سلسلة أمراض خلف القضبان؛ السِّل – ماذا خفيَ وراء القُضبان؟

حملت الأيام الماضية مشاهدَ مؤلمةً للسوريين من قضبانٍ سار فوقها شعبنا سنواتٍ عدة، وأخفت آمالَ كثيرين، انتظروا الحياة وآمنوا بها إلى أن أبصروا الضوء في نهاية المطاف، فخرجوا يحدِّثون بما شهدوه لسنوات.

فضلاً عن هذه القصص، لا يجب أن ننسى الجانب الصحِّيَّ وما أخفته هذه الآلام خلف قضبانها من أمراضٍ كبرى شاع انتشارها.

ويبرز السِّل بوصفه أحدَ أخطر هذه الأمراض الَّتي تتطلَّب تداخلاً عاجلاً للحيلولة دون فاشيَةٍ على مستوى المجتمع.

يُعدُّ السِّل سبباً أوَّلاً للوفيَّات والمراضة النَّاجمة عن الأمراض المعدية عالمياً، ورغم انخفاض معدَّلات الإصابات بمقدار 9% بين عامي 2015 و2019 فإنَّ المعدَّلات الشديدة لانتشار السِّل بين المجموعات عالية الخطر كالمساجين، ما تزال تمثِّل أحد التحدِّيات المهمَّة (1).

إنَّ خطر انتشار السل بين هؤلاء الأفراد أعلى بـ 5 إلى 70 مرَّة منه لدى العامَّة. ويُعدُّ انتشار السِّل خلف القضبان من الاعتبارات المهمَّة بهدف تحقيق أهداف مُنظَّمة الصحَّة العالميَّة (1).

وجديرٌ بالذكر أنَّ الإنتان السِّلِّي الذي ينتشر بين تلك الفئة يُعدُّ من أنواع السِّلِّ المقاومة للعلاج، إذ تؤدي تلك الأماكن دوراً مهمَّاً في إطلاق فاشياتٍ من هذه الأنواع من الإنتانات ضمن المجتمع (2).

من الضروري أن يتلقَّى الأشخاص المصابون العلاجَ الفعَّال لهذه الإنتانات، وتجدر مُراقبتهم ليس في أثناء وجودهم خلف القضبان فقط، بل عند خروجهم أيضاً وعودتهم إلى حياتهم في المجتمع تلافياً لانتشار الأمراض المُقاوِمة بين العامَّة (2).

يُوصى بتحرِّي الإنتان السِّلِّي لدى أي فردٍ يعاني سُعالاً غير مُفسَّرٍ يستمر أسبوعين أو أكثر. ومن الأعراض المهمَّة الأخرى الَّتي يراجع فيها المريض القهم ونقص الوزن، فضلاً عن الحرارة والتعرُّق اللَّيلي والإنهاك (3).

تشمل الاختبارات التي يمكن إجراؤها عند الشكِّ بوجود إنتانٍ سلِّيٍّ كلَّاً من صورة الصَّدر الشُّعاعيَّة، واختبار السلِّين الجلديّ، واختبار تحرير الإنترفيرون IGRA، وقد يُلجأ أحياناً إلى الخزعات النَّسيجيَّة (4).

يُذكَرُ أن الإصابات السلِّيَّة لا تقتصر على الطريق التنفُّسيِّ فقط، وإنما يمكن أن تصيب أيَّ جهازٍ آخر، كالسبيل الهضميِّ أو البوليِّ التناسليِّ أو العقد اللَّمفاويَّة، ويتظاهر في هذه الحالات بأعراضٍ مُخاتلة (4).

عند التشخيص، يجب عزل المريض حتى تبدي مسحاتُ القشع سلبيَّةً لثلاث مرَّاتٍ متتالية.

ويتضمَّن العلاج عدداً من الأدوية، ويختلف البروتوكول المُوصى به حسب حالةِ الشخص وطبيعة الإنتان السلِّي لديه، ويستمرُّ العلاج عدَّةَ أشهر. (4)

وهكذا نجدُ أنَّ السلَّ من الأمراض شديدة السِّراية بين الأفراد ولا سيَّما في السجون، لذلك من الضَّروريِّ أن يتلقّى مَن كان خلف القضبان وخرجَ حديثاً رعايةً خاصةً عاجلةً وتقييماً فعليَّاً لتلافي إطلاق فاشيةٍ تهدِّد الأمن الصحِّي للمجتمع.

المصادر: