الفنون البصرية > قاموس المصطلحات الفنية

الحبكة الملتوية (Plot Twist)…رحلة خاطفة من المتوقع إلى المجهول

إنّ التحولاتِ والمنعطفات التاريخية، التي تباغتُنا وتغيّر واقعنا إلى واقعٍ جديدٍ غيرَ مألوف وغيرَ قابلٍ للتّنبؤ، لا يمكن وصفها بأقل من كونها حبكة ملتوية (Plot twist) فعلية، تتركنا مُعلَّقين على حافة مقاعدنا، ننظر نحو مستقبلٍ مجهولٍ بخليطٍ من مشاعر الخوف والفضول والترقُّب، لكن ما هذه "الحبكة الملتوية"؟ وما دورها في الأفلام؟

في القصص، تتواجد العقد أو الحبكات (Plots) على مستويين. المستوى الأول: يتجسد في الحبكة التي يحيكها الكاتب، وهو مَن يخلق خط سير الأحداث، والمستوى الثاني: هي الحبكة التي تحيكها الشخصيات ذاتها، تتمثل في مخططاتهم ومؤامراتهم لتحقيق أهدافهم الخاصة وضمان أن تسير الأمور لمصلحتهم (1).

إن هذين المستويين هما محاولة لفرض السيطرة والتحكم، فالكاتب يحاول التحكم بتوقعات القارئ والتجربة التي يعيشها خلال القراءة، والشخصيات تحاول أن تتحكم بشخصيات أخرى وبعشوائية الحياة التي تعيشها ضمن سياق القصة، وفي بعض الأحيان قد تتعارض مخططات الكاتب مع مخططات الشخصية، وهنا ينشأ ما يُعرف بالحبكة الملتوية (1)، وهو تغيُّر جذري في الاتجاه الذي تسلكه الأحداث أو ظهور نتائج غير متوقعة ومفاجآت في النهاية (2).

في الأفلام، إضافةً إلى السياق المذكور سابقًا، يمكن أن تظهر الحبكة الملتوية ضمن سياق آخر (3). فعندما يتعلق الأمر بالشاشة الكبيرة، هناك فرضية واعتقاد بشفافية وموضوعية ما نراه من عالم الفيلم، وأنه هو الصورة الكاملة، وهذا ما يؤدي إلى تبني المشاهد توقعات معينة (3).

لكن كما يقول مارتين سكورسيزي: "السينما هي ما يظهر في الكادر وما لا يظهر" (4). فغالبًا ما نرى أحلامًا وتوهمات، أو مقتطفاتٍ لا تسير في خط زمني مستقيم، كل هذه الأدوات تلعب على توقعات المشاهد، وتساعد على ليّها وسحب البساط من تحته دون أن يشعر (3).

وعادةً ما يكون الهدف من ذلك هو شد المشاهد، وخلق شعور من القلق والتوتر والترقب، بعد أن تحطمت التوقعات وانتقل الفيلم به إلى واقع مجهول (2).

هذه التقنيات ليست حكرًا على الأفلام الروائية أو المتخيلة فقط، فمؤخرًا، بدأت الأفلام الوثائقية تتجه إلى استعارة بعض الأدوات والأساليب من السينما الروائية،  كالبنية الدرامية، وعدم مشاركة بعض المعلومات في بداية الفيلم بهدف مفاجأة المشاهد لاحقًا (4).

هذه الأساليب قد تنقص إلى حد ما من بعض السمات التي لطالما قدّرها واحترمها العالم في الأفلام الوثائقية، وغالبًا ما يُربَط بين هذه الأفلام والأفكار والمعلومات التي تقدمها، والتلاعب بذلك يؤثر في ميزاتها التي تنفرد بها عن الأفلام الروائية (4).

رغم ذلك، فإن معظم الأفلام الوثائقية الناجحة اليوم هي أفلام تجارية، كأفلام الجرائم الحقيقية، التي تعطي الأولوية لإرضاء الجمهور من الناحية العاطفية على الناحية الفكرية، وهو ما يثير تساؤلاتٍ عديدة عن التعارض بين المتعة والقيمة الفنية، ووقوف الحبكات الملتوية في وجه الحقيقة والفهم الفعلي للمعلومات (4).

هل تعتقدون أنّ استخدام هذا الأسلوب يؤثر في مصداقية الأفلام الوثائقية؟ وما أهم الأفلام بنظركم التي احتوت حبكةً ملتويةً ناجحةً ومفاجئةً؟

المصادر:

1.Ryan ML. Cheap Plot Tricks, Plot Holes, and Narrative Design. Narrative [Internet]. 2009;17(1):56–75. Available from: هنا

2.Wilson G. Transparency and Twist in Narrative Fiction Film. The Journal of Aesthetics and Art Criticism [Internet]. 2006;64(1):81–95. Available from: هنا

3.Martin Scorsese Quotes (Author of Scorsese on Scorsese) [Internet]. www.goodreads.com. Available from: هنا

4.White Lies: In Defence of Plot Twists in Contemporary Documentaries

Screen. 2022;63(4):495–512. doi:10.1093/screen/hjac056. Available from: هنا