كتاب > ألـبومات
سقوط الدول وصعودها… هل تنبّأ ابن خلدون بحالنا اليوم؟
تُعدّ مقدمة ابن خلدون عمل رائد يقدّم رؤىً عميقةً في صعود الدول وسقوطها، تجمع بين التاريخ وعلم الاجتماع والفلسفة. وكثيرًا ما يُنظَر إلى المقدمة، التي كُتِبَت في عام 1377، بأنّها مقدمة للعلوم الاجتماعية الحديثة، خاصةً العلوم السياسية والتاريخية.
يُحلّل ابن خلدون ديناميكيات السلطة والحكم، ويُقدّم مفهوم العصبية (التماسك الاجتماعي أو التضامن الجماعي) بوصفهِ عاملًا حاسمًا في إنشاء الدول واستمرارها.
ويرى أن أي دولة أو سلالة ليست أبديّة؛ فهي تخضعُ لدوراتٍ من النمو والنضج والانحدار.
يزعم ابن خلدون أن الدّول تنشأ من التضامن القوي بين الجماعات. فالبشر، كونهم اجتماعيون بطبيعتهم، يحتاجون إلى التنظيم السياسي لتحقيق الأمن والنظام. وتظهر الدولة بوصفها امتدادًا لهذه الضرورة، مما يضمن بقاء المجموعة.
ويمكن للقادة الذين يتمتعون بالكاريزما والقدرة على توحيد شعوبهم أن يستثمروا هذا التضامن بفعالية لبناء دولة.
يبدأ انحدار الدول بحسب ابن خلدون عندما يفقد الحكّام والنخب الاتصال بالقيم والتضامن التي وحدت المجموعة في البداية. ومع انتشار التّرف والرضا عن الذات، يؤدي الفساد والحكم الضعيف إلى تآكل أُسس الدولة.
يرتبط انحدار الدول بفساد الفضائل، فعندما يعطي القادة الأولوية للمكاسب الشخصية على الصالح العام، يتفكّك النسيج الأخلاقي للمجتمع، ممّا يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والانهيار في نهاية المطاف.
يعترف ابن خلدون بالدّور المهم الذي يؤديه الدين، الذي يعمل قوةً متماسكةً خاصةً في المراحل المبكرة من تشكيل الدولة، إذ يمكن للقادة الذين يلجؤون إلى المشاعر الدينية تعزيزَ شرعيتهم وتوحيد المجموعات المتنوعة.
يحذّر ابن خلدون من الدول التي تضع السلطات الدينية في مركز الحكم، ويرى أنّ مثل هذه الدول تواجه التحديات بسبب الافتقار إلى الخبرة السياسية، إذ يبرع رجال الدين في مجال الفقه الديني، أما ميدان السياسة وإدارة الدول فهو ليس من اختصاصهم.
يؤكّد ابن خلدون على أن إدارة الدول تحتاج لمرونة سياسية والقدرة على التكيُّف ومعالجة الشواغل الدنيوية، والتي غالبًا ما تقع خارج نطاق القانون الديني.
اسم الكتاب: مقدمة ابن خلدون
اسم الكاتب: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون
التحقيق: المستشرق الفرنسي إلين مارك كاترمير
دار النشر: مكتبة لبنان ـ بيروت
عن طبعة باريس 1858