الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة السياسية
بعدَ أمدٍ طال، سوريا دونَ النظام السلطويّ، فما تأثيرُه على المجتمع؟
كيف تتحكّم الأنظمة السلطويّة في المجتمع؟
لفهم قوة الديمقراطية وطريقة عملِها، يجب أن نعرف كيف تتشكّل المواقف السياسية وسلوكيات الأفراد. في الدول التي تتمتع بأنظمة ديمقراطية مستقرة، لقد دُرس هذا الموضوع على نحوٍ واسعٍ. لكن في الدول التي خرجت من حقبة حكم ديكتاتوري، يبقى السؤال الأهم: كيف يؤثر الماضي السلطوي في تشكيل الأفكار والمواقف السياسية (1)؟
اليوم، يعيش حوالي نصف سكان العالم تحت أنظمة سلطوية، سواء أكانت مغلقة تمامًا أم تعتمد الانتخابات بوصفِها واجهةً شكليةً للحكم، و 40% آخرون من سكان العالم عاشوا في دول مرت بفترات حكم ديكتاتوري خلال الثمانين عامًا الماضية. وهذا يعني أن تسعة من كل عشرة أشخاص في العالم اليوم قد تأثروا تأثُّرًا مباشرًا أو غيرَ مباشرٍ بالأنظمة السلطوية.
الأمر الأهمّ هو وجود اتفاق واسع وانتشار عديد من الأدلة على أن هذه التجارب تركت أثرًا كبيرًا ومستمرًا في مواقف وسلوك الأفراد الذين عاشوا تحت هذه الأنظمة، وأحيانًا لفترات طويلة بعد سقوطها. ومع ذلك، لا يزال فهمنا محدودًا على نحوٍ مدهشٍ عن كيفية ظهور واستمرار هذه التأثيرات السلطوية (1).
تسيطر الأنظمة السلطوية على وسائل الإعلام والمعلومات، ممّا يُمكّنها من فرض أيديولوجيتها على المواطنين. ومع ذلك، لفهم الإرث الفكري والسلوكي للسلطوية، يجب دراسة آليات التلقين على المستوى الكلي جنبًا إلى جنب مع الآليات المؤسسية والاجتماعية على المستويين المتوسط والفردي، التي تسهم في استيعاب الأفكار السلطوية أو مقاومتها.
ما علاقة شخصية الديكتاتور؟
من اللافت أنّ الدراسات المتعلقة بالديكتاتور الشمولي كشخصية نموذجية ما زالت قليلة جدًّا، وذلك إن وجدت. قد يكون الأمر أنّنا لم نقترب كثيرًا من بناء نموذج نفسي عملي لهذا النوع من القادة أكثر مما قدّمه أفلاطون في وصفه البارع لنموذج "الطّاغية" في كتابه الجمهورية (2).
لماذا قد يرغب الناس بحكم الديكتاتور؟
لدراسة الجانب النفسي للأنظمة السلطوية أهمية كبيرة لفهم السبب وراء دعم الناس العاديين لهذه الأنظمة وقادتها. تتنوع الإجابات بين ثلاثة اتجاهات رئيسة: الأول يركز على الصفات الفردية للأشخاص الذين يجدون في القادة السلطويين نموذجًا جاذبًا. الثاني يتناول العوامل النفسية والاجتماعية التي تجعل الأفراد يميلون إلى تبني السلطوية بوصفها خيارًا. أمّا الثالث، فينظر إلى ميل الناس لتبرير النظام الذي يعيشون تحته، مهما كان سلطويًّا، بدافع الدفاع عن الوضع الراهن وتجنُّب التغيير (3).
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في النهاية : ما نوع المعلومات؟ ومن هم الفاعلون الرئيسيون في التنشئة الاجتماعية وتغيير السلوكيات السياسية؟
تتداخل مستويات التأثير: النظام السياسي على المستوى الكلي، المنظمات الاجتماعية على المتوسط، والعائلة والأصدقاء على الفردي. يبقى السؤال: كيف يتفاعل مشروع التنشئة السلطوي مع أجندات الفاعلين الآخرين (1)؟
المصادر:
2. Friedrich CJ, Brzezinski ZK. The dictator and totalitarianism. World Politics. 1956;8(4):541–554. Available from: هنا
3. Adorno TW, Frenkel-Brunswik E, Levinson DJ, Sanford RN. The authoritarian personality. In: Christie R, Jahoda M, editors. Studies in the Scope and Method of the Authoritarian Personality. Oxford: Oxford University Press; 2020. p. 144–180. Available from: هنا