا عن غيره من الفنون الأخرى كالنحت وباقي أشكال الفن التقليدية مثل الرسم الذي ينظر إليه عادةً من نقطة مرجعية واحدة؛ هو كونه تجربة متكاملة وليس عرضًا لأعمال فردية منفصلة فينشط فن التجهيز عدة حواس بآن واحدة كاللمس والصوت والشم بدلًا من الاعتماد على حاسة البصر فقط، إنّ الفكرة الرئيسة في فن التجهيز هي التركيز على كيفية تلقي المشاهد للعمل (2-1)، وتقديم تجربة مكثفة له. وكما قال الفنان إيليا كاباكوف (Ilya Kabakov):
"إن الممثل الرئيس في كل العمل التجهيزي، والمركز الرئيس الذي يُوجّه كل شيء نحوه، والمعني بكل شيء، هو المُشاهد" (1).
يمكن عرض أعمال فن التجهيز بالفراغ في أي مكان حرفيًا من معارض ومتاحف إلى الأماكن العامة كالملاعب والشوارع ومواقع البناء، فعادةً ما تبرز هذه الأعمال وتلفت انتباهك بمجرد رؤيتها أو سماعها أو الشعور بها، لكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب جدًّا التمييز بين العمل الفني التجهيزي وأي مشهد عفوي من الحياة اليومية (3).
وذلك كما حدث في إيطاليا عندما أساءَت مجموعة من عمال النظافة تفسير عمل فني تجهيزي من صنع الفنانتان جولدشمايد (Goldschmied) وشياري (Chiari) في المتحف، ظنًّا منهم أنه عليهم تنظيف المنطقة من مجرد "قمامة" تركها شخص ما وراءَه (3).
لابدّ لنا هنا من الحديث عن أبرز معارض فن التجهيز بالفراغ التي أُقيمت في سورية، ألا وهو معرض "كان يا مكان... شباك" عام 2022م، إذ تدلّت مئات الحمامات الخزفية في شوارع دمشق القديمة، المعرض الذي أُقيم بإشراف الفنانة السورية "بثينة علي" التي تُعدّ من رواد هذا الفن في سورية (4) .
تقول بثينة علي في فن التجهيز بالفراغ: " بدأت مسيرتي المهنية كوني رسامة، فلم يكن الرسم كافيًا لإيصال رسائلي. وبعد أن أدركت أن الفن قد استحوذ على التقاليد وحرّر أدواته، أدركت أنني مقيدة. فلماذا لا أستفيد من مزايا هذا المسار الفني الجديد، لإيصال أفكاري، والتفاعل مع مشاهديني!" (5).
من المُحزن أن عرض الأعمال الفنية التجهيزية غالبًا ما يكون مؤقتًا، وقد يكون توثيق العمل الفني الدليل الوحيد الباقي على وجوده خاصةً إذا لم تُباع أو تُوضع في أي معرض أو متحف، إذ يُفكَّك العمل بعد انتهاء العرض ويُعاد إلى استوديو الفنان ويوضع في المخزن. مما يشكل تحدّيًا لسوق الفن في تحويل مثل هذه الأعمال إلى سلعة وبيعها. لذا، سواء أذعن الفنانون للسوق أم لا، أو أصبح السوق أكثر ملاءمة لفن التجهيز بالفراغ، سيظل هذا الأسلوب في عرض الفن يكسر حدود إدراكنا بكل طريقة ممكنة. إنه موجود ليُشاهَد ويُجرّب بشكل كامل، لغمر المشاهد وأسر الجمهور، وتحدي مفاهيم الفن والتعبير (6-3).
هذا المقال مُهدى إلى روح الدكتورة الفنانة بثينة علي.
المصادر:
2. IMMA. Installation Art | IMMA [Internet]. IMMA. 2018. Available from: هنا
3. Lansroth B. What Is Installation Art and How Does It Transform Our Perception? | Widewalls [Internet]. www.widewalls.ch. 2016. Available from: هنا
4. [Internet]. Instagram. 2020 [cited 2024 Oct 12]. Available from: هنا
5. Arabic [Internet]. Buthayna Ali.com. 2024 [cited 2024 Oct 12]. Available from: هنا
6. IMMA. Installation Art | IMMA [Internet]. IMMA. 2018. Available from: هنا